نجحت مصر على مدار الأشهر القليلة الماضية فى العودة إلى المحافل الإقليمية والدولية من موقع القوة، فبعد فترة طويلة من وصف ثورة الثلاثين من يونيو بالانقلاب العسكرى، وتجميد أنشطة مصر فى الاتحاد الإفريقى، وحالة التردد الغربى فى التعامل مع النظام الجديد فى مصر، وقيادة أوباما تيار الضغط الدولى على مصر، جاءت مشاركة السيسى فى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، كى تنهى هذه المرحلة وتبدأ مرحلة جديدة، فيها مصر دولة إقليمية فاعلة، شريكة للمجتمع الدولى فى الحرب على الإرهاب، بل رائدة فى هذا المجال على النحو الذى جعل الرئيس الأمريكى باراك أوباما يطلب لقاء السيسى، ويجتمع معه نصف ساعة زيادة عن الوقت المقرر للاجتماع، ويصطحب معه فى الاجتماع مستشارته للأمن القومى ولشؤون مكافحة الإرهاب. كان الرئيس عبد الفتاح السيسى هو النجم الأول للقمة، وقد وصف بعض الإعلاميين الغربيين القمة بأنها «قمة السيسى». تراجع كل من كان يعادى مصر ونظامها عن موقفه، وبدأ فى الانفتاح على مصر والتنسيق معها، إلا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فقد تهجم على مصر بقوة فى القمة، وبعدها بأيام كرر تهجمه فى مؤتمر «دافوس» وهاجم الأممالمتحدة والمنتدى الدولى، لأنه حسب وصفه «استقبل قائد الانقلاب العسكرى على حكم الرئيس الشرعى محمد مرسى» وظل أردوغان يهذى بكلمات من هذا النوع، لم يكن لها مكان فى المحافل الدولية. ولقد تطاول أردوغان على الشعب المصرى قبل قيادته، فقد وصف ثورة الشعب فى الثلاثين من يونيو بالانقلاب، ورفض الاعتراف باختيار الشعب لرئيسه بطريقة حرة ديمقراطية، وتمسك بالقول إن مندوب الجماعة داخل قصر الرئاسة هو الرئيس الشرعى لمصر. من حق أردوغان أن يتحدث كما يشاء فى شؤون بلاده الداخلية، وكذلك فى الدويلات الحليفة والتى كانت جزءًا من إمبراطورية أجداده التى نشرت العنف والدماء والجهل والتخلف فى كل مكان حلت فيه، احتلته وسيطرت عليه، لكن ليس من حقه التدخل فى الشأن المصرى الداخلى، نعلم مدى الإحباط الذى أصابه نتيجة ثورة الثلاثين من يونيو، تلك الثورة التى أطاحت بحكم مرشده والجماعة، ونعلم أن الثورة المصرية أضاعت حلم أردوغان فى الخلافة، لكن استمرار تطاوله على مصر وشعبها لا بد أن يقابل بموقف حاسم وقوى من الشعب المصرى قبل نظامه، فقد سبقت دولة الإمارات العربية المتحدة الجميع بالرد على أردوغان وتحذيره من مواصلة تدخله فى شؤون المصرية الداخلية، كما سبق للحكومة الإماراتية سحب الكثير من الاستثمارات من تركيا، والتوجيه بالبحث عن بدائل للشركات التركية والمنتجات أيضا، وقررت وزارة الإعلام هناك وقف بث المسلسلات التركية على كل شبكات التليفزيون هناك. فى نفس الوقت بدأت حملات شعبية فى الإمارات لمقاطعة زيارة تركيا لأغراض السياحة والتوجه إلى مصر. ولاحقًا ظهرت دعوات فى مصر لمقاطعة تركيا سياحيا وتجاريا، فقد ظهرت دعوات تطالب المصريين بعدم الذهاب إلى تركيا للسياحة ووقف شراء المنتجات التركية. وفى تقديرى أن مقاطعة تركيا بشكل شامل باتت مطلبًا مصريا ملحًّا بعد حملات العداء والكراهية التى تشنها الدولة التركية ضد مصر وشعبها، فلا يعقل أن يواصل أردوغان وقاحاته بحق مصر، وتبادر دول وشعوب عربية بمقاطعة تركيا تجاريا وسياحيا ولا نفعل نحن ذلك، فمقاطعة تركيا سياحيا، واقتصاديا، وسياسيا وتجاريا هو الموقف الذى ينبغى أن يتخذه كل مصرى وطنى شريف محب لبلده. إنها دعوة مصرية خالصة بفرض مقاطعة شاملة على تركيا عقابًا لها على التهجم المتواصل على مصر وشعبها.