حلل رئيس تحرير «التحرير» إبراهيم عيسى كلمة الرئيس السيسي خلال حلقة أول من أمس من برنامج «25/30» على فضائية «أون تى فى» وهذا هو نص ما قاله عيسى فى البرنامج: إن كل مصرى له الحق بأن يفخر بالأداء الرئاسى فى أعمال الدورة (69) من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فخطاب الرئيس السيسى تضمن رسالة غير مباشرة أراد بها التأكيد عليها بعدم أهمية الحصول على «ختم الأمريكان»، لأنه لا يمكن أن نكون أتباعًا لأمريكا كما كان فى السابق. الغرب والإخوان حاربونا إعلاميًّا.. حتى جاء السيسى وقدم لهم الصورة الحقيقية إذا كان الغرب والإخوان قد حاربونا فى ظل ضعف الدعاية المصرية على شاشات العالم، مع وجود حالة من التربص لتقديم صورة سلبية عن مصر فى الإعلام الغربى، حتى نجحوا فى الوصول إلى ما يريدون، فإن السيسى تمكن من صناعة صورة مضادة. سبق وقلت إن ما يحدث هو حرب عقول بين الدول وبعضها، وإن قصتنا مع الغرب والإخوان «قصة صور»، وأرى أننا قدمنا صورة جديدة مثلما كان المشهد فى 30 يونيو، والانتخابات الرئاسية واستفتاء الدستور. إن هناك تفوقًا شديدًا فى أداء السيسي، وإذا قارنا هذا الأداء بأداء التنصيب، سنجد أن هناك تألقًا ممتازًا، حيث إن هذا الخطاب هو الوحيد الذى تعامل فيه الرئيس مع نص مكتوب، حيث إن السيسى مغرم دائما بالارتجال، ومن الملاحظ تماما وجود تطور فى التعبير الجسدى والابتسامة والنطق اللغوى، وجهد منظم وحقيقى من الرئيس الذى «بيشتغل بشكل علمى ومذاكر»، إضافة إلى التفاف المصريين حوله فى أمريكا، والذى شكّل حالة إيجابية بكل المقاييس. توافد المصريين بالآلاف لتأييد السيسى فى أمريكا، يعد أسلوبًا متبعًا فى كثير من الدول، خصوصًا الدول المحيط بها جدل سياسى، حتى يكون هناك نوع من التضامن الشعبى، حيث كان واضحًا أن هؤلاء الذين توافدوا على نيويورك يدافعون عن الحق، والأهم طريقة التسويق لهذا الحق. ورغم أن ثورة 30 يونيو كانت موقفًا حقًّا، لكن كان يوجد فشل فى تسويقها بشكل جيد، مشيرا إلى أن خروج الرئيس عن النص المكتوب، وتوجيه الشكر إلى الموجودين من المصريين، هو ذكاء ورسالة للغرب، بأنه يمتلك شعبية وجماهيرية وأنه قادر على التعبير عن مصالحهم وأحلامهم. أداء الرئيس تطور.. وظهر حرصه على التعبير الجسدى والابتسامة والنطق اللغوى السليم
من الطبيعى أن يتفاعل الوفد المصرى مع خطاب رئيسه، لكن الشىء اللافت أن جميع الرؤساء الذين قدموا كلمة بعد السيسى لم يحصلوا على مثل هذا القدر من الترحيب والتصفيق، فى لفتة لتأكيد تحية الشعب المصرى، يعنى أن الشعب حاضر بكلامه، وأنه لا يتحدث على أنه رئيس فقط، وإنما رئيس شعبى وجماهيرى ومؤيد بثورة. الرئيس السيسى تحدث عن ثورتين، وقال إن ثورة 25 يناير قامت لمواجهة الفساد والتمرد على سلطة الفرد، كما حرص على شرح تفاصيل ما حدث فى 30 يونيو، لأن ثورة يناير تقبلها الغرب، وصفق لها، وعندما حدثت ثورة 30 يونيو، ارتابوا منها لأنهم كانوا يريدون الإخوان، إلا أن الأمر انتهى بالعداء، فالسيسى شرح الموقف أكثر، وتحدث عن الأسباب التى دفعت الشعب إلى الثورة. لفت انتباهى أن السيسى قال «إن الشعب المصرى يدرك وأنا أدرك»، حيث قدم الشعب المصرى، لأن الشعب هو الأصل، وأنه صدى هذا الشعب وصوته، والتعاقب هنا شديد الدلالة، لأن الرئيس يريد «مصر جديدة»، من حيث القيم والمبادئ والاقتصاد والتنمية، فهو تحدث بلهجة شديدة الانتماء إلى البلد. السيسى انتقل إلى مسألة مهمة للغاية، تتمثل فى وجهة نظر مصر عن الإرهاب وكيفية محاربته، حيث يوجد غرام عند بعض المحللين أن الإرهاب مرتبط بالفقر، وأن الفقر يؤدى إلى التطرف، وأعتقد أن هذا الأمر فيه تحقير للفقراء، ومن يتحدث عن القمع نرد عليه بأنه بعد 25 يناير زادت وتيرة الإرهاب، فالحل الذى تطرحه مصر، هو دعم بناء الدولة القومية، كدولة قوية أمام الفوضى، فالرئيس تحدث عن تطبيق المواطنة وسيادة القانون والعمل على توافق وطنى وتنمية شاملة، بينما المحور الثانى هو المواجهة الحاسمة لقوى التطرف والارهاب، وهو ما يعنى المواجهة الأمنية. الرئيس اهتم بالحديث عن الديمقراطية التى اختارها الشعب الليبى، كما تحدث عن سلامة سوريا ووحدة أراضيها، والوقوف ضد الإرهاب، وضد استنساخ النظام المستبد السورى، كما حرص أيضا على الحديث عن وحدة الأراضى العراقية، ورفض فكرة تقسيم العراق، كما أن حديثه عن القضية الفلسطينية لخص الموقف المصرى، بوضع فلسطين على رأس الأولوية المصرية، واعتبارها دولة مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، واستمرارًا لعملية السلام التى قام بها المصريون دون مساومة، مثلما فعلت قطر وتركيا، «تجار القضية الفلسطينية». خطاب السيسى جاء للتأكيد أن ما يقوله رسالة المصريين وليست رسالته، وأنه ينقلها -الرسالة- وكالعادة ذكر السيسى النساء قبل الرجال، والشباب قبل الشيوخ، وبدا حرصه على أن يقول إن رئيس مصر لا يحكم منفردًا، وقد انتهى حكم الفرد، ولا يمكن للرئيس اتخاذ قرار أو تعديل قانون إلا بارادة الشعب المصرى المصدر الوحيد للسلطات، والتأكيد أن مصر منارة الإسلام المعتدل، وأنه فى النهاية هتف تحيا مصر، ولأول مرة رئيس مصرى على ما أذكر يهتف باسم بلده ووطنه فى الأممالمتحدة، وهو موقف مدهش وإعلاء للوطنية