شهدت المحافظات المصرية إعادة ترسيم حدودها نحو 15 مرة منذ أن تم تقسيمها إلى مديريات فى عهد محمد علِى، مرورًا بالحقبة الخديوية والملكية وعصر الجمهورية وقرار عصام شرف رئيس وزراء مصر، عقب ثورة 25 يناير 2011، بإلغاء محافظتى حلوان و6 أكتوبر. توسُّع طولى إعادة ترسيم الحدود فى جميع المراحل التاريخية السابقة شهدت توسُّعًا طوليًّا فى محافظات وادى النيل، يعتمد فيه بالأساس على ضم مراكز وقرى من محافظة إلى أخرى، أو بمعنى أدق اقتطاع وحدات إدارية من محافظة وإضافتها إلى أخرى دون التفكير فى التوسُّع الأفقى للمحافظات. ولم تشهد كل التغيّرات التى طرأت على حدود المحافظات المصرية الاستناد إلى دراسات أو رؤى علمية تفسِّر أهمية تعديل الحدود الإدارية داخل الدولة. إلا أن قرار رئيس الجمهورية الأخير استند إلى مجموعة من الأطروحات والرؤى المبنية على دراسة علمية للخصائص الجغرافية والجيولوجية لجميع أقاليم الجمهورية، ولعل أبرز هذه المقترحات ما تقدَّم به رجل الأعمال منصور عامر، والذى استوحت منه وزارة التنمية المحلية، بنسبة كبيرة، التصوُّر الذى أُعلن عنه فى عرض ملامح التقسيم الجديد، إضافة إلى الاعتماد على دراسة ممر التنمية لعالم الجيولوجيا المصرى د.فاروق الباز. والتى تناولت إماكنية استغلال مخزون المياه الجوفية فى صحراء مصر الغربية وشبه جزيرة سيناء فى تعمير واستصلاح الأراضى الصحراوية فى مصر. ويبقى السؤال الأهم: هل كان من المستحيل تنفيذ كل هذه المشروعات القومية العملاقة فى ظل التقسيم الحالى للمحافظات؟ حيث يعانى بعض محافظات مصر فى ظل الحدود الإدارية الحالية من انعدام التوازن فى الموارد وبالتالى ضعف الناتج المحلى الإجمالى لها، مما يؤثِّر سلبًا على عملية التنمية، فينتج عن هذا النظام المتبع خلل فى نسب التنمية بين المحافظات طبقًا لنصيب كل محافظة فى الناتج القومى الإجمالى. تحديات تواجه القرار الصعيد هو المستفيد الأكبر من عملية إعادة ترسيم الحدود لزيادة مساحة كل محافظة إلى الضعف أو أكثر، إلا أن هناك عديدًا من المعوقات والتحديات التى قد تقف حائلاً أمام تنفيذ هذه المخططات، أهمها: 1- وجود سلسلة جبال البحر الأحمر التى تقطع الطريق بين محافظات الصعيد والبحر الأحمر. 2- يحتاج إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة فى الظهير الصحراوى لمحافظات الصعيد إلى مصادر تمويل ضخمة يصعب على الدولة توفيرها فى الوقت الحالى، طبقًا لحجم المشاريع المستهدف إنشاؤها من مدن سكنية ومناطق صناعية وموانى، إضافة إلى الحاجة إلى مد طرق بين كل محافظة إلى المدن الجديدة والموانى على ساحل البحر. يقترح إعادة النظر فى مسألة استمرار عواصمالمحافظات فى محلّها، كإنشاء مدن جديدة تصبح هى العاصمة الإدارية للمحافظة فى منتصف المسافة بين العاصمة القديمة والميناء الجديد على البحر. التقسيم القديم والتقسيم الجديد يعتمد الاقتصاد المصرى على أربعة روافد رئيسية، هى: (السياحة وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وعائدات قناة السويس، وصادرات البترول والغاز الطبيعى)، وهى مصادر لا تعود فى الأساس على المحافظات بفائدة مباشرة باستثناء عائدات السياحة التى تتمتع بها المحافظات التى تستحوذ على المقومات السياحية، سواء كانت سياحة شاطئية أو سياحة أثرية ودينية. وفى مقارنة بين التقسيم الجديد والتقسيم القديم، فإن التقسيم الإدارى القديم على الرغم من تعديلاته الكثيرة فإنه لم يترتب عليه تغيُّر ملحوظ أو يقدِّم جديدًا، لأنه كان يعتمد على الارتباط بمجاورة وادى النيل، مما أدّى إلى انحسار الكتلة السكنية وخطط التنمية فى حدود وادى النيل، المحسور بين الجبلين الشرقى والغربى، فى معظم محافظات الصعيد، أو دلتا النيل فى الوجه البحرى. بينما اعتمد التقسيم الجديد على التوسُّع الأفقى للخروج من الوادى الضيق من خلال فتح منافذ بحرية للمحافظات الحبيسة فى وادى النيل على ساحل البحر الأحمر، واستغلال هذه المساحات المضافة إلى المحافظات فى إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، وإنشاء مناطق صناعية، مع إقامة ميناء لكل محافظة على ساحل البحر الأحمر، لربط الإنتاج بالتصدير. الصعيد المظلوم دائمًا بصفة عامة تأتى دائمًا محافظات الصعيد باستثناء محافظة الجيزة فى مؤخرة تقرير التنمية البشرية، ولعل من أبرز الأسباب الذى يأتى بمحافظات الصعيد ومحافظة كفر الشيخ فى مؤخرة التقرير هو انعدام الموارد الطبيعية وانحسار عوامل الإنتاج، وبالتالى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة وانخفاض متوسط دخل الفرد وانخفاض مستوى التعليم التى تؤثّر سلبًا بدورها على عملية التنمية. حيث يبلغ متوسط دخل الفرد فى شياخة عجرود - حى عتاقة - محافظة السويس (30642.2 جنيه)، بينما فى نزلة عمرو مركز ومدينة بنى مزار بمحافظة المنيا (9521.5 جنيه). ومن حيث معدل وفيات الرُّضَّع (لكل 1000 مولود حى) كانت مدينة السخنة بمحافظة السويس (2.2)، وشياخة قصر الدوبارة - قسم قصر النيل - محافظة القاهرة (2.7)، الأقل فى معدل الوفيات، بينما معدل وفيات الرضع فى قرية كوم أبو حجر - مركز صدفا - محافظة أسيوط (106.2)، كذلك فى مدينة الغنايم محافظة أسيوط (103.5)، وهو الأعلى على مستوى الجمهورية. وللقضاء على هذه المشكلة كان لا بد من إيجاد مصادر جديدة للتنمية داخل المحافظات من خلال إعادة توزيع الثروات الطبيعية على أكبر عدد ممكن من المحافظات الفقيرة.
الآثار القانونية 1- زيادة عدد الوحدات الإدارية للمحافظة نتيجة إنشاء مدن جديدة وزيادة عدد مدن ومراكز المحافظة الناتجة عن عملية ضم المدن من محافظات أخرى. 2- نتيجة الزيادة فى المدن واستحداث وحدات إدارية جديدة، فإنه يجب إعادة النظر فى الارتباط المركزى بين المصالح الحكومية والوزارات التى تتبعها فى كل من المحافظات، فإنه ليس من المنطقى أن يضطر مواطن إلى السفر من المدن الواقعة على ساحل البحر الأحمر إلى عاصمة المحافظة فى وادى النيل، للحصول على موافقة وكيل الوزارة أو المحافظ فى بعض المسائل التى تتطلَّب توقيعات هؤلاء المسؤولين. 3- إعادة النظر فى عملية تقسيم الدوائر الانتخابية وأعداد النواب داخل مجلس النواب فى الانتخابات اللاحقة لإجراء عملية إعادة الترسيم. شبه جزيرة سيناء يعتمد التقسيم الجديد استحداث محافظة جديدة فى شبه جزيرة سيناء وهى محافظة وسط سيناء،حيث تتمتع شبه جزيرة سيناء بطابع اجتماعى يختلف عن باقى أقاليم الجمهورية، نظرًا للنظام القبلى للسكان الأصليين من البدو، وتختلف طبائع قبائل الجنوب عن طبائع قبائل الشمال، مما يزيد من احتمالات الصدام بينهم نتيجة تقسيم الأراضى التى يسيطرون عليها بين المحافظات الجديدة إلى جانب تشتيت أبناء القبيلة الواحدة بين محافظتين (الجديدة والقديمة). الصحراء الغربية ومطروح 1- تتشابه التركيبة السكانية لهذا الإقليم مع التركيبة السكانية لشبه جزيرة سيناء، حيث الطبيعة البدوية والقبلية، فقد يحدث أيضًا انقسام بين القبائل وبعضها نتيجة إعادة ترسيم الحدود. 2- احتمالية حدوث صدام بين القبائل وبعضها نتيجة إعادة تقسيم الأراضى. 3- وجود أكبر حقل للألغام فى صحراء العلمين التى من المفترض أن تكون محافظة جديدة.