سوف أتوقف هذا الأسبوع عن متابعة فضح نظام مبارك وفساده، الذى أدى إلى ما نحن فيه الآن، ويريد الأتباع والأذناب أن يدافعوا عن هذا النظام الفاسد عن طريق التشهير بثورة 25 يناير وثوارها وترديد هذا الكلام الفاشل الذى يهين الشعب المصرى ويسىء إليه، وإهانته عن طريق هذه المقولات الخبيثة، وسوف أنتقل إلى كلام متفائل بعيدا عن غم مبارك وسيرته. يقام فى المغرب كل عام مهرجان ثقافى فى بلدة أصيلة المغربية القريبة من مدينة طنجة الرائعة بموقعها ونظافتها وشواطئها الرائعة المخططة بشكل علمى وشوارعها الرائعة، وجذب نظرى، كبورسعيدى المولد، أن الشاطئ مفتوح والمبانى بعيدة عنه تماما، بحيث البحر ملك للشعب لا ملك للمبانى الخرسانية الكئيبة، التى بنيت على شواطئ بورسعيد، وحجبت البحر عن نظر المواطنين. المهم أن هذا المهرجان يقام منذ 31 سنة تقريبا، وبدأ صغيرا ثم أصبح من أهم المؤتمرات الثقافية فى العالم، ويقوم على إدارة المهرجان الآن السيد/ محمد بن عيسى، وزير الخارجية السابق، وابن أصيلة ومن مواليدها، ومن المؤسسين أيضا السيد/ محمد أوجار، وزير حقوق الإنسان السابق فى المغرب، ومرافقى فى الرحاله السفير محمد كارم، والصحفى اللامع سليمان جودة، وبالرجوع إلى المهرجان، فى أثناء حضور المهرجان خطرت لى فكرة للمصريين أنه إذا اشتهر أحد أبناء القرى أو المدن، وأصبح شخصية عامة أن يتبنى قريته أو مدينته، وينميها ويحتذى حذو السيد محمد بن عيسى. المهرجان يشمل مسابقات فنية وغنائية وفنا تشكيليا، ويشارك هذا المهرجان أبناء أصيلة، الذين يعيشون عيشة هادئة ومستقرة ومبهجة، وتصبح أيام أصيلة فى أثناء المهرجان حياة موحية بكثير من الأمل والطموح إلى مستقبل أفضل، وفى إطار هذا المهرجان كان الجزء الذى اشتركت فيه هو ندوة حول «العرب غدا.. التوقعات والمآل»، وأشترك فى هذه الندوة لمدة ثلاثة أيام، حضرها لفيف من السياسيين العرب من الجزائر والبحرين والمغرب وسوريا وفلسطين والأردن وسلطنة عمان والعراق ومصر طبعا والسعودية. والمفاجأة فى هذا اللقاء هو المناضل ميشيل كيلو، الذى تردد على سجون سوريا عدة مرات، فشرح المأساة السورية بشكل موضوعى وتاريخى، وطلبت منه أن يكتب مقالا يشرح للمصريين مأساة حكم أسرة الأسد فى سوريا، وطرحت فى الندوة فكرة المؤامرة فى تحقيق ثورة الربيع العربى، وتحدث المفكرون والسياسيون العرب عن أن هذه الفكرة تروج من خلال رجال الحكم الاستبدادى السابق، وتقديم الأولويات التى يمكن أن تتبناها دول الثورات العربية، وفى الجلسة الثانية كانت عن الحرية والديمقراطية، وكيف أن مطلب الحرية مطلب اختيار شعبى عابر اللا أيديولوجيات الحرية، بمعناها الواسع الحرية المسؤولة، والفرق بين الحرية والفوضى، وما فرص التكامل الاقتصادى العربى والخروج من الكلام التقليدى لتحقيق هذه الطموحات، ثم فى الندوة الثالثة كان المتحدثون يتكلمون عن سيناريوهات العرب غدا، وفى الجلسة الأخيرة كان دور المثقف والثقافة بشكل عام من أجل التأهيل والتنمية والكرامة للمواطن العربى. جهد عظيم ومقدر من المهرجان، وفى نهاية اللقاء كان الختام أكثر من رائع، فقدمت الهدايا للمرأة والبيئة والطفل والصيد والتفوق والإبداع، فكانت نهاية سعيدة لأهالى أصيلة البسطاء. إننى أتمنى أن أرى فى مصر هذا النموذج، وهذه الدعوة لكل المثقفين والسياسيين أن يخرجوا من الحجرات المغلقة، والكلام الذى لا يفهمه البسطاء، ويقدموا نموذج أصيلة لكل القرى والمدن التى خرجوا منها.