تشهد مصر الآن عرض الفيلم اللبنانى «دخان بلا نار»، إخراج سمير حبشى، وهو أهم فيلم لبنانى هذا العام، ومن أهم عشرة أفلام عربية، إذ يشهد عودة مخرج موهوب إلى السينما بعد أكثر من خمسة عشر عاماً من إخراج فيلمه الروائى الطويل الأول «الإعصار»، كما يشهد مولد نجمة ستلمع بقوة وبسرعة فى سماء السينما العربية، وهى سيرين عبدالنور، ومولد نجم لا يقل عنها موهبة وأصالة وهو رودنى حداد. ويقوم بالدور الرئيسى فى الفيلم الذى عرض لأول مرة فى مسابقة مهرجان الشرق الأوسط فى أبوظبى الممثل والنجم المصرى خالد النبوى مؤكداً تمرده على القوالب الجامدة، وإقباله على خوض تجارب فنية جديدة عندما تتاح له الفرصة سواء فى القاهرة أو هوليوود أو بيروت، ولا غرابة فى ذلك، وهو الذى بدأ فى «المهاجر» مع سيد المتمردين الراحل يوسف شاهين. وقد عرض الفيلم فى مهرجان لندن وفى مسابقة مهرجان «قرطاج» وكان من المؤسف حقاً ألا يعرض فى مسابقة مهرجان «القاهرة للأفلام العربية»، بناء على رفض بعض أعضاء «المكتب الفنى» للمهرجان باعتباره «ضد سوريا»، ويسىء إلى العلاقات بين مصر وسوريا، وكأن مهرجان أبوظبى لا يهتم بالعلاقات بين سوريا والإمارات، بينما احتفل بدمشق عاصمة الثقافة العربية بحضور وزير ثقافة سوريا، أو كأن مهرجان «قرطاج» أراد الإساءة إلى العلاقات بين سوريا وتونس. والأهم اعتبار الفيلم «ضد سوريا» لأنه فيلم لبنانى لمخرج لبنانى يدافع عن استقلال لبنان، رغم اعتراف سوريا بهذا الاستقلال فى نفس العام. ومن المفارقات اللافتة ألا يتردد بعض من نقاد السينما فى إدارة مهرجان القاهرة فى منع الفيلم من العرض فى المهرجان، وموضوعه هو الحرية ورسالته ضد القمع بجميع اشكاله، فالفيلم ليس ضد سوريا وإنما ضد قهر الحريات فى لبنان وسوريا وكل البلاد العربية وكل العالم، أياً كان الذين يقهرون الحريات ومهما كانت جنسياتهم والنظم السياسية التى ينتمون إليها، ويدين الفيلم المثقف الذى يساهم فى القمع على أى نحو ولو بالصمت حتى يبدو أن المنع فى مهرجان «القاهرة» من نقاد شعروا أن الفيلم ضدهم، وليس ضد سوريا. ويعبر سمير حبشى عن موضوعه من خلال مخرج سينمائى مصرى يذهب إلى بيروت باعتبارها عاصمة أعرق ديمقراطية عربية لصنع فيلم يدافع عن الحرية، ولكنه يجد بيروت أسيرة، ويتعرض هو نفسه للأسر. ويستخدم السيناريو شكل الفيلم داخل الفيلم بامتياز، ويستوعب المخرج المؤلف فى أسلوبه أحداث تيارات سينما ما بعد الحداثة، ويثبت أنه لم ينتظر خمسة عشر عاماً لإخراج فيلمه الثانى عبثاً، وإنما احتراماً لفن السينما، وحباً فى بلاده، ورغبة فى التعبير بأقصى قدر ممكن من الحرية دفاعاً عن الحرية. [email protected]