سعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الخميس    خبير اقتصادي يوجه رسالة لمحافظ البنك المركزي بشأن السوق السوداء للدولار    الإسكان: جارٍ تنفيذ 1356 شقة ب "سوهاج الجديدة".. و5.7 مليار جنيه إجمالي الاستثمارات بالمدينة    بعد انتهاء عيد الأضحى 2024.. أسعار الحديد والأسمن اليوم الخميس 20 يونيو    بوتين من فيتنام: دعم الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين موسكو وهانوي    وول ستريت جورنال: 66 من المحتجزين في غزة قد يكونوا قتلوا في الغارات    أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني في العالم    انقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص في الإكوادور    إعلام إسرائيلي: نتنياهو وافق على تشكيل هيئة وزارية أمنية مصغرة بمشاركة بن غفير    يورو 2024، موعد مباراة إنجلترا والدنمارك والقناة الناقلة    أزمة في عدد من الأندية السعودية تهدد صفقات الموسم الصيفي    أول تحرك لنادي فيوتشر بعد إيقاف قيده بسبب "الصحراوي"    قرار من النيابة بشأن سقوط شرفة منزل على 4 سيدات ببولاق    بعد وفاة مئات الحجاج وفقدان آخرين.. كيف نحمي أنفسنا من الإجهاد الحراري؟    غرق شاب عشريني في أحد بشواطئ مطروح    تركي آل الشيخ : "ولاد رزق 3" أول فيلم يتخطى حاجز ال100 مليون في أسبوع    سهرة وعشوة.. القصة الكاملة لمحاولة قتل الشيخ محمد صديق المنشاوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟ توضيحات دار الإفتاء    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    ثلاثة أخطاء يجب تجنبها عند تجميد لحوم الأضحية    منتخب السويس يلتقي سبورتنج.. والحدود مع الترسانة بالدورة المؤهلة للممتاز    دراسة بجامعة "قاصدي مرباح" الجزائرية حول دور الخشت فى تجديد الخطاب الدينى    تصل إلى 200 ألف جنيه، أسعار حفلة عمرو دياب بالساحل    سعر الذهب اليوم في مصر يهبط ببداية تعاملات الخميس    مطار القاهرة يواصل استقبال أفواج الحجاج بعد أداء مناسك الحج    «تجهيز مابولولو وعودة الوحش».. الاتحاد السكندرى يستأنف تدريباته استعدادًا لفاركو في الدوري    غلق منشأة وإعدام 276 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بجنوب سيناء    تركي آل الشيخ يدعو أسرتي مشجعتي الأهلي لأداء مناسك العمرة    خبير فلسطينى: ما تطرحه واشنطن وبايدن لوقف إطلاق النار بعيد عن التنفيذ    القضاء الفرنسي يحاكم امرأتين أدعتا أن بريجيت ماكرون متحولة جنسيا    كيفية الشعور بالانتعاش في الطقس الحار.. بالتزامن مع أول أيام الصيف    في هانوي.. انطلاق المباحثات الثنائية بين الرئيس الروسي ونظيره الفيتنامي    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    اسعار حفلات عمرو دياب في مراسي الساحل الشمالي    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    سبب الطقس «الحارق» ومتوقع بدايته السبت المقبل.. ما هو منخفض الهند الموسمي؟    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    يورو 2024| صربيا مع سلوفينيا وصراع النقاط مازال قائمًا .. والثأر حاضرًا بين الإنجليز والدنمارك    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    خاص.. موقف الزمالك من خوض مباراة الأهلي بالدوري    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الدستور الأصلي» يكشف: اختفاء 33 ألف فدان من بحيرة المنزلة خلال شهور
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 08 - 2014

من سيئ إلى أسوأ، هذه هى حال بحيرة المنزلة، لا تتغير قبل أو بعد زيارة رئيس الوزراء إبراهيم محلب للبحيرة قبل نحو شهر فى 22 من يوليو الماضى، فالبحيرة التى كانت تعتبر بمثابة الرئة لمحافظات الدلتا والقاهرة، أوشكت على الاختفاء، على يد مافيا التجريف، إلى أن تراجعت مساحة البحيرة من 750 ألف فدان فى الستينيات، إلى أقل من 100 ألف فدان الآن، ومن المرجح أن تخسر البحيرة فى غضون أشهر قليلة 33 ألف فدان إضافية، إذا استمر العمل فى المشروع «الكارثة» المسمى بكوبرى وطريق العجايبة، الذى تم بموافقة محافظ بورسعيد، على الرغم من اعتراض الأجهزة التنفيذية بهيئة الثروة السمكية، ومحافظة الدقهلية، ونقابة الصيادين، وغيرها من الأجهزة والمنظمات، على إنشاء هذا الطريق الذى يشق البحيرة، ويعزل 33 ألف فدان منها، ويتركها نهبا لمافيا تجفيف أراضى البحيرة، ليكون بمثابة المسمار الأخير الذى يُدق فى نعش البحيرة.
الصيادون أكدوا ل«الدستور الأصلي» أنه لا توجد إرادة حقيقية لدى الأجهزة التنفيذية بالدولة لإنقاذ بحيرة المنزلة، أو على الأصح ما تبقى منها، وأنه ومنذ زيارة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، ومعه اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، واللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية إلى البحيرة، فى منتصف شهر يوليو الماضى، حتى اليوم لم يحدث أى جديد تحت شمس البحيرة، حيث استمرت التعديات من أصحاب الأحواز، بجانب عمليات تجفيف منظمة للبحيرة تتم لصالح أصحاب النفوذ، وسط إغماض عين المسؤولين بالمسطحات المائية بالمطرية، عن تلك التعديات، فى ما يشبه التواطؤ، واستمرار العمل بكوبرى وطريق العجايبة الذى يشق مياه البحيرة ويلتهم مساحة تصل إلى ثلث المساحة المتبقية من المنزلة، على الرغم من وعود رئيس الوزراء بإنهاء هذه المشكلة ووقف العمل بالكوبرى والطريق، وإعادة الأمر إلى ما كان عليه، كما استمرت عمليات فرض السطوة والسيطرة على البحيرة، ونهب الصيادين من مسجلى الخطر والهاربين من الأحكام الجنائية، وتجار الآثار الذين يتخذون من البحيرة وكرا لهم، على الرغم من الحملات الأمنية المتكررة على المنزلة، التى لم تأت إلى الآن بجديد.
صرف صحى وصناعى
محمد فهمى حمودة «صياد»، أكد أن بحيرة المنزلة كانت من أعظم البحيرات الموجودة فى منطقة الشرق الاوسط، إلى أن طالتها يد الإهمال، وعمل الفساد على اغتيالها منذ سنوات، حتى قاربت البحيرة على الاختفاء، مشيرا إلى أن عمليات الصيد فى البحرين الأحمر، والمتوسط، تكون نصف سنوية لإعطاء الفرصة لتجديد الأسماك الموجودة فى هذه البحار، إلا أن الله أعطى لبحيرة المنزلة القدرة على التجديد المستمر، حيث إن عمليات الصيد بها كانت لا تتوقف، ولا يؤثر ذلك على الثروة السمكية الموجودة بها، كل ذلك كان موجودا حتى السنوات الثلاثين الأخيرة، عندما اتخذ قرار حكومى بتحويل مصرف بحر البقر باتجاه البحيرة، ليلقى بلايين الأمتار من المخلفات الصناعية والصرف الصحى بها، بالإضافة إلى مئات الآلاف من أمتار المخلفات التى يلقيها مصرف بحر حادوس، وغيره من المصارف فى البحيرة سنويا، لتبدأ الحياة السمكية والحياة الطبيعية فى البحيرة فى الانتهاء تدريجيا، ويصاب الصيادون وأسرهم بأمراض الفشل الكلوى والكبدى، وفيروس «سى»، بسبب تلوث مياه البحيرة بالعناصر الثقيلة والدهون والأصباغ والمركبات الكيميائية المختلفة، التى تأتى كنتيجة لصرف ملايين الأمتار المكعبة من الصرف الصناعى والصحى فى البحيرة كل عام.
ولمعرفة حجم الكارثة، يقول حمودة إنه يكفى العلم بأن واحدا من بين اثنين من الصيادين مصابا، إما بفيروس «سى»، أو بالفشل الكلوى أو الكبدى، حتى إن أعضاء مجلس النقابة العامة للصيادين، والبالغ عددهم 9 أعضاء، بينهم 5 مصابين بتلك الأمراض، فضلا عن أن أغلب الصيادين امتدت بطونهم أمامهم، بسبب تلك الأمراض، مؤكدا أن وفدا من الصيادين التقى خالد الحسنى، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، منذ أيام وطالبه الوفد بضرورة تغيير مسار مصرفى بحر البقر وبحر حادوس اللذين يلقيان بملايين الأمتار المربعة من الصرف الصناعى والصرف الصحى فى مياه البحيرة سنويا، إلا أن رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية أكد لوفد الصيادين أن الأمر مستحيل فى الوقت الحالى، بسبب العجز الموجود فى الموازنة العامة للدولة، خصوصا أن مشروعا بهذا الحجم سيكلف خزينة الدولة المليارات.
محمد عاصم، صياد تساءل عن المسؤول منذ سنوات طويلة عن اتخاذ قرار بصب مصرف بحر البقر، وبحر حادوس وغيرها من المصارف مياهها فى بحيرة المنزلة؟ ليقضى تماما على الحياة السمكية بالبحيرة، ويصيب آلاف الصيادين بأمراض الكبد والكلى، وتساءل أيضا عن من الذى أصدر قرارات بالموافقة لمئات المصانع بصرف مخلفاتها فى البحيرة؟ وأخيرا من المسؤول عن القضاء على كنز من أهم كنوز مصر الطبيعية بهذا الشكل؟
عبد الكريم الرفاعى، رئيس جمعية الصيادين بالمطرية، بمحافظة الدقهلية، طالب المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بضرورة اتخاذ قرار بوقف الصرف الصناعى عن بحيرة المنزلة، والقادم من 25 مصنعًا بمحافظة بورسعيد، بالإضافة إلى مصانع المنطقة الصناعية بالعصافرة، كما طالب الرفاعى بوقف الصرف الصحى القادم من القاهرة على البحيرة من خلال بحر حادوس، وضرورة تطهير المنزلة، وفتح البواغيز، وحل مشكلة ارتفاع نسبة الإطماء داخلها.
جهاز شؤون البيئة، فرع المنصورة، برئاسة الدكتور هشام ربيع، رئيس الجهاز، عقد اجتماعا مطولا يوم 11 أغسطس الجارى، واتخذ بدوره قرارا بإلزام الشركات التى تقوم بالصرف فى بحيرة المنزلة بتوفيق أوضاعها، وهى شركات الدقهلية للغزل والنسيج، وشركة المنصورة للراتنجات، وشركة النيل للتصنيع الزراعى، وشركة المعلبات المصرية بست، وشركة الزيوت والصابون، وتم الاتفاق على ضرورة تقديم خطط توفيق أوضاع تفصيلية محددة بفترة زمنية وتكلفة تقديرية ومراجعتها مع إدارة التفتيش البيئى بالفرع خلال أسبوعين من تاريخه، إلا أن القرار ظل حبيس الأدراج حتى الآن، ولم تتحرك أى من الشركات المذكورة لتوفيق أوضاعها البيئية، لتستمر مأساة الصرف فى بحيرة المنزلة، التى تحولت إلى بركة كبيرة من المياه الفاسدة والملوثة.
تجفيف الثلث
الأجهزة التنفيذية بمحافظة بورسعيد أصدرت قرار أحاديا بإنشاء كوبرى وطريق العجايبة، الذى يخترق بحيرة المنزلة، ويردم أجزاء كبيرة من البحيرة للربط بين كوبرى شادر عزام ببورسعيد، ومنطقة قنال الساقية، ليهدد بردم 33 ألف فدان من بحيرة المنزلة، ويهدد بزوال البحيرة خلال 10 أعوام على الأكثر، حسب ما أكده حسن الشوا، نقيب صيادى المطرية، وعلى الرغم من اعتراض الأجهزة التنفيذية بمحافظة الدقهلية، ووزارة البيئة، على المشروع، وصدور قرار من الهيئة العامة للثروة السمكية بوقف العمل فى الكوبرى والطريق، فإن أعمال ردم البحيرة لإنشاء الطريق، وكوبرى العجايبة، ما زالت مستمرة على قدم وساق، وبوتيرة متسارعة.
قرار الهيئة العامة للثروة السمكية، الذى جاء برقم 459 لسنة 2013، وحمل توقيع رئيس مجلس إدارة الهيئة، الدكتور خالد عبد العزيز الحسنى، جاء فيه نصا «يتم إزالة كل التعديات الواقعة على المسطح المائى لبحيرة المنزلة وعلى نفقة المتعدين وبإرشاد الموظف المختص، وهى عبارة عن مدق مواز لمجرى اللنش ابتداء من مصب مصرف بحر البقر حتى منطقة ابن سام لمخالفته القانون رقم 124 لسنة 1983 ودون تصريح من الهيئة، وتكليف السلطة المختصة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتحصيل مستحقات الهيئة وإخطار الإدارة العامة للمسطحات المائية وشرطة البيئة وكل الجهات المختصة بصورة من القرار لتوفير الحماية الأمنية، وعلى جميع الجهات المختصة تنفيذ القرار كل فى ما يخصه، ويعمل بهذا القرار منذ تاريخ صدوره».
وعلى الرغم من وضوح القرار، فإن الأجهزة التنفيذية ضربت بقرار الهيئة العامة للثروة السمكية، عرض الحائط، ولم يتم إزالة المدق الترابى لمدة عام كامل، بل تجاوزت محافظة بورسعيد الأمر، وبدأت فى أعمال إنشاء الكوبرى، بينما استمرت عملية تجفيف الأراضى لإنشاء طريق العجايبة، دون أن يتحرك أحد فى الدولة لوقف هذا التجاوز، وهذه الكارثة التى تهدد بفناء بحيرة المنزلة.
تحرك شعبى
الحملة الشعبية لكشف الفساد بمحافظة الدقهلية، هاجمت مشروع كوبرى وطريق العجايبة الجديد، مؤكدة أن هذا المشروع يمثل إعدامًا حقيقيا لبحيرة المنزلة، وأضافت فى بيان رسمى صادر عنها فى مطلع أغسطس الجارى، أن الطريق هو إحدى الكوارث ببحيرة المنزلة، فهو عبارة عن طريق مواز لقنال اللنش، ويبدأ من نقطة مصب بحر البقر وينتهى عند منطقة ابن سلام بطول 6 كيلومترات وبعرض 15 مترًا، بغرض تجفيف منطقة من البحيرة مساحتها نحو 28000 فدان، وأكد البيان أنه بالرغم من القرار الصادر من رئيس الهيئة بوقف الأعمال، وإزالة ما تم من الطريق فإن الأعمال تتم الآن بوتيرة متسارعة، ويجرى حاليا الانتهاء من كوبرى العجابية آخر مراحل إنشاء ذلك الطريق.
وتساءل البيان، هل ستنحاز وستقف مؤسسات الدولة بجانب صيادى المطرية البسطاء؟ أم أن هناك حسابات أخرى أقوى وأهم من هؤلاء الصيادين؟!
حسن الشوا، نقيب الصيادين بالمطرية، تحدث عن كوبرى وطريق العجايبة، مشيرا إلى أن هذا الكوبرى صدر له قرار بالإنشاء من محافظة بورسعيد، ولم تفلح هيئة الثروة السمكية والأجهزة التنفيذية بوزارة البيئة ومحافظة الدقهلية فى وقفه حتى الآن، مؤكدا أن هذا الكوبرى وطريق العجايبة، يبدأ من كوبرى شادر عزام، ويمر من منتصف بحيرة المنزلة ليصل إلى قناة الساقية ببورسعيد، مشيرا إلى أن الأجهزة التنفيذية بمحافظة بورسعيد اعتادت على تجفيف بحيرة المنزلة منذ عقود لعمل توسعات للمدينة المحاطة بالمياه من كل جانب، مناشدا الأجهزة السيادية بالدولة بالتدخل لإنقاذ المنزلة ووقف العمل بطريق وكوبرى العجايبة، ولجم جماح المسؤولين بمحافظة بورسعيد، والحد من تعدياتهم المستمرة على البحيرة.
الشوا تساءل هو الآخر، لمصلحة من يتم إعدام بحيرة المنزلة بهذا الشكل؟ فالمساحات التى ستردم نتيجة لإنشاء كوبرى وطريق العجايبة، تعتبر الأساس للبحيرة، وإذا ردمت ستنتهى البحيرة تماما خلال 10 سنوات على الأكثر.
المهندس عمر الشوادفى، محافظ الدقهلية، تقدم بدوره بمذكرة إلى المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، فى أثناء زيارة الأخير بحيرة المنزلة مطلع الشهر الجارى، اشتكى فيها من قيام محافظة بورسعيد بردم البحيرة بعد موافقته على إنشاء طريق عشوائى، مطالبا مجلس الوزراء بسرعة التدخل، وإنقاذ البحيرة من كم التعديات الواقعة عليها، خصوصا أن محافظة بورسعيد شرعت فى بناء طريق عشوائى داخل البحيرة بطول 6 كيلومترات، مما سيؤدى إلى تدمير آلاف الأفدنة من البحيرة، وتجفيفها.

إنهاء ما تبقى
الهيئة العامة للثروة السمكية، قامت ولسنوات طويلة بإضاعة آلاف الأفدنة من بحيرة المنزلة من خلال نظام ما يسمى المؤاجرة، التى يستغلها أصحاب النفوذ لتجفيف البحيرة وبيع أراضيها، دون أن تستطيع أى جهة وقف التعديات الموجودة على البحيرة، بسبب عقود الإيجار التى تحررها الهيئة للمعتدين، وهو نظام يستمر العمل به حتى الآن.
فتحى عباس، صياد، أكد أن الهيئة العامة للثروة السمكية، تساعد من خلال ما يسمى بالمؤاجرة التى تعطى إلى الأهالى، فى تجفيف بحيرة المنزلة، مشيرا إلى أن نظام المؤاجرة يقوم على أساس أن يذهب الأهالى إلى الهيئة العامة للثروة السمكية بصفتها الجهة المسؤولة عن مياه البحيرة، وأراضيها، ويأخذون من الهيئة عقود إيجار لأراض تقع على البحيرة مباشرة لإنشاء أكشاك لبيع الأسماك، إلا أن صاحب المؤاجرة، وبعد حصوله عليها من الهيئة ينشئ كشكا للتمويه، ويقوم بردم مساحات كبيرة من مياه البحيرة الموجودة خلف الكشك مباشرة، ثم ينشئ عليها مبانى، وعندما تأتى الشرطة والأجهزة المحلية لإزالة التعدى، يخرج لهم عقد المؤاجرة الذى حصل عليه من الهيئة العامة للثروة السمكية، فلا تستطيع أجهزة الحكم المحلى أو الشرطة اتخاذ أى إجراء ضده، لأن وضعه للأسف يصبح صحيحا قانونيا.
عباس طالب الهيئة العامة للثروة السمكية بإلغاء عقود المؤاجرة، وما ترتب عليها من تعديات، وإلزام المعتدين بإعادة كل شىء إلى أصله، وإزالة التعديات والمبانى التى أقيمت على البحيرة على نفقة أصحاب التعديات، مشيرا إلى أن إلغاء هذه العقود سيحافظ على ما تبقى من بحيرة المنزلة، مطالبا بأن تعود البحيرة لتخضع لإشراف القوات المسلحة، كما كانت فى الستينيات.
بحيرة المنزلة وكر للإجرام
غياب الأمن عن البحيرة، حولها إلى مركز لمعتادى الإجرام، وعجز الأجهزة الأمنية المتعاقبة، على البحيرة منذ ثورة يناير فى إنهاء ظاهرة التسليح وفرض السيطرة الموجودة فى البحيرة، وتعتبر بحيرة المنزلة من أكثر المناطق الجاذبة لمسجلى الخطر والهاربين من الأحكام ومهربى الآثار بمنطقة الدلتا، وعلى الرغم من الحملات الأمنية المتكررة والمتعاقبة على البحيرة خلال السنوات الأربع الماضية، فإن تلك الحملات لم تنجح فى إنهاء سطوة حاملى السلاح والهاربين من القانون، واستمرت عمليات فرض السيطرة على أماكن بعينها من البحيرة، التى يسميها الصيادون بالمناطق المحرمة، وهى المناطق التى يحرم على الصيادين الاقتراب منها، ويتم تحذير أى لانش، أو مركب صيد يقترب من تلك المناطق بإطلاق الرصاص، لتخويفه من الاقتراب، ليفهم الصياد الرسالة، ويبتعد عن تلك المنطقة، لتضاف إلى جملة المناطق المحرمة فى البحيرة وسط عجز كامل لأجهزة الأمن بمحافظات الدقهلية، ودمياط، وبورسعيد، لإنهاء سطوة هؤلاء المجرمين على البحيرة.
تل ابن سلام، هو إحدى أهم المناطق المحرمة فى بحيرة المنزلة، التى تعجز أجهزة الأمن عن السيطرة عليها، على الرغم من وقوعها على بعد أقل من كيلومتر واحد من مقر شرطة المسطحات بمدينة المطرية، إلا أن المكان يظل الأكثر عزلة، باعتباره منطقة أثرية تقع أسفلها مدينة «تنيس» عاصمة الإقليم الرابع عند الفتح الإسلامى، ومساحته تبلغ نحو 65 فدانا، بينما ارتفاعه يصل إلى نحو 5 أمتار فوق مستوى البحيرة، ويعد من الأراضى الأثرية البكر التى لم تجر بها أى أعمال حفر أو تنقيب رسمية حتى الآن.
تجار الآثار المسيطرون على المنطقة يقومون بإجراء عمليات التنقيب والاستيلاء على الآثار وبيعها، ورغم المكانة التاريخية لمنطقة تل ابن سلام وما تحويه من آثار، اكتفت الهيئة العامة للآثار بحراستها بعدد من الخفراء المشغولين بمصالحهم الخاصة، وتركوا التل للعابثين والباحثين عن الثروة من خلال عمليات التنقيب والاتجار فى الآثار، ولا يوجد على التل ما يدل على أنه يتبع الهيئة، إلا حجرة مهجورة ومغلقة، مكتوب عليها بخط باهت «استراحة هيئة الآثار المصرية».
على عبد العزيز، صياد، قال «محظور على أى أحد الاقتراب من منطقة التل، لأنه معروف للجميع أنه يسكنها تجار الآثار وتجرى عمليات التنقيب ليلا، ومن يقترب يتم التعامل معه بالسلاح الآلى، وعلى الرغم من ضبط أكثر من مهرب وتاجر آثار، فإنه ما زالت عمليات التنقيب مستمرة، إلى الحد الذى دفع بعض الصيادين إلى هجرة الصيد بسبب قلة الرزق، وانضموا إلى عصابات الآثار، مشيرا إلى أن «التل» تعد منطقة نفوذ تجار الآثار، إذ تجرى بها أعمال التنقيب ليلا، وتشهد عقد صفقات البيع، ولا يمكن للشرطة دخولها، لأنها وسط البحيرة، مما يساعد التجار على الهرب فور علمهم بقدوم حملة أمنية على المكان.
المناطق المحرمة
وعن المناطق المحرمة بالبحيرة، أكد إبراهيم محمود، صياد، أن أصحاب النفوذ، ومعهم مسجلو الخطر، يقومون بجمع ورد النيل، لتشكيل جزيرة من المياه محاطة به، وبعد ذلك تبدأ الحفارات فى العمل جهارا نهارا، حيث تقوم بعمل سور من الطين، ثم السدة والحشيشة، وبعدها تتحول إلى جزيرة خاصة يحرسها البلطجية بالسلاح الآلى والمواتير الممنوع وجودها داخل البحيرة، مضيفا أن الحكومة لا تتعرض لهؤلاء، وتكتفى شرطة المسطحات بمطاردة الصيادين الصغار الذين يسعون على أرزاقهم.
الصياد محمود أضاف أن البحيرة يسيطر عليها مجموعة من البلطجية، والخارجين عن القانون، بهدف حماية تعديات الكبار، وهؤلاء لا يفهمون سوى لغة السلاح الآلى وطلقات الرصاص، التى تبدأ فى الهواء للترهيب، وتنتهى أحيانا بالقتل، ولو حاول أحدهم الصيد داخل الأماكن الخاصة بالكبار، يتم إطلاق النار عليه فورا، مما يسفر عن إصابة عشرات الصيادين، ويتم السماح لهم بالصيد بعد دفع «المعلوم» الذى يكون عبارة عن نصف رزق الصياد من السمك، ومن يعترض أو يرفض، ليس له مكان داخل البحيرة، وعليه الصيد فى القنوات، التى لا يتعدى اتساعها عدة أمتار.
أحمد رضا، صياد، أكد أن الأحوال الأمنية بالبحيرة تتدهور بشكل مستمر منذ ثورة يناير وحتى اليوم، وعلى الرغم من الحملات المتكررة التى قامت بها أجهزة الأمن مؤخرا على البحيرة، فإن هذه الحملات لم تأت بجديد، حيث يختفى معتادو الإجرام والمسلحون عن أعين الأمن خلال الحملات، ثم يعودون للظهور من جديد عقب انتهائها، ويكتفى المسؤولون بشرطة المسطحات بعرض أحراز قديمة فى كل زيارة يقوم بها مسؤول للبحيرة، وتقديمها عل أنها أحراز جديدة، ثم إعادتها إلى المخازن مرة أخرى، عقب انتهاء الزيارة.
مشكلة الإطماء
مشكلة الإطماء وعدم تطهير البواغيز لتجديد مياه البحيرة وهجرة الصيادين للبحيرة واتجاههم للصيد فى البحرين الأحمر والمتوسط، وترك مهنة الصيد بعد انتهاء الحياة السمكية فى البحيرة، هى من أكبر المشكلات التى تواجه المنزلة حسب الحاج حسن الشوا، نقيب الصيادين فى المطرية، الذى أكد أن البحيرة تراجعت كثيرا بعد تجفيف معظم أراضيها، فبعد أن كانت مساحتها فى الستينيات تصل إلى 750 ألف فدان، تراجعت الآن إلى أقل من 100 ألف فدان، بينما هناك 33 ألف فدان أخرى مرشحة للتجفيف إذا استمر العمل فى كوبرى العجايبة، مضيفا أن البحيرة لم يعد بها مكان لصيد بعد أن تحولت مياهها إلى أحواز لأصحاب النفوذ، ومن يمتلكون القوة، فكل صاحب نفوذ يستحوذ على جزء من البحيرة ويعتبرها ملكا له، ويمنع الصيادين من الاقتراب منها، مشيرا إلى أن شرطة المسطحات تقوم بإزالة هذه الأحواز، إلا أنها وفور الانتهاء من حملة الإزالة، يقوم أصحاب الأحواز هذه بإعادتها مرة أخرى.
نقيب الصيادين، أشار إلى أن ضعف القوانين الخاصة بالاستحواذ على البحيرات، هو ما شجع أصحاب النفوذ ومن يمتلكون القوة على إقامة هذه الأحواز والدفاع عنها بالأسلحة النارية غير المرخصة، فالقانون يفرض غرامات بسيطة جدا على أصحاب الأحواز، ولا يلزمهم بإزالتها، وحتى فى حالة الإزالة فإنها تجرى على نفقة الدولة، وتتكلف عمليات الإزالة الملايين من الجنيهات سنويا، ويتم اقتطاعها من الميزانية الخاصة بتنمية البحيرة، كأنهم يكافئون المعتدى على اعتدائه، مطالبا بتغليظ العقوبات على أصحاب الأحواز، وفرض غرامات كبيرة عليهم، ومعاقبتهم بالحبس، ليكون هذا ردعا لكل من يحاول التعدى على البحيرة، بالإضافة إلى سرعة إزالة التعديات والأحواز على نفقة المعتدين، وتستمر المخالفات فى البحيرة، وعمليات التجفيف الممنهج، وانتشار مسجلى الخطر، والمسلحين، دون رادع، ويستمر تلويث البحيرة بملايين الأمتار سنويا من الصرف الصناعى والصرف الصحى، دون أن يسعى أحد إلى وقف عملية قتل البحيرة، متوقعا اختفاءها تماما خلال سنوات قليلة، فى حال إذا لم تتدخل الأجهزة التنفيذية بالدولة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
الشوا أشار إلى اجتماع عقد منذ أيام مع خالد الحسنى، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، وعد خلاله بإرسال 10 حفارات وشفاطات لتطهير وتعميق البواغيز التى تربط البحيرة بالبحر الأبيض المتوسط، وإزالة التعديات، مؤكدا أن 50% من الصيادين هجروا المهنة، واتجهوا إلى امتهان مهن أخرى، نتيجة تقليص حجم البحيرة، وندرة الأسماك، بسبب تلوث مياه البحيرة والأحواز الموجودة بها، مشيرا إلى أن حياة مئات الصيادين تتعرض للخطر يوميا، نتيجة اعتداءات أصحاب الأحواز المسلحين عليهم بالأسلحة البيضاء والنارية، مضيفا أن من تبقى من الصيادين اتجه إلى الصيد فى البحرين الأحمر والمتوسط، وهو ما يهدد حياتهم بالخطر نتيجة ضعف الإمكانات، وتخلف المراكب التى يصطادون بها، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى تجاوز المياه الإقليمية والدخول فى مياه إقليمية لدول أخرى، مما يعرض حياة الصيادين للخطر، وما حدث لمركب الكعبة الشريفة منذ شهور، عندما دخلت للمياه الإقليمية السعودية، وتم إطلاق النار عليها من خفر السواحل، لهو خير دليل على ذلك، فضلا عن وفاة 6 من صيادى المطرية منذ أسابيع، فى حادثة مأساوية فى البحر الأحمر، بعد تسرب الغاز من ثلاجة المركب إليهم، وموتهم خنقا، نتيجة عدم ملاءمة المراكب للصيد فى البحار المفتوحة.
دور «الثروة السمكية» فى قتل البحيرة
النادى الاجتماعى
مجلس إدارة نقابة الصيادين بالمطرية، طالب المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بالموافقة على تخصيص قطعة أرض لإنشاء ناد اجتماعى لأعضاء النقابة وأسرهم، وتخفيض سن الصياد المستحق للمعاش من 65 إلى 60 عاما، أسوة بباقى القطاعات والمهن، خصوصا أن صيادى المطرية يكونون عاجزين تماما عن العمل عند سن الخامسة والأربعين، بسبب أمراض الفشل الكبدى والكلوى، وفيروس «سى» المنتشرة بينهم، نتيجة تلوث مياه البحيرة بالصرف الصناعى والصحى، قبل أن يوجه صرخة ونداء استغاثة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى، طالبوه فيها بالنظر إلى ملف بحيرة المنزلة، والتعديات التى تحدث بها.
تطهير البواغيز
فتحى عباس، صياد، طالب بضرورة تطهير بواغيز بحيرة المنزلة التى تربطها بالبحر الأبيض المتوسط، وعددها 3 بواغيز، وتطهير منفذ البحيرة الموجود عند كوبرى الهاويس، وإنشاء ممرات مائية من البحر الأبيض المتوسط، وحتى آخر بحيرة المنزلة، لتعمل هذه الممرات على تجديد المياه الموجودة فى البحيرة وغسلها من الرواسب، مشيرا إلى أن هذه الممرات ستنهى مشكلة ورد النيل المنتشر بمسطح البحيرة، وستقضى على مشكلة الإطماء الناتجة عن ترسيب ورد النيل فى قاع البحيرة، لافتا إلى اقتراح تقدم به إلى خالد الحسنى، رئيس الهيئة العامة للثروة السمكية، لتحويل مسار مصرف بحر البقر إلى منطقة الجنجة، وإغلاق كوبرى القويطة، وإنشاء محطة تنقية للمياه عند الجنجة، ومصنع للطوب الطفلى، والحصول على التسريبات التى تخرج من محطة تنقية المياه، وإرسالها إلى مصنع الطوب الطفلى الذى تم إنشاؤه بالقرب من البحيرة، لتصنيع تلك التسريبات التى تخرج من مياه البحيرة الناتجة عن الصرف الصحى والصناعى، وتحويلها إلى طوب للتخلص التدريجى من مشكلة ارتفاع مستوى سطح المياه بالبحيرة، عن سطح البحر الأبيض المتوسط.
محسن طه، رئيس مجلس مدينة ومركز المطرية، شن هجوما عنيفا على الهيئة العامة للثروة السمكية، واتهمها بالتسبب فى ضياع المسطح المائى لبحيرة المنزلة، مشيرا إلى أن القانون وضع بحيرة المنزلة تحت ولاية الهيئة العامة للثروة السمكية، واعتبرها هى المسؤول الوحيد عن المسطح المائى للبحيرة، و200 متر أخرى من الأراضى المحيطة بشاطئ البحيرة، إلا أن الهيئة لم تستطع استخدام هذه الصلاحيات لحماية البحيرة والأراضى المحيطة بها، وأضاف أن هناك قرارا صادرا عن محافظ الدقهلية فى عام 2007 لإلغاء نظام المؤاجرة، وعدم إصدار مؤجرات جديدة، لما يترتب عليها من أضرار لبحيرة المنزلة، وردم المسطح المائى بها، إلا أن الهيئة العامة للثروة السمكية لم تنفذ القرار، باعتبارها الجهة المسؤولة عن البحيرة، وما زالت عقود المؤاجرة تصدر حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.