60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 6 مايو    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الثلاثاء 6 مايو    النائب فريدي البياضي: مشروع قانون الإيجار القديم ظالم للمالك والمستأجر.. وهذه هي الحلول    هل تعاود أسعار السيارات الارتفاع في الصيف مع زيادة الطلب؟ عضو الشعبة يجيب    ب«الزي الرسمي»... أحمد الشرع والشيباني يستعرضان مهاراتهما في كرة السلة (فيديو)    هل هناك بنزين مغشوش.. وزارة البترول توضح    بعد هبوطه في 6 بنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 6-5-2025    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بعد الارتفاع القياسي بجميع الأعيرة    وسائل إعلام: ترامب لا يشارك في الجهود لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس    غارات إسرائيلية تستهدف سلسلة جبال لبنان الشرقية وبلدة طيرحرفا في جنوب لبنان    الحوثيون: ارتفاع ضحايا قصف مصنع بغربي اليمن إلى قتيلين و 42 جريحا    باكستان ترفض اتهامات الهند لها بشأن صلتها بهجوم كشمير    كانت متجهة للعاصمة.. الدفاعات الجوية الروسية تسقط 19 مسيرة أوكرانية    رونالدو يتصدر تشكيل النصر المتوقع أمام الاتحاد في الدوري السعودي    السيطرة على حريق شب داخل محل نجف بمصر الجديدة    «شغلوا الكشافات».. تحذير من الأرصاد بشأن حالة الطقس الآن (تفاصيل)    إحالة مرتضى منصور للمحاكمة بتهمة سب وقذف خالد يوسف وزوجته شاليمار شربتلي    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصفين الأول والثاني الإعدادي بالجيزة    رفضته ووصفته ب"المجنون"، محمد عشوب يكشف عن مشروع زواج بين أحمد زكي ووردة فيديو)    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    تطيل العمر وتقلل الوفيات، أخبار سارة لعشاق القهوة وهذه عدد الأكواب اليومية لزيادة تأثيرها    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    ضبط مبلط بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل في المنيا بعد استدراجه بمنزل مهجور    الأزهر ينفي ما تم تداوله بشأن اقتراح وكيله بتشكيل لجان فتوى مشتركة مع الأوقاف    الزمالك يستكمل اجتماع حسم مصير بيسيرو عصر اليوم    ترامب: لست متأكدا مما يرغب رئيس وزراء كندا في مناقشته خلال اجتماع البيت الابيض    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    مصرع طالب إثر انقلاب دراجة بخارية بقنا    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    زيزو أحد الأسباب.. الزمالك مهدد بعدم اللعب في الموسم الجديد    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة.. قصص المصريين مع «الموت والنجاة» في رحلات الهجرة غير الشرعية

مهاجرون: «السماسرة» أمرونا بالسباحة لأقرب شاطئ.. دون مراعاة الأحوال الجوية
«الموت أو النجاة»، لا يوجد اختيار ثالث أمام الشباب المصرى الراغب فى الهجرة إلى الخارج بشكل غير شرعى، من أجل الحصول على لقمة العيش، تاركين خلف ظهورهم آلامهم وأوجاعهم وأُسرهم وذويهم وأطفالهم، هاربين من الفقر المدقع الذى يحيط بهم، لا يخشون مصيرهم المجهول، ولا يخافون الموت.

«كده ميِّت.. وكده ميِّت»، جملة كرَّرها عديد من المصريين الذين هاجروا إلى الخارج، هذه الجملة تلخِّص مدى فجاعة المشهد، ومدى المأساة التى يعيشها آلاف المصريين فى بلادهم، وتشير أيضا إلى مدى الفقر الذى يحدق بهم من كل الجوانب، فلم يعد حلم الثراء السريع هو وحده الذى يشغل بالهم، بل أصبح الهروب من الوطن للاستقرار فى وطن جديد هو الحلم الأكبر لدى أغلبهم، حتى وإن كان سيُكلِّفهم حياتهم.
«الدستور الأصلي» أجرى تحقيقا حول دوافع الهجرة غير الشرعية لدى عديد من المصريين، وأسبابها، وأبرز الأرقام الخاصة بها، كاشفةً أن الفقر وقلة وجود فرص العمل هما من أبرز الدوافع وراء تزايد معدلات الهجرة، إضافة إلى عدم وجود إحصاءات محددة يمكن الاستناد إليها فى أرقام هذه الظاهرة، حيث تتفاقم وتتزايد معدلاتها من وقت إلى آخر، وتنمو بصورة ملحوظة.

البعد الأخطر فى هذه القضية هو نمو وترسيخ فكرة الهجرة غير الشرعية فى أذهان عديد من الأطفال، حيث وصل عدد الأطفال المهاجرين إلى الخارج -لا سيما إيطاليا- إلى نسبة 41%، بل إن الإحصاءات الرسمية الصادرة من منظمة العمل الدولية قدَّرت حجم الهجرة السرية ما بين 10 و15% من عدد المهاجرين فى العالم، كما تعدّ محافظة أسيوط هى الأولى ضمن معدلات الهجرة غير الشرعية.
اللافت إلى النظر فى القضية أن الأعداد الهائلة للمصريين النازحين من ليبيا عبر الحدود التونسية تبيَّن أن جزءا كبيرا منهم هاجر بطريقة غير شرعية، وأقام هناك لفترات طويلة، دون أن يكون معه أى أوراق تُثبت هُويته.

«قوارب الموت» هو المصطلح الإعلامى المستخدَم فى وصف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، نتيجة لأنها الوسيلة الأقرب إلى الموت السريع، حيث يخرج الآلاف من المصريين من مختلف القرى بمساعدة سماسرة الموت، متجهين إلى إيطاليا عبر ليبيا، دون أن يعلموا أن مصيرهم مُعلَّق ما بين الحياة والموت.
فاروق: التسعيرة 50 ألف جنيه.. و«السرية التامَّة» شرط أساسى
مهاجرون: حلم يراودنا منذ الصغر.. والخوف من الفقر أشدُّ من الموت
«الدستور الأصلي» اخترق دائرة المهاجرين غير الشرعيين الذين تخلَّصوا من أوراقهم الرسمية إلى الأبد، متخلّين بإرادتهم عن بطاقة رقم قومى أو جواز السفر، حيث وجدوا أن ملاذهم الوحيد للنجاة هو الهجرة إلى الخارج لتكوين مستقبلهم وتوفير الأموال اللازمة لاحتياجاتهم، دون أن يعبأوا بمخاطر الهجرة أو الموت فى أثناء رحلتهم، وقد التقت «الدستور الأصلي» بعض الشباب المصرى الذى خاض تجربة الهجرة غير الشرعية، للتعرف على تجاربهم ومعاناتهم.
فاروق: نجحت في اليونان
مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، أحد المراكز الشهيرة بالهجرة غير الشرعية، هناك التقى «الدستور الأصلي» أحد الشباب ويبلغ 30 من عمره، ويُدعَى محمد فاروق، والذى سرد حكاية هجرته إلى الخارج بطريقة غير شرعية.
فاروق بدأ حديثه قائلا: «السفر كان بالنسبة إلىَّ حُلما منذ الصغر، حيث كنت أرى فيه أنه أقصى طموحاتى وأمنيتى»، متابعا: «أنه بمجرد تخرّجه فى الجامعة قرَّر البحث عن طريق للسفر إلى الخارج بأى وسيلة»، موضحا أن السفر بالطرق الشرعية للحصول على تأشيرة حينها كان أمرا صعبا للغاية، فلم يجد سوى البحث عن طريقة غير مشروعة، والتى ينتهجها أغلب الشباب، بحثا عن فرصة عمل بالخارج لتكوين مستقبلهم.

الشاب المهاجر أضاف أنه بالفعل وجد أحد سماسرة الهجرة من المشهورين بمحيط محافظته وتوجَّه إليه، ليسأله عن تفاصيل الهجرة، فطلب منه جزءا من المبلغ، فقام بدفع 5 آلاف جنيه، ووقَّع شيكا على بياض بالمبلغ الباقى، وهو 45 ألف جنيه، مستطردا: «وبعد ما يقرب من شهر بدأ السمسار فى إبلاغى بموعد السفر من ميناء الإسكندرية، لكن الموعد كان يتغيَّر فى كل مرة، حيث يستعد الشباب للسفر، لكنهم يفاجؤون بأنه تم تغيير الموعد، مع العلم بأن السمسار يطلب منهم أن يكون السفر فى سرية تامة، لدرجة أن البعض يسافر دون أن يكون لدى أهله علم بموعد السفر»، مضيفا أنه رغم صعوبة الموقف على الأسرة فإن الشباب يستجيبون لتعليمات السمسار حتى لا تضيع عليهم فرصة السفر.
فاروق أضاف أنه قام بالتوجه ليلا إلى ميناء الإسكندرية حسب الاتفاق، للالتحاق بمركب صيد، ليحمل المسافرين إلى الدولة المتفق عليها، موضحا أن المركب أحيانا يكون صغيرا ولا يتحمَّل الأعداد المسافرة، مما يعرضه للغرق، أو يضطر قائد المركب للتخلص من بعض الأعداد الزائدة بأن يطلب منهم القفز للمياه والوصول لأقرب شاطئ، وهو ما ينشب معه عديد من الخلافات بسبب أولوية الركوب، لافتا إلى أنه أحيانا يضطر الجميع للسباحة حتى أقرب شاطئ، لأن المركب بدأ يتعرض للغرق بسبب وجود نوة، لا سيما فى فترات الشتاء، لأن أحوال البحر تكون متقلِّبة، ولا يتم مراعاة الأحوال الجوية بشكل كبير من جانب السماسرة، وكل هدفهم البحث عن الأموال.

الشاب المهاجر أوضح أنه تعرض للموت فى أثناء سفره فى مركب الصيد متجها إلى اليونان، حيث نفد الأكل والطعام والشراب من المركب، وعندما اقتربت من الشاطئ، طلب قائد المركب أن يقفز جميع مَن فيه، ويستكملون طريقهم سباحة، مضيفا أنه بعد الوصول للشاطى يستقبلهم أحد السماسرة، والذى طلب منا إلقاء كل المتعلقات الشخصية حتى لا يتم التعرف على هُويتنا فى حالة القبض علينا، مشيرا إلى أنه أنهك تماما حتى وصل للشاطئ، خصوصا أنه لم يأكل منذ يومين، ثم التقى الشخص الذى ينتظرهم، والذى بدوره قام بحجز الشباب الذين تمكَّنوا من الوصول إلى الشاطئ فى مكان ما، ومنع خروجهم أو تسليمهم لأقاربهم فى نفس الدولة حتى يتم تسديد باقى المبلغ.
فاروق أضاف أنهم قاموا بإعطاء السمسار أرقام أسرهم، وأخبرهم بأنه لن يترك أبناءهم إلا بعد تسديد باقى المبلغ، وهناك مَن خرج بعد يوم، وآخرون خرجوا بعد 10 أيام حتى استطاع أهله تسديد باقى المبلغ، لافتا إلى أنهم خلال هذه الأيام كان يتم تقديم قليل من الطعام لهم، وبعد تسديد أهله لباقى المبلغ تم إطلاق سراحه، مشيرا إلى أنه بعد الوصول إلى اليونان تمكَّن من الحصول على عمل والاستقرار إلى حد ما، بينما قد يفاجأ البعض بإلقاء القبض عليه من قبل السلطات اليونانية، وهنا يضطر البعض لإخبار الحكومة بأنه لاجئ، لافتا إلى أنهم يستقبلون اللاجئين بشكل جيد، كما يعطونهم أوراقا للتحرك داخل الدولة، ويتم ذلك من خلال محامٍ، متابعا: إنه أحيانا يتم ترحيل البعض ممن يتم التأكد من هُويتهم الحقيقية.

عثمان: نجحت في الثالثة
«حلم السفر كان يرادونى باستمرار فى أثناء دراستى، وحاولت السفر مرتين وفشلت، لكننى نجحت فى المرة الثالثة»، هكذا قال محمود عثمان، أحد الشباب المهاجرين إلى إيطاليا، موضحا أنه ظل لفترة طويلة يحلم بالسفر إلى أوروبا والاستقرار والعمل فى أحد بلدانها، لافتا إلى أنه اتخذ قرار السفر منذ أن كان عمره 21 عاما بعد إنهاء دراسته بالمعهد، قائلا: «وجدت كل أقاربى ببلدى بمركز كفر الجمال بالقليوبية سافروا إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، واستقروا بالخارج، وأصبحت حالتهم أفضل بكثير، فقررت السفر إلى الخارج»، مضيفا أنه حاول 3 مرات السفر إلى الخارج، وفشل مرتين بسبب ظروف السفر والإقامة، ونجح فى المرة الثالثة بعد معاناة طويلة.
عثمان أضاف أنه بمجرد أن اتخذ قرار السفر إلى الخارج، وكان ذلك فى أواخر عام 2005، اقترح الأمر على أسرته، فوافق والدى، وقرَّر مساعدتى فى النفقات، فقمت على الفور بالاتفاق مع أحد الوسطاء فى بلدتى، ودفعت له المقابل المادى الذى طلبه حينها، وكان يقدَّر ب18 ألف جنيه، مشيرا إلى أن الوسيط حصل على المال المتفَق عليه، وبدأت الرحلة بمقابلتى عددا من الشباب المهاجرين، وبلغ عددهم 8 أشخاص من محافظات مختلفة، حيث تقابلنا حينها فى ميدان رمسيس، وأخذنا سيارة ميكروباص، واتجهنا إلى ليبيا، قائلا: «لم نكن نشعر بالخوف حينها، وكنا نتحدث مع بعضنا البعض طوال الرحلة التى استمرَّت على مدار 3 أيام فى الطريق»، متابعا: «وصلنا إلى ليبيا، وقابلنا أحد المصريين الذى وفَّر لنا فرصة الإقامة داخل مساكن فى طرابلس، وجلسنا بها فترة معينة، حتى يتم تأمين انتقالنا إلى المرحلة الأخرى، وضمانا لعدم مراقبتنا من أى جهة من الجهات».
وأشار عثمان إلى أنهم توجهوا بعد ذلك من طرابلس حتى زوارة، والتى تعدّ بمنزلة انطلاق العشرات من المهاجرين، بطريقة غير شرعية، وأقمنا فيها لمدة يومين فقط، وكان المكان مليئا بالأفارقة من كل الجنسيات، بالإضافة إلى بعض الجنسيات العربية، مضيفا أن أغلب الموجودين كانوا من المصريين، لافتا إلى أنه بعد مرور يومين تحديدا اتجهوا بسيارات ناحية الصحراء، مشيرا إلى أن الدليل الذى كان يرشدهم كان يضع ضوابطا صارمة على الكلام، وكانت الأماكن التى مكثنا بها سيئة للغاية، وعُوملنا فى بعض الأوقات بصورة سيئة، منوها بأنهم ظلوا فى السير لمدة تقارب 3 ساعات متواصلة، متابعا: «وصلنا إلى مركب (ذوديق) فى البحر، حتى نستقله ونصل إلى المركب الكبير، وبعد مرور الوقت شعرنا جميعا بدوَّار البحر، فامتنعت عن الطعام والشراب أنا وغيرى بسبب هذا الدوَّار، كما أن (شكمان) المركب اشتعل قبل وصولنا إلى المكان المحدد بدقائق، فشعرت بالخطر حينها».
عثمان أوضح أن السفن والطائرات الحربية كانت تأتى لتصويرهم وهم فى عرض البحر دون أن تقبض أو تضرب النار عليهم، لافتا إلى أنه بعد فترة من الوقت وصلوا إلى «لامبيدوزا» فى إيطاليا، والتى تعتبر أقرب نقطة إلى ليبيا، وهى أشبه بجزيرة فى البحر، مضيفا أنه من سوء حظهم أن قامت الشرطة الإيطالية بالقبض عليهم وتسليمهم إلى الصليب الأحمر، الذى أحسن معاملتهم وقدَّم إليهم الطعام والماء، قائلا: «الحمد لله، كنت من المحظوطين اللى لم ترحّلهم الشرطة الإيطالية بعد ترحيل 80% من المهاجرين معنا، وبقاء 20% فقط».
وأضاف عثمان أنه توجَّه بعد ذلك من جزيرة «لامبيدوزا» إلى «بارى» بإيطاليا بالطيران، وهى قريبة من مدينة ميلانو الإيطالية، وتقابل حينها مع عدد من الأفارقة الذين طلبوا الحصول على أموال مقابل تهريبى من «بارى» إلى العاصمة الإيطالية، وبالفعل اتفقت معهم على دفع المبلغ بمجرد وصولى ولقائى شقيقى المقيم بإيطاليا، والذى سافر أيضا بصورة غير شرعية.
صاحب تجربة الهجرة أوضح أنه عمل فى أحد المطاعم مع أحد أقاربه، ثم عمل فى المعمار، مشيرا إلى أن الأزمة الكبرى لديه كانت تتمثَّل فى تعلم اللغة الإيطالية، حيث دخلتُ مدرسة هناك لتعلّم اللغة، ولم تكن تشترط أوراقا للجنسية، ثم حصلت على الإقامة فى 2011 بعد 6 سنوات من السفر، وأصبح راتبى الشهرى يصل إلى ألف ونصف يورو شهريا.
عثمان يختم كلامه قائلا: «لم أهاجر إلى إيطاليا من أجل المال، لأننى ميسور الحال، لكننى غادرت بسبب حلم السفر»، موضحا أن توجه 95% من رجال كفر الجمال من أبناء محافظة القليوبية إلى إيطاليا دائما ليس فقط بسبب حلم السفر فقط أو الرغبة فى جنى المال، لكن من أجل الهرب من ضيق الرزق فى مصر، مضيفا أن إيطاليا كانت تعدّ محطة لدى البعض للسفر إلى فرنسا وإنجلترا، موضحا أن إيطاليا لديها شىء مميز عن الدول الأخرى وهى أنها ترى نفسها أرض الله، وبالتالى فدخول أى شخص للدولة لا تستطيع ردّه مرة أخرى.

مجاهد: 15 ألفًا أوصلتني إلى إيطاليا
أحمد مجاهد، أحد المهاجرين إلى إيطاليا، حكى ل«الدستور الأصلي» قصته، موضحا أن رحلته بدأت منذ أن كان طالبا فى الثانوى الصناعى، حيث بدأت الأحاديث تتردد حول أن هناك سماسرة يتقاضون مبلغا ما فى مقابل سفر الشباب إلى الخارج، لكن بطريق غير شرعى، وذلك لصعوبة حصول الشباب على تأشيرة للعمل خارج مصر، لافتا إلى أنه بدأ فى الاستفسار عن التفاصيل من خلال أصدقائه، وعرض الفكرة على والديه، لكنهما رفضا الأمر خوفا من المخاطر، مضيفا أنه حاول إقناعهما بأنه لن يجد عملا فى بلده، وأنه من حقه أن يبدأ حياته ومستقبله، مشيرا إلى أنه من أسرة فقيرة، وهو أكبر الأبناء، وكان عليه أن يتحمَّل المسؤولية.
مجاهد أكد أنه بمجرد أن حصل على شهادة الدبلوم بدأ يفكِّر جديا فى السفر خارج مصر، وأنه كان بمنزلة حلم، وأنه لم يُفكِّر فى المخاطر، واعتبر أن الموت لن يلاحقه فقط فى أثناء الهجرة، وإنما يلاحقه أيضا فى بلده، موضحا أنه ظل يسأل عن أحد سماسرة الهجرة غير الشرعية، بحيث يكون موثوقا به وقام بمساعدة أكثر من دفعة من الشباب للسفر، موضحا أن هناك سماسرة يمارسون أعمال النصب، لذا كان لا بد من توخِّى الحذر، لأن كل شاب يدفع ما يملكه، وأحيانا يحصل على الأموال عن طريق الديون.
وأضاف مجاهد أنه بالفعل وجد أحد السماسرة من المنصورة، وقام بدفع مبلغ 15 ألف جنيه وقتها، والذى وصل حاليا إلى 50 ألف جنيه، وأحيانا 70 ألفا، لافتا إلى أنه حصل على المبلغ بصعوبة، حيث جمعه من خلال أقاربه وأصدقائه، على وعد بأن يتم تسديد المبلغ عندما يصل إلى إيطاليا، مؤكدا أن كثيرين لا يرفضون منح أموال لمن يريد السفر، لأنهم دائما على يقين أنه بمجرد وصوله إلى الدولة الأوروبية سيسدّد المبلغ فى أقل من شهر، مشيرا إلى أنه بعد ذلك تم إبلاغه بموعد السفر، وبالفعل انتقل إلى ميناء دمياط، واستقلّ مركب صيد.
مجاهد أوضح أن قائد المركب طلب من الجميع القفز فى المياه بالقرب من شاطئ إيطاليا، وبالفعل قفز الجميع، وتم مساعدة مَن لا يستطيعون السباحة، ورغم ذلك غرق 3 من الشباب، وتم إبلاغ أسرهم بذلك، مشيرا إلى أن «الأمر حياة أو موت، وحسب حظ كل واحد.. يا صابت يا خابت»، وبعد الوصول إلى الشاطئ فوجئ الجميع بأنهم فى منطقة جبلية، وفشلوا فى العثور على طريق يؤدى بهم إلى داخل إيطاليا، فقبضت الشرطة على الجميع، وتم تسليمهم إلى الصليب الأحمر، موضحا أن المعاملة فى الصليب الأحمر جيدة، ويتم منح الجميع الطعام والشراب وكل ما يطلبونه، مؤكدا أنهم أبلغوا الشرطة بأنهم لاجؤون من فلسطين، وبالفعل تم عمل أوراق والسماح لهم بالبقاء، كما قال البعض إنه لاجئ عراقى، موضحا أنهم يقبلون اللاجئين ويحاولون تسهيل الأمور لهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.