لم أفهم تسرع البعض في نقد ومهاجمة الكلام المنسوب للرئيس حسني مبارك أثناء لقائه أمس الأول بأعضاء الهيئة البرلمانية الجديدة لحزب حكومة سيادته في مجلس الشوري الموقر، إذ إن كل ما نسب للرئيس أنه عبّر للشورويين الحكوميين (الجدد والقدامي) عن ارتياحه وانبساطه مما جري في عملية التجديد النصفي الأخيرة التي أجريت للمجلس الموقر بدون «بنج»، وقد تكرم سيادته ووصفها بأنها «انتخابات»، وقال إن «الحزب حقق أهدافه فيها»، كما أن «مرشحي الحزب خاضوها في جميع الدوائر بأداء تنطيمي جاد ومتطور وبرامج مدروسة علي المستوي المركزي ومستوي الدوائر»!! أليس هذا أهم ما قاله الرئيس لشوروييه الأفاضل؟! طيب.. ماذا في هذا بحق السماء؟! تقولون إن الرئيس وصف «العملية» التجديدية النصفية الشوروية بأنها «انتخابات» مع أنها كلها كانت محض اختلاق وتزوير فاضح وخالص ونقي تماما من أي شائبة نزاهة.. حسناً، وماالذي قاله الرئيس مختلفاً مع هذه الحقيقة؟ لا شيء في الواقع.. فكل ماصدر عن سيادته أن حزبه «حقق أهدافه من الانتخابات» التي لم يقل الرئيس إنها نزيهة ولا شريفة ولا نظيفة ولا حاجة من دي أبداً، فقط اكتفي بأنها «انتخابات» فحسب، وطبعاً لايمكن عقلاً أن يكون هناك تزوير إلا بمناسبة «انتخابات» سعيدة من النوع الذي عاشته السيدة مصر واستمتعت به قبل أسابيع قليلة!! غير أن أغرب ما وجه من نقد لكلام الرئيس مبارك هو استغراب البعض واستهجانهم إشارة سيادته المبهمة إلي «الأهداف» التي رأي أن حزب حكومته «حققها» من هذه الانتخابات، ويتساءل هؤلاء البعض عن جنس تلك الأهداف مادامت العملية كلها مزورة ومسخرة علي النحو الذي يعرفه القاصي والداني والمقيم في بلاد تركب «السلعوة»، إلا إذا كان التزوير هو الهدف؟! هكذا يتساءلون باستنكار، والحقيقة فإن المرء لا يملك حيال هذه الجرأة التي تلامس حدود البجاحة إلا أن يندهش و«يذبهل» بشدة، فكيف لكائن من كان أن يسمح لنفسه بالتدخل بالرأي في شأن خصوصي ومتخصخص مثل علاقة الرئيس بحزبه وحزب «سياسات» نجل سيادته، وما بالضبط وجه الغرابة في أن يكون «التزوير» هو هدف الحزب فعلا؟ ثم أليس من قبيل الشيء البارد أو «الحاجة الساقعة» أن يُعين بعضهم نفسه مصلحاً اجتماعياً وقيّماً علي حزب الحكومة ويدعي معرفة مصلحته ونوع «أهدافه» أكثر من رئيسه وزعيمه وولي نعمة أعضائه جميعاً؟! لكن المتبجحين هؤلاء أمعنوا في السخافة أكثر وأكثر وحلقوا بها في سماوات وفضاءات بعيدة عندما راحوا يتتريقون ويستخفون بما قاله الرئيس مبارك عن «الأداء الجاد المتطور» الذي أداه مرشحو حزب سيادته في عملية الانتخابات الشوروية المزورة التي خاضوها بكل شجاعة وإقدام وقلوب ميتة ودون أن يرف جفن واحد في عيونهم الكحيلة.. ولست أعرف وعهد الله ما الداعي لهذا الاستخفاف الممجوج الذي يتجاهل أن «الأداء» كان حقاً «جاداً ومتطوراً» وعجيباً جداً بدليل النتائج الفريدة التي انتهت إليها «العملية» كلها، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر أن حزب الحكومة نفذ عملياً مبدأ «لا خاب من استشار» ومن ثم أهدي خمسة أحزاب معارضة ميري عدد 10 مقاعد «تشاورية» بواقع كرسيين اثنين لكل حزب، كرسي بالتزوير وكرسي بالتعيين!!