ليس جديدًا على مصر أن تحتفل بالعيد وهى تقاتل. قدَر مصر دائمًا أن تكون مستهدفة بسبب موقعها ومكانتها وتأثيرها فى المنطقة. وقدر شعبها أن يكون دائمًا فى الحالة التى وصفها جمال عبد الناصر يومًا ب«يد تبنى، ويد تحمل السلاح لتدافع عما تبنيه»، سنوات طويلة عشناها فى ظل هذه الأوضاع، ومع ذلك ما زال هذا الشعب العظيم قادرًا على أن يقهر المصاعب، وأن يبنى ويقاتل، وأن يختلس ساعات الفرح فى صوفية عجيبة تؤمن أن الله معنا، ومن كان الله معه فلا يحزن أبدًا. يجىء العيد بعد عام أنجزنا فيه الكثير. نتذكر مثل هذه الأيام من العام الماضى وصوت الإرهاب يرتفع من منصات رابعة والنهضة، والأمن غائب، والعصابات الإجرامية التى وجدت الملاذ فى حكم الإخوان الأسود تعيث فى الأرض فسادًا، والحصار الخارجى بقيادة أمريكا يحاول إجهاض الثورة وإنقاذ مخططاتهم التى انفضحت مع سقوط حكم الإخوان الفاشى. يكررون نفس اللغة القديمة الفاشلة التى جربوها قبل ذلك مع ثورة يوليو لا يتعلمون الدرس ولا يفهمون أن شعب مصر حين تتوحد إرادته فلن تستطيع قوة على ظهر الأرض أن تقهره. لا يدركون أن جيش مصر لا يمكن أن يقف إلا حيث تكون إرادة الشعب.. هكذا كان الأمر منذ ثورة عرابى وإلى اليوم والغد. ما يفعله الأعداء الآن ضد مصر، وما تشهده المنطقة من حولنا، هو الدليل على عظمة ما أنجزناه فى 30 يونيو وما بعدها. عصابات الإرهاب ما زالت تقاوم نهايتها المحتومة. جرائمها الحقيرة تؤكد أن استئصالهم الكامل ضرورة حياة لهذا الوطن. ما يجرى فى المنطقة ليس منفصلا عن إشعال النيران على حدودنا. المؤامرة واحدة وإن تعددت الأيادى المنفذة. مصر هى المستهدفة قبل غيرها، ومصر هى المقبرة التى ستدفن فيها كل هذه المؤامرات كما كان الحال على مر التاريخ. ما أنجزناه خلال عام مضى (رغم أى تحفظات) يجعل ثقتنا بلا حدود فى المستقبل. ما فعله ويفعله أعداؤنا فى الداخل والخارج يزيدنا إيمانًا أن هزيمتهم فى 30 يونيو ستكتمل بالهزيمة الكبرى حين نستأصل الإرهاب من جذوره، وحين نأخذ بقصاص الشهداء، وحين نجعل من القتلة ومن يساعدونهم عبرة لكل من يقف ضد إرادة الشعوب، ولكل من يتاجر بالدين ويخون الوطن. أسوأ الحروب تكون حين تواجه عدوًّا خسيسًا لا يراعى حرمة، ولا يعرف خُلقًا ولا دينًا. يبيع نفسه للشيطان وهو يتستر بدين عنوانه الرحمة والتسامح. حين جاء الإخوان للحكم قالوا إنهم يحملون الخير لمصر. هل رأيتم منهم إلا القتل والخراب والتدمير الذى ما زالوا يحاولونه حتى الآن. مشكلتهم جميعًا (من الإخوان إلى داعش).. أنهم ليسوا فقط أعداء للدين والوطن، بل هم أيضًا أعداء للحياة. يأتى العيد ونحن فى حالة حرب ضد هؤلاء القتلة الأوغاد ومن يساندونهم وضد كل من يريدون الشر بمصر المحروسة وشعبها وجيشها. نقدم أغلى التضحيات بروح راضية، ونحن متأكدون أن الله معنا ومع مصر العزيزة التى لم تتخل يومًا عن إيمانها بأن الدين محبة، وأن الثورة دعوة لإسعاد البشر. يأتى العيد ونحن نبنى ونقاتل، ونحتضن لحظات الفرح، وننتظر النهاية المحتومة لأعداء الحياة. كل عام وأنتم بخير.