وصف رئيس تحرير جريدة الجمهورية، الوقفة الاحتجاجية التي قام بها المئات من شباب القوي السياسية في القاهرةوالإسكندرية عقب واقعة قيام اثنين من المخبرين في مدينة الإسكندرية بضرب الشاب خالد سعيد حتي الموت بأنها وقفة احتجاجية من أجل حشاش !وهذا الحشاش الذي صب عليه رئيس التحرير جام احتقاره هو مواطن مصري في ريعان الشباب، كان من الجائز جدا أن يكون ابني أو ابنك أو ابن أي أحد في مصر ليس له سلطة أو نفوذ أو معارف وليس ابنا لرئيس تحرير جريدة حكومية، ضربوه ودقوا رأسه في الحديد والرخام علي مرأي ومسمع من المارة وأهل الحي واقتادوه إلي قسم الشرطة ليجهزوا علي ما بقي منه بحرية ودم بارد ودون وخزة ضمير فقسم البوليس هو عزبتهم وعزبة أسيادهم التي يفعلون فيها بالبشر ما يعن لهم ، منتشون لكونهم عبيدا صالحين لمأموريهم ، ثم ألقوا به في الشارع بعدما تأكدوا أنه فارق الحياة !! ووفقا لوجهة نظر رئيس التحرير فإن الحشاش ليس إنسانا ولا تجوز عليه الرحمة ولا يخضع إلا لقانون رجالات المباحث الذين يستنكفون أن يطبقوا القانون أو يطبق عليهم القانون بل هم القانون يطبقونه بالسوط والبلطجة وفجر الجبناء ورخص الوضاعة حين تجد نفسها ذات سلطة وسلطان، ما يدعو للأسي هنا ليس مأساة هذا الشاب علي يد زبانية الشرطة برغم هوله وبشاعته، فما حدث لخالد سعيد ليس الأول ولن يكون الأخير بالتأكيد إذ يكفي أن نعرف أنه خلال ستة أشهر فقط رصدت جمعية المساعدة القانونية مئة وست وسبعين حالة انتهاك وتعذيب وهتك عرض وأربعين حالة تعذيب وثلاث وتسعين حالة وفاة تحت التعذيب في عام واحد وهو الأمر الذي أكدته أيضا المنظمة المصرية لحقوق الإنسان!! نحن إذا أمام مسالخ للمواطنين وليست أجهزة شرطة معنية بأمن المواطنين، هذا يعني ببساطة أن التعذيب منهج دولة ووسيلتها الفعالة التي تضمن بها بقاءها في السلطة وتروع بها المواطنين كي يفكر كل من تسول له نفسه أن يعترض أو يطالب بحقه أو حتي تطبيق القانون، يفكر ألف مرة قبل أن يقدم علي هذه المغامرة التي قد يدفع حياته ثمنا لها ، إن ما حدث لخالد ورفاقه التعساء في هذا البلد هو نتاج لنظام يحكم بالقوانين الاستثنائية وفي ظلها تربت أجيال من ضباط الشرطة في غياب سيادة القانون علي أن يكونوا كرباج السلطة التي تنكل بلا ضابط ولا رابط ، الكارثة الحقيقية أن يتم التعامل مع هذا الحادث باعتباره حادثا فرديا كما يحاول كتبة السلطة أمثال رئيس التحرير المذكور إقناع العامة به أو أنها مجرد تصرف أحمق أو غير مسؤل من مخبرين منحرفين وهي في الحقيقة محاولة محاطة بكل أسباب الفشل ، حتي لو طلع علينا وزير الداخلية بقرار يدين رجال الشرطة الذين أزهقوا روح خالد سعيد ويأمر بإحالتهم للتحقيق، أو ربما تنطلق المفاجأة المدوية التي اعتدنا عليها في مثل هذه الأزمات أن يطالب الرئيس مبارك شخصيا بمحاسبة المسئولين وربما يزيد في كرمه فيعزي أسرة سعيد وعندها سيصبح بالتأكيد الشهيد سعيد! لتنطلق مانشتات صحافة الحزب وأولهم طبعا صحيفة رئيس تحرير الجمهورية فيتبدل الحال ويصبح الحشاش ضحية ومجنيا عليه في واقعة تجاوز قلة منحرفة من رجال الشرطة يجب الوقوف معهم وقفة حاسمة مثلما فعل الأب الإنسان سيادة الرئيس وكذا وزير داخليته العادل، كلها لا شك سيناريوهات متوقعة ومحفوظة، وهنا تكون الكارثة الحقيقية أن ينطلي هذا الكذب وهذا الزور وهذا الفساد المروع علينا مرة أخري ، فهذه المرة توافرت أجواء فضحت غباء السلطة وعجزها عن أن تخرج كما اعتادت من مأزق الانتهاكات التي لا تعد ولا تحصي التي تمارسها كل يوم تجاه مواطنيها، ليس سرا ولا اجتهاداً جديداً أن المخبرين ما كانا يجرؤان علي مثل هذا الجرم لو لم يكن هناك ضوءا أخضر من رؤسائهم الذين أخذوا هم أيضا ضوءا أخضر ممن يرأسونهم حتي نصل إلي المفتاح الرئيسي الذي يشعل الضوء الأخضر من القمة وهو نفس الضوء الأخضر الذي هرب كبار الفاسدين من القتلة وناهبي أموال هذا الشعب إلي الخارج. نفس المصدر الذي أعاد الاعتبار لمن حوكموا من ضباط الشرطة في قضايا تعذيب ولم يتم عزلهم من وظيفتهم رغم أنها قضايا مخلة بالشرف بل ومنهم من يلتحق بسلك النيابة والقضاء بعد ذلك ! وفق ما جاء في التحقيق الصحفي الذي نشرته جريدة الوفد في عددها الصادر بتاريخ 17يونيو 2010 ، وهذه المهمة الخطيرة التي تضطلع بها الحكومة تقتضي التضحية ببعض المسئولين هنا وهناك لكي يكونوا كبش فداء للقتلة الحقيقيين. ضوء أحمر يجب أن يضاء من بيت كل خالد سعيد في هذا البلد يعمي عيون الذئاب التي تنهش في جسد هذا الوطن .