يعتقد البعض أن مهاجمته وزيراً ما هو بمثابة تمهيد لقرب خروجه من الوزارة..وإذا اتصل بأحد الوزراء أو قام بالتعليق علي ما يجري من أحداث يومية في الشارع..تعامل الإعلام مع تصريحاته بصفتها توجيهات رئاسية..وقد لا يكون ذلك كذلك..لكنه الالتباس الذي يحدث في عقول الكثيرين. هو الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية وعضو مجلس الشعب..الذي هاجم سياسة الخصخصة بعد أن جرت الخراب علي عمال مصر..فأعلن بعدها وزير الاستثمار إلغاء الخصخصة كسياسة دولة..وتم حل مشاكل المعتصمين علي رصيف مجلس الشعب. وعندما وقعت كارثة قطار المناشي..هاجم زكريا عزمي وزير المواصلات وقتها لطفي منصور..ولم تمض ساعات حتي فوجئ الرأي العام باستقالة (أو إقالة) منصور..يمكننا هنا أن نذكر عدداً من تعليقات عزمي التي كانت مؤشراً لتغيير مسئولين أو سياسات حكومية. أمس الأول نشرت صحف الجمعة تصريحات منسوبة للدكتور زكريا عزمي في قضيتين مهمتين..الأولي نشرتها صحيفة «الدستور».. عن شكوي طلاب الثانوية العامة من صعوبة أسئلة امتحان إحدي المواد.. وطالبوا بتدخل الرئيس مبارك لإنقاذهم من وزير التعليم..وأرجعوا توقعاتهم بتدخل الرئيس بعد كلام الدكتور زكريا عزمي في مجلس الشعب..بل إن رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب دعا عزمي لحضور اجتماع لجنة التعليم لإتخاذ القرار اللازم في الامتحانات..لكن الدكتور كمال مغيث خبير التعليم -كما نشرت «الدستور»- كان أكثر جرأة وهو يقول: ( تدخل رئيس ديوان رئيس الجمهورية يعني أن الرئيس مبارك تدخل بالفعل). في نفس يوم الجمعة نشرت «المصري اليوم» خبراً عن تصاعد أزمة النقابة العامة للصيادلة..ورأت الصحيفة أن قضية الصيادلة شهدت تطوراً غير مسبوق..بعد أن طلب الدكتور زكريا عزمي ملفاً شاملاً عن أزمة الحراسة التي تواجهها النقابة وأسباب توقف الانتخابات. المعني الذي وصلنا من الخبرين السابقين هو تأكيد ما استقر في أذهان الناس أن كل حديث أو تصريح أو تعليق للدكتور زكريا في قضية معينة.. يعني أن الرئيس مبارك يولي تلك القضية اهتماماً.. وقد يكون هذا الفهم غير صحيح..لأن زكريا عزمي يحمل صفتين..الأولي كرئيس ديوان رئيس الجمهورية وهو منصب..الأصل في طبيعته ألا يظهر صاحبه في وسائل الإعلام أو أن يعلق علي حدث هنا وقضية هناك..والصفة الثانية التي يحملها زكريا عزمي هي صفته النيابية بحكم أنه عضو مجلس الشعب عن دائرة الزيتون..وهي صفة تتيح لصاحبها أن يقول ما يشاء في مختلف القضايا تحت قبة البرلمان وفي وسائل الإعلام..ولأن الرجل يحمل الصفتين ومن ثم جري الالتباس في الفهم لدي الناس. وعندما نقرأ تصريحاً للدكتور زكريا أو نسمع له تعليقاً في الفضائيات..تنتاب البعض الحيرة ويتساءلون:بأي الصفتين يتحدث عزمي؟!.. ولنأخذ الثانوية العامة مثالاً حيث انتقد عزمي ما جري للطلاب بسبب صعوبة الامتحان..وهو هنا يتحدث بصفته النيابية، لكن أولياء الأمور والطلاب، نظروا إلي تصريحه بصفته رئيساً لديوان رئيس الجمهورية..وبالتالي أعلنوا تفاؤلهم بتدخل رئيس الدولة..بينما وجدنا عزمي في أزمة الصيادلة يتصرف بصفته الوظيفية. من المسئول عن هذا الالتباس الحاصل في أذهان الناس..عندما يتحدث الدكتور زكريا..هل الناس أم زكريا عزمي..ولماذا لا يحدد الرجل طبيعته التي يتحدث بها قبل الإدلاء بتصريحاته..فهل يتكلم بصفته رئيس الديوان أم عضو البرلمان..ولماذا يترك مثل هذا الالتباس مستمراً طوال كل هذه السنوات؟.