مع قرب الاستحقاق الثالث والأخير من خارطة المستقبل، وهو الانتخابات البرلمانية، تكثر الجهود الرامية إلى تشكيل تحالفات انتخابية من أجل حصد غالبية مقاعد البرلمان، ولعب دور فاعل فى تشكيل الخريطة السياسية للبلاد، وفرض قواعد اللعبة على الرئيس، من خلال استغلال ما للبرلمان من سلطات وصلاحيات وفق دستور البلاد الجديد. ووسط هذه الأجواء تجرى جهود ماراثونية من أجل تشكيل تحالف انتخابى واسع. حزب الوفد من جانبه أعلن عن تشكيل تحالف انتخابى تحت مسمى «الوفد المصرى»، ويجمعه مع: المصرى الديمقراطى، والإصلاح والتنمية، والوعى، والكتلة الوطنية، التى تتشكل من عدد من النواب السابقين. فى المقابل تحاول الأحزاب اليسارية والقومية، وتحديدا التى دعمت حمدين صباحى، تشكيل ائتلاف انتخابى يخوض الانتخابات البرلمانية، ومن بين أبرز مكوناته: التحالف الشعبى، والتيار الشعبى، وحزب الدستور وحزب الكرامة. ومن ناحية ثالثة يبذل السيد عمرو موسى جهودا ضخمة من أجل تشكيل تحالف انتخابى يتجاوز الانتماءات الأيديولوجية، ويجمع قديم الأحزاب وجديدها، ومنها من كان ينتمى إلى «الوطنى» المنحل، بشرط أن يكون حسن السير والسمعة، ولم تتم إدانته فى أى من قضايا الفساد الاقتصادى أو السياسى. وتبقى بعد ذلك حزب المصريين الأحرار، الذى قرر من البداية العمل مع حزب يسارى هو حزب التجمع، من أجل تشكيل تحالف انتخابى واسع قائم على أساس برنامج وطنى لا سياسى أيديولوجى، وأعلن حزب المصريين الأحرار أنه سوف يعمل على ضم شخصيات وطنية ذات وزن من أجل ضمان الفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان القادم. كل الجهود السابقة تعد جهودا منطقية ومتوقعة، كما أن التحالفات تتجاوز الانتماء الأيديولوجى المباشر، ربما باستثناء التحالف الذى سبق له دعم حمدين صباحى، الذى يبدو أنه يعطى الأولوية للمكون الأيديولوجى اليسارى بصفة عامة، أما غير المنطقى فى هذه الجهود فهو ظهور وجوه من زمن مضى بالمعنى السياسى والزمنى أيضا، وجوه انتمت إلى نظام مبارك وتعاونت مع الجماعة وأبرمت معها الصفقات، ثم عصفت بها الجماعة خارج المشهد، وهناك وجوه اختارت الابتعاد عن المشهد تماما زمن الإخوان، وتركت الشعب يواجه مصيره دون أن تبذل أى جهد فى مقاومة ظلم الجماعة، أو دعم روح المقاومة الشعبية. نقصد بذلك شخصيات من أمثال رئيس الأركان الأسبق سامى عنان، ورئيس المخابرات العامة الأسبق مراد موافى، فقد عاد كل منهما إلى تكرار محاولته السابقة للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية، حيث حاول سامى عنان ممارسة لعبة خلط الأوراق عبر الحديث عن ترشحه للرئاسة بأسلوب زمن قديم فات ومضى، وانتهى الأمر بخروجه من المشهد بمؤتمر صحفى سبقته مناورات وطلب مكاسب شخصية. عاد سامى عنان ليعلن عن نيته تأسيس حزب سياسى هو زعيمه الروحى، ونجله يتولى الرئاسة ويخوض الانتخابات البرلمانية القادمة، السؤال هنا ماذا يريد عنان وهل لديه مؤهلات سياسية تجعله يؤسس حزبا سياسيا جديدا؟ نفس الأمر ينطبق على مدير المخابرات العامة الأسبق مراد موافى، ما الذى جعله بعد فترة سكون زمن الإخوان يفكر فى ترشيح نفسه للرئاسة، ثم قيادة جهود لتشكيل ائتلاف انتخابى واسع يخوض الانتخابات البرلمانية القادمة؟ المؤكد أن وجوه الزمن الذى مضى لن تعود مجددا إلى الساحة السياسية، لأن الشعب لن يقبل بعودة هذه الوجوه التى كان عليها أن تبقى فى خلفية المشهد، فلها ما لها وعليها ما عليها، ومن ثم فإن العقل والحكمة يقتضيان من هذه الشخصيات الابتعاد عن المشهد والاكتفاء بما حققوه فى زمن مضى، مضى بسياساته، وتحالفاته، وقواعده وشخوصه أيضا.