منذ رحيل المخرج العظيم عاطف الطيب ولم أر مصر الحقيقة علي الشاشة رأيت في كثير من الأحيان مصر أخري مصر التي نعيش فيها يتباري الجميع ليحشدوا لنا علي الشاشة ناس غير ناسنا وربما ناس غير ناسنا ومشاهد لانراها في مصر وربما تكون إلا قليلة ولكن الأشاوس السينمائيين يقولون لنا عبر شاشتهم إن مصر هي رهان الرجال علي النساء عبر لعبة أو مصر الحقيقة هي ما يحدث في العشوائيات بكل مآسيها الكبري والصغري لذلك يشتاق المصريون من امثالنا رؤية مصر الحقيقية في السينما يتمني ان نري أحمد زكي في الحب فوق هضبة الهرم في مشهده تحت الدش ويري بعينه كيف يكون مكان استحمام الطبقة الوسطي والفقيرة في مصر يري الكنبه التي كان يجلس عليها والده في الفيلم ليتعرف عليها جيدا فتلك الكنبة رآها كثيرا في بيوت المصريين يري الحلم كيف يسرق في فيلم كتيبة الإعدام ويري ايضا رحلة نور الشريف المدهشة في البحث عن سارق تاريخه وحياته يري البنسيون الذي اقام فيه وكيف كان بنسيونًا مصريًا صميمًا مصر الحقيقة تركها فنانونا واختاروا العري والمشاهد الفاضخة ولكن كالعادة مصر مازالت تنبض وهناك الكثير من الفنانين الذين يقدمون لوطنهم وشعبهم افلامًا محترمة لا تخجل من اصطحاب أهلك في السينما لرؤيتها هذا ما أحسسته وأنا أشاهد فيلم الفنان المحترم (عسل إسود) ومسيرة أحمد حلمي السينمائية كانت وما زالت رمزا مهماً لسينما محترمة تقدم فنا محترما لذلك لم يكن غريبا ان نجد كل هذه الجماهير للنجم أحمد حلمي فالجميع يعشق افلامه. عسل إسود مثال جيد لافلام نحن نحتاج اليها في مصر فنحن في تلك المرحلة الصعبة التي نعيشها من مآس كثيرة في الوطن نحتاج من يذكرنا أننا ما زلنا بخير وأننا ما زال فينا الكثيرون يحتضنون بعضهم في دفء من الصعب أن يشاركنا شعب آخر في عطائه لهذا الدفء محتاجون أن نري في بلدنا الأشياء الجميلة حتي لو كانت قبيحة محتاجون أن نعطي لأبنائنا مثالا علي ان هذه البلد زي العسل وربما يكون العسل اسود ولكن لا يمكن لأحد أن ينكر أن عسل ذو طعم جميل ولذيذ هذه المعاني الجميلة قدمها لنا فناننا المحترم أحمد حلمي فمن خلال عسل اسود رأينا مصر الدافئة التي أبرزتها أسرة صديق أحمد حلمي واذا نظرت جيدا في شقة هذا الصديق ستجد مصر الحقيقية الأم الحقيقية الفنانة انعام سالوسة تلك الأم التي تحتوي الجميع بحنانها ودفء قلبها وتري الابن ذا الواحد والثلاثين عاما والذي يعيش في البطالة وبيته يحتضنه نري زوج الابنه الذي يعاني من مشاكل نفسية بسبب احساسه بعدم الراحة في البيت لانه ليس بيته ومع ذلك نجد بداخله مجموعة من الأحاسيس الطيبة.. الشقة نري فيها مثالاً للشقة المصرية الاصيلة في الأماكن الشعبية في القاهرة العمارة.. الشارع.. القهوة.. عندما تراها لايمكن إلا أن تقول إنها مصر ومع كل المآسي التي رآها أحمد حلمي المصري في الفيلم من إحساسه بالغربة وهو في وطنه منذ وطئت قدماه أرض مطار القاهرة مرورا بسائق التاكسي المبتز الذي جسده ببراعة الفنان لطفي لبيب وضياعه في الوطن برغم اعتزازه بجواز سفره المصري مع كل ذلك فإنك تجد بجانب ذلك مصر الحقيقة العظيمة التي مثلتها اسرة الفنان إدوار.. في الفيلم. أحمد حلمي فنان جاء الينا ليس لإضحاكنا فقط ولكن جاء ليوقظنا من نومنا وتاملوا أفلامه لتتأكدوا اننا امام فنان خرج من مصر الحقيقية من بنها تلك المدينة الجميلة التي أتشرف أن تكون حدودها مشتركة مع حدود بلدي قويسنا نحن محتاجون إلي أصوات كثيرة مع أحمد حلمي ترفع لنا قيمة الانتماء وتحببنا في مصر بعسلها الإسود تحية إليه وتحية إلي أسرة الفيلم فلقد كان فيلما ممتعا.