الوحشية لا تأتي وحدها أبداً.. دائماً ما تظهر مصحوبة بنذالة. في عملية قتل خالد سعيد وجد المجرمون كتائب إعلامية تقاتل في صفوفهم وتردد أكاذيبهم في حق الشهيد، ووجدوا أناساً علي استعداد لبيع الشرف والضمير مقابل منافع رخيصة ومنحطة للغاية. لا أتحدث عن الصحفي البعرور الذي بدا وكأنما دخل رهاناًً مع كلب حول من يقوم بالخدمة أفضل.. وكسب الرهان طبعاً، ولكنني أتحدث عن صحفيين شبان كان فيهم أمل وكان يرجي ألا يتمادوا في ترديد الكلام السافل حول خالد والسيدة والدته. إلي هؤلاء الصحفيين الذين لم يتلوثوا كثيراً بعد، أتوجه بالرجاء وأقول لهم: عيب أن تكتبوا أن والدة خالد تراجعت عن أقوالها وقالت أمام النيابة إن خالد لم يكن حشاشاً ولم يكن يتاجر في المخدرات!!. هذا القول الفاجر تصدّر صحيفة خاصة ولم تنشره صحيفة حكومية، وهو يعني أن السيدة الفاضلة أم الشهيد خالد سبق لها وقالت عن ابنها أنه مجرم وتاجر مخدرات، فأين ومتي حدث أن قالت هذا بالضبط؟ هل قالته في تحقيق سابق أمام النيابة أم أدلت به لصحيفة أم رددته أمام كاميرا إحدي القنوات التليفزيونية؟. هل يمكن أن يقدموا لنا إجابة عن هذا السؤال؟. المؤكد أنهم لن يجيبوا لأن أم خالد لم تقل أبداً هذا الكلام عن ابنها، وليس هناك أم في الدنيا يمكن أن تشارك في اغتيال ابنها معنوياً بعد أن قام الوحوش بتصفيته في الشارع. حتي القتلة والمجرمون ورؤساء العصابات لا يمكن أن يقولوا عن أبنائهم هذا الكلام وإن كان صحيحاً، فما بالنا بسيدة شريفة فقدت لتوها فلذة كبدها علي يد مجرمين.. فهل من المتصور أن تقدم للقتلة مبرراً يسوقونه للرأي العام لتخفيف فظاعة جريمتهم؟. لماذا إذن يقوم الصحفيون بترديد كلام القتلة ولماذا لا يرأفون بحال أم مكلومة؟ ألا يكفي ما هي فيه حتي يتآمروا عليها ويقدموا لأسيادهم قدراً كبيراً من الخسة كنقوط ملوث في حفل زفاف الوحشية علي الوساخة؟ وهذه علي أي حال لم تكن المرة الأولي التي يذبح فيها الإعلاميون واحدة من الأمهات بعد مقتل ابنها، ولعلكم لم تنسوا أبو العربي البورسعيدي الذي لقي حتفه منذ سنوات عندما اندفع نحو سيارة الرئيس وفي يده مظلمة أراد تقديمها فظن الحرس أنه يهم بالاعتداء علي الرئيس فأردوه قتيلاً في ذلك الوقت كتبت صحف العار أن أم القتيل قالت لهم إنه كان سيئ السلوك وكثيراً ما جلب لها المشاكل منذ مولده!.وقتها أصبت باكتئاب وكرهت الحياة وتمنيت أن يحمل المستقبل ما يرفع الغمة، لكن بعد عشر سنوات فإن شيئاً لم يتغير، بالعكس أوغل غلمان الإعلام في الفحش وأصبحوا يشاركون الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية جرائمهم دون خشية من ربنا لدرجة كادوا معها ينسبوا لأم خالد أنها زغردت ابتهاجاً بمصرع وليدها ورقصت من الفرحة في مأتمه!.