طرح اختيار السفير سامح شكرى، سفير مصر السابق لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وزيرًا للخارجية، تساؤلًا حول الأسباب والدوافع التى تجعل اختيار وزير الخارجية بنسبة غالبة من بين الذين مثلوا مصر دبلوماسيًا في منصب السفير لدى أمريكا، واختلف عدد من السفراء والمتخصصين فى الشأن الخارجى حول هذا الأمر، حيث جرت العادة أن يتولى سفراء مصر السابقون فى واشنطن حقيبة وزارة الخارجية، وهذا ما حدث فى الاختيارات الأخيرة لوزراء خارجية مصر خلال الفترة السابقة، فبعد اختيار أحمد أبو الغيط سفير مصر الأسبق لدى الأممالمتحدة وزيرا للخارجية فى حكومة أحمد نظيف، جاء بعده بفترة الدكتور نبيل فهمى، ثم وزير الخارجية الحالى السفير سامح شكري. أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتور طارق فهمى، اعتبر فى تصريح خاص ل«التحرير»، اعتياد الحكومة المصرية على اختيار وزير الخارجية المصرية الذى فى حالات كثيرة ما يكون قد سبق له العمل سفيرا لمصر فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بأنه راجع إلى يقين راسخ لدى الحكومات المصرية بأن أمريكا بمثابة قارة كبيرة وصاحبة صنع القرار على مستوى العالم وواضعة ملامح الحياة السياسية لدى بلدان الشرق الأوسط، مضيفا أن اختيار سامح شكرى وزيرا للخارجية يؤكد لنا هذه الصورة، ويدعم ذلك التصور الذى على ما يبدو لم يتغير لدى مؤسسة الرئاسة الحالية.
فهمى أشار إلى أن من أهم مبررات هذا الاعتياد أن الرئاسة تعتقد أن السفير المصرى بواشنطن على «دراية تامة» بالسياسة الأمريكية، فى حين أن وزارة الخارجية فى أى دولة معنية بكل العلاقات الدبلوماسية مع جميع دول العالم، الأمر الذى يبرهن على أن دائرة اختيار وزير الخارجية المصرية ما زالت فى نطاق ضيق تماما لا يليق بمصر بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، مؤكدا أن المرحلة المقبلة تتطلب من مصر أن تنفتح على العالم ككل فى حين أن بوصلة الاختيار تأتى عكس ذلك.
فهمى أوضح أن اختيار سفير مصر بالولاياتالمتحدة ليس معناه أن العلاقات المصرية الأمريكية ستتحلى بالمحاباة، وإنما كل ما فى الأمر أن يكون وزير الخارجية متمتعا بأغلب أدوات التعامل الجيد مع طبيعة السياسة الأمريكية، نظرا إلى خطورة تأثيرها على أغلب البلدان خصوصا على العالم العربى، منوها بأن وزير الخارجية ليس هو السلطان فى هذا الصدد وإنما الرئيس عبد الفتاح السيسى هو صاحب التوجه الأصيل فى بوصلة العلاقات المصرية الخارجية، ليس مع أمريكا فقط وإنما مع جميع دول العالم.
أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أضاف أنه يجب على مؤسسة الرئاسة أن تسعى إلى تطوير علاقة مصر بأمريكا، على عكس ما يتبادر إلى البعض بأن علاقة مصر مع واشنطن ستختلف بعد ثورة 30 يونيو، مؤكدا أن السيسى حريص أشد الحرص على النهوض بالعلاقات المصرية الأمريكية خلال المرحلة المقبلة.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير هانى خلاف، إن سفراء مصر لدى واشنطن، غالبا ما يتولون حقيبة الخارجية، معتبرا أن كل سفراء مصر فى الولاياتالمتحدةالأمريكية هم «الأقرب» دائمًا إلى تولى المنصب، باعتبارهم قريبين من مركز السياسة وتغيراتها فى العالم.
خلاف أعرب عن تفاؤله بالوزير الجديد، واصفا إياه بأنه من «المدافعين عن القضايا العربية»، بالإضافة إلى تمتعه بكاريزما وصلابة وحنكة سياسية تحتاج إليها مصر بشدة فى المرحلة المقبلة، خصوصا فى البناء على ما أسسه الوزير السابق نبيل فهمى، الذى عمل على إعادة تأسيس للدبلوماسية المصرية على أساس المصلحة المصرية أولا وأخيرا. كما وصف خلاف وزير الخارجية الجديد السفير سامح شكرى بأنه «مدافع شرس» عن الحقوق المصرية، ويرى أن مصر لا بد أن تلعب دورا أكبر فى إفريقيا، التى أهملتها طيلة فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، خصوصا بعد محاولة اغتياله فى تسعينيات القرن الماضى.