الرئيس السيسي يشهد اختبارات كشف الهيئة للطلبة المُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    رئيس الوزراء يُتابع الموقف التنفيذي لخطة تطوير المنظومة الجمركية    مجلس وزراء الإعلام العرب يؤكد ضرورة مواصلة دعم القضية الفلسطينية بكل أبعادها    رئيس أركان الاحتلال يتغيب عن جلسة أمنية رغم طلب نتنياهو    منتخب مصر للسيدات يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا تحت 20 عامًا    مهرجان الفيوم يشارك في افتتاح مهرجان تونس للخزف ويعزز الحراك الثقافي والسياحي    قبطي يحصد درجة الماجستير في قسم اللغة العربية بآداب المنيا    سيف الحرية.. أسرار الموساد بإيران من سرقة الأرشيف النووى لاغتيال فخرى زادة    لوكاشينكو يؤكد لبوتين استعداد مينسك لاستضافة أي منصة للمفاوضات حول أوكرانيا    عُمان والبحرين يكملان عقد المتأهلين لكأس العرب 2025 في قطر    هيئة المجتمعات العمرانية توقع عقد أرض مشروع تجاري فندقي بقيمة 15 مليار جنيه    أبطال آسيا 2 - في غياب معتاد ل رونالدو.. النصر يكتسح استقلال دوشنبه برباعية    الزمالك يخطط لعودة رضا هيكل لتدعيم صفوف الطائرة    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    الإدارية العليا تمد أجل الحكم فى 187 طعنا على انتخابات النواب لجلسة السبت    وفاة شخص إثر انقلاب دراجة بخارية بصحراوي المنيا    ضبط سائق استغل سيارته الملاكى فى نقل الركاب وطلب أجرة زائدة بأسيوط    "الإحصاء": 100% من سكان المملكة يحصلون على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    مؤشرات أولية تكشف خريطة انتخابية أكثر تنوعًا.. وتقدم مرشحين معارضين يعيد تشكيل توازنات البرلمان المقبل    ارتفاع أسعار الذهب في مصر مع توقعات وصول عيار 21 إلى 5600 جنيه    أهم أخبار الكويت اليوم.. الأمير يشارك باجتماع الدورة العادية ال46 لمجلس التعاون    القبض على 3 متهمين اعتدوا على طالب بسلاح أبيض في الجيزة بقصد السرقة بالهرم    القبض على سائق تشاجر مع سيدة في أسيوط    قطاع أمن المنافذ يضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متعددة خلال 24 ساعة    انخفاض الذرة الصفراء، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    وزارة التعليم العالي تترقب حكم المحكمة لإلغاء الشهادات المهنية بالجامعات المصرية    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    فوز مدرسة الشهيد أحمد فوزى زيد الثانوية بنات بأبو حمص بلقب أفضل بالبحيرة    خالد جلال: "كاستنج" يسوّق المواهب الشابة بعرضها على الملايين    هل تكون هنا الزاهد عروس الوسط في 2026؟.. الفنانة تجيب    صدمة في الكرة المصرية..رمضان صبحي موقوف 4 سنوات بسبب المنشطات    رئيس هيئة الرعاية الصحية: استدامة التمويل الصحى ركيزة لجودة الخدمات    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    جامعة عين شمس تشارك في اجتماعات معاهد كونفوشيوس وتعزز تعاونها مع الجامعات الصينية    جامعة بنها تطلق مسابقة "فنون ضد العنف"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    مؤشرات الفرز الأولية والحصر العددى لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد بالدقهلية.. فيديو    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    إجراءات حاسمة تجاه المقصرين في الوحدات الصحية بقنا    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق البساتين بشبين الكوم    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    حريق يحاصر أشخاصا في مبنى شاهق في هونج كونج وإصابة شخص بحروق خطيرة    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    تقييم متوسط ل مرموش في مشاركته أمام ليفركوزن بدوري الأبطال    وزير الصحة يزور مستشفى «أنقرة جازيلر» المتخصصة في تأهيل إصابات الحبل الشوكي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    قافلة من أسنان القاهرة للكشف على طلاب كليات القطاع الصحى بالجامعة الأهلية    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الدستور الأصلي يوم 19 - 05 - 2014

«الإله الأبيض» يناصر عالم الكلاب ويفضح حماقات البشر!
شاهدتُ الكلب بطل الفيلم لأول مرة على خشبة مسرح قاعة «دى بى سى»، لم يكن يرتدى الببيون كما تقتضى مراسم الاحتفال، ولكنه بدا كأنه مدرك تماما لأهمية تلك اللحظة التاريخية التى دفعت به إلى هذا المهرجان، فلقد كان هو بالفعل بطل الفيلم ومن الواضح أنه مُدرَّب يعرف كيف يقف على قدميه ويردّ على تصفيق وتحية الجماهير بأحسن منها، وبالطبع لم يقف بمفرده كان معه كل أبطال فيلم «الإله الأبيض» المعروض فى قسم «نظرة ما» للمخرج المجرى كورنيل موندوز. عشت حالة من النشوة الفنية التى خاطبت مشاعرى وأطلقت العنان لفكرى، قبلها بساعات قليلة كنت أعايش نشوة أخرى استقرت فى عقلى وأضحكتنى مع فيلم «قصص متوحشة» للمخرج الأرجنتينى داميان زيفرون الذى عُرض فى قسم «المسابقة الرسمية» ويتكون من ستة أجزاء وهى من المرات القليلة التى نرى فيها عدة قصص فى عمل فنى واحد لنفس المخرج ولكنها من الحالات النادرة التى نستمع فيها إلى تصفيق الجمهور بكل صدق فى أعقاب كل حكاية، ستجد فيضًا من الدماء والعنف إلا أنك لن تتوقف عن الضحك. استطاع المخرج أن يضع إطارا على مشاعر الجمهور حتى لا يتفاعل مع الشخصيات ليستمر فى الضحك عليها حتى وهى تلقَى فى النهاية حتفها. دعونا نبدأ حكايتنا أولا مع هذا الكلب الذى خطف الأضواء من الجميع. الكلب هو رمز الوفاء ويتوقع أيضا المعاملة بالمثل، أو فى الحدود الدنيا عدم الغدر به، خيال المخرج المجرى كورنيل موندز جنح به إلى أن يمنح تلك الكائنات عقلا جماعيا يسعى للانتقام من البشر الخائنين، حيث إن الدولة قررت فرض ضرائب على من يحتفظ بنوع معين من الكلاب فقرر أغلبهم التضحية بها وإلقاءها فى العراء، تحولت تلك الكلاب الضالة إلى صفقات عند البعض، ووجدها آخرون تشكل خطرا على حياتهم، بينما قررت الدولة أن تنشر فى الشوارع قوات لاصطياد الكلاب وفرزها ومن ثم بيع الأفضل، وبدأت المطاردات وبدأ المخرج فى رسم ملامح لتلك اللعبة الفنية التى نشاهد فيها الكلاب وهى تمتلك عقلا للهروب من هؤلاء الطامعين فيها، إنها فى المرحلة الأولى لا تطمع إلا فى الدفاع عن النفس أولا والهروب من القيد وليس الانتقام، كما شاهدنا كلبا أبيض اللون صغير الحجم يمتاز بالذكاء ويبدو كأنه العقل المدبر لفكرة الهروب، وبالفعل بحيلة منه ينقذ الكلب البنّى بطل الفيلم الرئيسى. الأمر لا يتوقف عند ذلك الحد، حيث إنه بينما ارتضى الكلاب بالعيش بعيدا عن تجمعات البشر وخلقت لنفسها عالما جديدا فإن المطاردات لم تتوقف بحجة أنها تثير الرعب، والحقيقة أنها كانت حريصة على أن تعيش بعيدا عن عالم البشر على شرط أن لا يطاردوها، عالم الكلاب يبدو أكثر تسامحا كأنه يتعايش مع الحياة بحلوها ومرّها، إلا أن ممارسات البشر تعلّم الكلاب الشراسة.

شىء من هذا المعنى من الممكن أن تجده فى فيلم هيتشكوك «الطيور» عندما اعتدى البشر على الطيور الآمنة التى لم تفعل شيئا فقررت الطيور المسالمة بطبعها أن تطارد البشر وتحاصر بيوتهم كأنه قد حدث تغيير جينى مفاجئ، لا أقول إن المخرج يستلهم فيلم «الطيور» ولكنه ربما سكن فى لا شعوره، فقرر أن يقدم تنويعة سينمائية تحيل الطيور إلى كلاب.

بطلة الفيلم المراهقة «لى لى» نراها فى البداية بعد أن تصطحبها أمها إلى أبيها الذى انفصلت عنه وتؤكد لها أنها فقط ثلاثة أشهر ستقضيها بعيدا عنها، وهنا نرى تفصيلة إنسانية، حيث إن الأب لا يزال يعتقد أن ابنته مجرد طفلة بينما هى تجاوزت عالم الطفولة بزمن، يقدم لها هدية تصلح للأطفال بينما هى تخبره بأنها قفزت فوق هذا السور، إنه يعمل طبيبا بيطريا وهى تصطحب معها كلبها المفضل الذى لا تستطيع الاستغناء عنه ويقدم المخرج تفاصيل لتلك العلاقة الحميمية مثلا وهى تطعم الكلب من أكلها بينما أبوها يطلب منها أن تطعمه فقط من طعام الكلاب، كذلك عندما تحاول أن يشاركها الكلب سريرها بينما يصر الأب على طرده إلى الحمام. «لى لى» تزداد تعلقا به وتذهب به إلى دار الأوبرا، حيث إنها تتدرب وتعزف على آلة «الأبوا» ولكن صوت الكلب يعلو فيقرر المايسترو طرده فتتمسك به فيطردها معه وتعود بعدها بصحبة أبيها وتعتذر ولكن يظل مصير الكلب يؤرق الجميع، وفى طريق عودتها يجبرها الأب على أن تتركه فى الشارع فى لحظات وداع حرص فيها المخرج على أن نرى خلالها كل ملامح العلاقة الإنسانية والقهر الذى تعرضت له بطلة الفيلم، ثم نراها وهى تضع صورته فى الشوارع لكى يراه أحدهم ويعيده إليها، ونتابع محاولات الدولة فى السيطرة على الكلاب وكانوا يضعون النوع الغالى فى غرف منفردة، ونتابع رحلة الهروب للكلب بطل الفيلم ونشاهد أحد الصعاليك المشردين ينقذه لكى يتاجر به ويبيعه لمن يعلّمون الكلاب الشراسة ويستثمرونها فى مباريات ومراهنات، ونراه يقوم ببرد أنيابه ليصبح أشد شراسة، تلك الأنياب التى نشاهدها تنهش فى كلب آخر هى نفسها الأنياب القاتلة التى وجّهها الكلب ورفاقه بعد ذلك إلى كل من دفع بهم إلى هذا الطريق، وهكذا البشر هم الذين أحالوا الحيوان الأليف إلى شرس، ولم ينته الأمر عند ذلك الحد فلقد بدأ رحلة الانتقام وكان هو القائد ولم تستطع حتى طلقات الرصاص السيطرة عليها، حيث إنها كانت تتحايل عليها، وشاهدنا كيف أن الكلاب تنتقل من الدفاع عن النفس إلى الهجوم كأنها قد تعلمت الدرس من البشر بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع.

الكلب المنتقم استطاع أن يقتل حارسه وأطلق سراح باقى الكلاب وذهب لدار الأوبرا هو وباقى الكلاب وتوقعت «لى لى» أنها جاءت من أجلها، واستقلت عجلتها لتلحق بها وتهدّئ من روعها ولكن كانت ضربات الرصاص تزيد الكلاب شراسة ولا تتمكن «لى لى» من الإمساك بها وكلما زادت الضربات عنفًا ازدادت هى شراسة، كانت الابنة تعلم أن هناك أملا وكنا نعلم كمشاهدين أن الكلب الأبيض يعرف السر ولكن رصاص الشرطة اغتاله كأنه يقتل آخر أمل فى السلام، ولهذا يتوجه باقى الكلاب لحصار مقر عمل والدها الذى تلحق به ابنته ولا يجد أمامه إلا أن يمسك بالنيران وأسطوانة الأكسجين، بينما ابنته تمسك بآلة «الأوبوا» وتبدأ العزف وتطلب من والدها أن يوقِف إشعال النيران وتبدو كأنها تعقد اتفاقا مجددا مع عالم الكلاب ليعود السلام على الأرض على شرط أن تحفظ حقوق حتى من نرى أنهم الأضعف، ولهذا بعد أن استمعوا إلى عزفها ينبطحون أرضا ويبادلها كلبها نظرات التسامح، بينما والدها يدرك أن هناك شفرة جديدة، ويتبادل هو أيضا نظرات التسامح مع الكلاب التى امتلأت بالسكينة وعادت مجددا إلى طبيعتها.

هناك تدريبات للسيطرة عليها والتحرك فى مجاميع، بالطبع يلعب التصوير والمونتاج دورا محوريا وكثيرا ما يلجأ المخرج إلى اللقطات العامة حتى يمنح المتلقى الإحساس بعمق وشراسة المعركة كأنه يقدم جحافل من جيوش الكلاب، ثم ينتقل بعد تلك اللقطات العامة إلى تفصيلات على عيون الكلاب لنرى نظرة التحدى التى تنطق بها فيمنح خصوصية للّقطة، لتصل الرسالة أنه حتى الضعفاء أو من نعتقد أنهم كذلك يحيلهم الظلم إلى قنابل موقوتة تدمر الحياة كلها، فهل وصلت الرسالة، ضاقت المساحة وأستأذنكم فى الغد للحديث عن فيلم «قصص متوحشة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.