ساعة عصرية ..يوم ملوش طعم ..هم الدنيا بحث عن مكان فلم يجد إلا رأسه فربض فوقها..الكرسى الذى يجلس عليه جلد ويشتعل مع الوقت ..زحمة الشارع لاتطاق..الناس تتراقص أمامه على الأسفلت غير مبالين وكأنهم فى سكرات الموت ..الأوتوبيس يكتظ بالبشر ..رائحه مش ولابد تزكم أنفه ..كل الظروف تؤدى إلى الإنفجار ..إنفجار من الداخل إلى الخارج..فالداخل الأن مملوء بالحمم.. والنيران تبحث عن مخرج لتتحرر وتحرق من أشعلها ...ولاد الكلب ............... من هو ؟.. إنه حسن ..سواق الأتوبيس الفيلم الذى عثرت عليه حين أردت الهروب مما لا ينفع الهروب منه ..الواقع.. بحثت بالريموت الأله الديمقراطية الوحيدة حتى الأن فأنت تختار دون الضغط من شيخ أو قسيس..أو سياسى .. بحثت فى القنوات التى تلعب على رغبتك أحيانًا فى الرجوع للماضى حيث الذكريات وتعرض كل ما هو قديم من مسلسلات وأفلام ..وقعت عينى على المشهد الأخير من الفيلم حيث إنتفض "حسن" عندما سمع صراخ المرأة التى تستغيث من الحرامى النشال وسط البرود المريب من الركاب الذين لم يحركوا ساكنًا رغم صراخها وكأن الأمر لا يعنيهم بينما "حسن" قرر أخيراً أن ينتقل من رد الفعل إلى الفعل خصوصا بعد أن حجز "ولاد الكلاب" على "الورشة" الحصن الإقتصادى الأخير للعائلة .. ورغم هروب اللص من الشباك إلا أن حسن قرر عدم العودة ومطاردتة..خطواته وهو يجرى ورائه فى الشارع حملت كل معانى الإنتقام والحسم والإنهاء..يلتفت اللص شاهراً مطواه فى وجه حسن الأعزل ..يتفادى ضرباته الطائشة العشوائية..يحطم رأسه.. ثم يضم قبضتة بعد أن حملها بكل الغضب والغل الذى يجيش فى صدره ويهوى بها على عظام وجهه البارزة فيكيل له عدد من اللكمات الأولى فالثانية فالثالثة بكل ما أوتى من قوة فينفجر الدم ..وتسمع العبارة أو النداء المأثور "يا ولااااد الكااااالب"
مصحوبا بموسيقى تصويرية حماسية وطنية وفى خلفية المشهد ترى مبنى يقال أنه مبنى الحزب المنحل وكأنه هو مصدر هذة الكلاب الضالة...
ورغم أن الفيلم إنتاج 1982 إلا أن مشهده الأخير يعكس الكثير من واقعنا ويبدو أن كلاب 82 كان لهم جراء (جمع جرو والجرو هو صغير الكلب) كبروا الأن وأصبحوا كلاب مدربين ومسعورين ذوى أنياب زرقاء مسمومة تغرس فى أجساد البشر من أمثال "حسن" وغيره من الركاب غير المبالين الرافعين راية "وأنا مالى يكش تولع" موجودين الأن حتى بعد الثورة .. ولاد الكلاب هؤلاء يتصدرون المشهد الأن تراهم فى الإعلام وفى كل مؤسسات الدولة وفى الحياة السياسية يتصدرون بكل وقاحة وبجاحة وعدم إحساس بشكل تتأكد معه أن ما يجرى فى عروقهم ليس دمًا على الإطلاق ..وتجدهم حتى فى الشارع كالعبيد ركعًا سجدًا لصاحب السلطة يهتفون ويهللون رافعين صور القتله كالمجانين الهائمين على وجوههم
وحتى حسن الذى لم يتحرك إلا بعد أن دخل اللص فى عقر داره يوجد منه الملايين من المصريين الذين لا يتحركون إلا بعد أن يحتك حد السكين بجلود رقابهم فينتفضون بغريزة البقاء .. والسكين الأن أصبح سيفًا حاداً نصله مسموم ومرفوع فوق رقابنا جميعًا ...والأمر الان فى يد ملايين ال"حسن" عليهم أن يختاروا بين المهانة والكرامة بين العدل الحرية والمعتقلات والتعذيب ..تحركوا أوقفوا هذا هذا الأتوبيس الذى يجرى بنا نحو نفق الظلام والضياع.. هل نسيتم تلك الفتاة التى كانت تقف فى الميدان شامخة ترفع بيديها فوق رأسها يافطة مكتوب عليها " إذا مات السيد فأقتل كلبه ..فلن يكون ولائه إلا له" إنقذوا مصر والثورة من ولاد الكلب.....