إجتمع الدابودية والهلايل ، فى مكان واحد لأول مرة منذ إسبوع ، جنبا الى جنب ، وكما فرقت بينهم الأحزان والمشاجرات ، جمعتهم ايضا الأحزان. بالمصادفة وفى يوم واحد ، توفى إثنين من قرية جبل شيشة ، احدهما ينتمى الى قبيلة بنى هلال ، والأخر ينتمى الى قبيلة النوبيين ،وكانا صديقين وبعد تشيع الجنازة ،إتفق الطرفان على تلقى العزاء للفقيدين فى جمعية جبل شيشة ، وقام اللواء مصطفى يسرى محافظ اسوان ، يرافقه وفد القبائل العربية بتقديم واجب العزاء لأسرة المتوفيين.
وقد أشاد المحافظ بروح الأخوة والود ، التى جمعت بين الفقيدين، وكذلك ذويهم ليعكس ذلك التماسك والتآلف بين كافة أطياف المجتمع الأسوانى الذى كان ومازال جبهة واحدة ضد العنف والتعصب والقبلية ، لافتاً إلى أن ذلك ساهم بشكل كبير فى إحتواء الفتنه الأخيرة بين القبيلتين ، والتى تعتبر حدث عارض سيتم تجاوزه من خلال حكمة ، وحنكة كافة قيادات القبائل الأسوانية.
الجدير بالذكر ، بأن الفقيدين ، تم تشيعهما فى جنازة واحدة ، ودفنا فى قبرين متجاورين ، فالحاج رجب خليل الدابودى 60 سنه ، كان يعمل بشركة المقاولون العرب ، قد وافته المنية مصاباً بسكتة قلبيه بعد ساعتين فقط ، لحزنه الشديد على وفاة صديق عمره وجاره بمنطقة الشلال الحاج عبدالرؤوف حماده الهلالى 65 سنه ، والذى كان يعمل بميناء السد العالى ، حيث توفى مصاباً بجلطة دموية مفاجئة.
وأشار زكى أدريس ، من قبيلة الدابودية ، وأحد أهالى المنطقة ، بأن المتوفيان كان نموذجاً للصداقة والأخوة والجيرة الطيبة ، وكذلك أهالى الشلال سواء من الدابودية أو الهلالية ، الذين يعيشون لأكثر من 150 سنة فى هذه المنطقة ، كأسرة واحدة فى السراء والضراء ، ولم نعرف من قبل الفرق بين النوبى والهلالى , مؤكداً على أن هناك قواعد للتعامل بين كافة العائلات ومنها عند حدوث أى مشكلة يتدخل على الفور الكبير لردع الصغير ، منعاً لتجاوز أى حدود أو زعزعة العلاقات الودية بين أهل المنطقة .
وفى السياق ذاته ، رفض عبد المنعم حامد ، من قبيلة بنى هلال ، وأحد أهالى المنطقة التفرقة بين أهل أسوان ، وتأجيج العصبية والقبلية لأن الجميع مصريين ، وليس بينهم ما يستدعى التناحر أو الوقوف فى وجه بعضهم بالسلاح ، مشيراً إلى أن جمعية جبل شيشة والتى يتلقون فيها العزاء للفقيدين هى دار مناسبات مشتركة لجميع أهل المنطقة.