البيت الأبيض: بوتين أبلغ ترامب استعداده للقاء زيلينسكي قريبا    وسام أبو علي: أبحث عن الإنجازات الفردية والجماعية مع كولومبوس كرو    الإسماعيلي: لن نصمت على أخطاء الحكام تجاهنا    الداخلية: شائعة الإخوان بفيديو مفبرك محاولة يائسة لضرب الاستقرار    عايدة الأيوبي تتألق بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية.. وتُهدي غزة أغنية جديدة    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    الشيباني يناقش مع وفد إسرائيلي خفض التوترات في السويداء    بعد فوز ريال مدريد.. جدول ترتيب الدوري الإسباني عقب نهاية الجولة الأولى    راحة سلبية للاعبي المصري قبل الاستعداد لمواجهة حرس الحدود بالدوري    هشام يكن: محمد صلاح لاعب كبير.. ومنحته فرصته الأولى مع منتخب الناشئين    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    إقامة عزاء الإعلامية شيماء جمال بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق زوجها القاضي وشريكه    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    مع اقتراب تنفيذ اعترافه بفلسطين.. نتنياهو يجدد هجومه على ماكرون    «تصرف غريب ورفيق جديد».. كيف ظهر يورتشيتش من مدرجات بيراميدز والمصري؟    بعد أزمة الاستاد.. الزمالك مهدد بإيقاف القيد (تفاصيل)    عملية «الحصاد».. حكاية «تكنيك نازي» تستخدمه إسرائيل لقتل الفلسطينيين في غزة    إسرائيل تبدأ استدعاء جنود الاحتياط تمهيدًا لعملية محتملة في غزة    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    عاجل.. تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل الإعلامية شيماء جمال وشريكه بعد تأييد النقض    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    «بعملك غنوة مخصوص».. مصطفى قمر في أحدث ظهور مع عمرو دياب    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    صيانة وتشجير قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.. الشرقية ترفع شعار الانضباط والجمال    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    أمين مساعد «مستقبل وطن»: الحزب يستعد لانتخابات مجلس النواب بجولات تنظيمية    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    جهاز حماية المستهلك يكشف شروط الاسترجاع واستبدال السلع بالأوكازيون الصيفي    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    اندلاع حريق في عقار سكني بالكرنك بالأقصر والدفع ب4 سيارات إطفاء (صور)    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ بتابع سير العمل في مستشفى الحميات    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    مستقبل وطن بالغربية يكثف جولاته لدعم المستشار مجدي البري في إعادة الشيوخ    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    الأرصاد: اضطراب الملاحة على البحر الأحمر وخليج السويس والموج يرتفع ل3.5 متر    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في الدستور الأصلي يوم 19 - 03 - 2014

غَنِىّ عن البيان، كما أنه أمر بات واضحًا فاضحًا يراه كل مَن فى عينيه بصر، أننا نكابد ونعانى منذ انطلاق ثورة 25 يناير حتى ساعة تاريخه، من ظاهرة الثورجية العُبْط -دعك من المدَّعين الكذَّابين- الذين من فرط الحماس المعجون بالجهل والخيبة ألغوا عقولهم وسلَّموا أنفسهم لعفريت أحمر ركبهم ودلدل رجليه، وبدل أن يتخلصوا منه بالثقافة والقراءة والوعى أفرطوا فى تدليله وتدليعه والاحتفاء به يوميًّا بإقامة «حفلات زار ثورية» غابوا فى صخبها وضجيجها عن أهلهم وشعبهم مما سهل لعصابة الشر الإخوانية الفاشية أن تنجح فى نشل الثورة الحقيقية وتجريدها من أهدافها النبيلة تحت ستر ظلام عقول الثورجية هؤلاء، لهذا توسل المصريون بثورة ثانية عارمة (فى 30 يونيو الماضى) لكى يستعيدوا ثورتهم الأولى من ناشليها الأشرار. هؤلاء الثورجية العُبط نوعان:
أولهما يمين أهبل إلى درجة البذاءة، والنوع الثانى بدأ المنخرطون فيه من مواقع اليسار، لكنهم، بسبب التفاهة -ممكن تستبدل بها «العاهة العقلية»- والضحالة الفكرية مضافًا إليهما العُقَد الطبقية، استستهلوا التطرف العدمى الذى سرعان ما جرجرهم يمينًا حتى استقرُّوا حاليًّا فعلًا فى قلب خنادق الفاشية والإرهاب حيث تتمترس أحطّ وأبشع قوى اليمين وأكثرها توحُّشًا وظلامًا. وبهذه المناسبة التعيسة تحضرنى الآن حكاية «درامية» ذات مغزًى عميق سَمِعتُها من أستاذنا وعمنا الراحل الكبير محمود السعدنى. يحكى عمنا المتفجر بالموهبة والثقافة الرفيعة المخلوطة بتاريخ حافل من الصعلكة، أنه فى صباح يوم رائع من أيام الاعتقال الطويلة فوجئ بعدد من زملائه المعتقلين يقتحمون عليه زنزانته وقد ارتسمت على وجوههم سمات الصرامة والجدية، ثم أبلغوه باقتضاب شديد وبلغة قاطعة مانعة بأن الرفاق القادة اجتمعوا واتخذوا قرارًا ثوريًّا تاريخيًّا يقضى بضرورة تحدى إدارة المعتقل ومواجهتها مواجهة حاسمة عن طريق الدخول فورًا فى إضراب مفتوح عن الطعام، فلما سألهم عمّ محمود عن الهدف والسبب، قالوا له بالصرامة نفسها «لأننا نريد أن ننتزع من الإدارة (مكاسب) من شأنها تطوير وتحسين أوضاع معيشتنا فى السجن».
ولأن عمنا السعدنى لَجُوج ويستعصى على تلقِّى الأوامر وتنفيذها دون أن يفهم ويقتنع، فقد عاد لسؤال الرفاق عن نوع هذه «المكاسب» التى يتطلب الحصول عليها استخدام أخطر سلاح يملكه المسجون، ألا وهو الإضراب عن الطعام حتى الموت. باشمئناط ونفاد صبر ردّ الرفاق
«إحنا عايزين الإدارة تضع لنا (كوزًا) فى دورة المياه»، فعلَّق عم محمود قائلًا «طيب يا اخواننا، ألا يكفينا من المكاسب فى هذه المرحلة التاريخية الدقيقة هذا «الكوز» المفتخر الذى نشرب فيه الآن الشاى فعلًا، ونؤجل المطالبة ب(الكوز) بتاع دورة المياه إلى مرحلة تاريخية دقيقة مُقبِلة؟!»، فكان أن انبرى أحدهم هاتفا بمنتهى الحماس «لأ طبعًا.. (كوز) دورة المياه أهمّ وأخطر، وهو مكسب ثورى عظيم يستحقّ أن نبذل ونضحِّى من أجله بكل غال ورخيص»! أُسقِطَ فى يد عم محمود واضطُرَّ إلى الانصياع لأمر الرفاق قائلًا لهم «طيب على البركة، نتوكَّل على الله ونصوم وننتظر (المكاسب) لما تيجى»! يمضى عم محمود فى سرد حكايته مؤكدًا وهو يقسم بأغلظ الإيمان،
أنه «ما إن أعلن الزملاء الثوريون عن الإضراب وأبلغوا إدارة السجن بقائمة (المكاسب) التى يحتلّ (الكوز) رأسها، حتى بدأ شتى أنواع (المكاسب) ينهال بغير رحمة على رؤوسنا جميعًا، ابتداءً من الحبس الدائم فى الزنازين والحرمان من الفسحة والتسكُّع طول النهار فى فناء السجن، وانتهاء بالمعاملة الخشنة والضرب وسحب (الأكواز) التى كنا نشرب فيها الشاى، بل ومصادرة الشاى نفسه، وهو ما دفعنى» هكذا يقول السعدنى «للصراخ بحرقة من طاقة باب الزنزانة المغلق: أرجوكم يا رفاق، أبوس إيديكم وأيادى أهاليكم.. كفاية والنبى (مكاسب) لحد كده.. خلاص شبعنا واستوينا من (المكاسب) بتاعتكم)!». انتهت حكاية عم محمود السعدنى،
ورغم أن العبد الفقير إلى الله كاتب هذه السطور ليس متأكدًا تمامًا من دقتها التاريخية، فإننى أجد نفسى مضطرًّا الآن إلى أن أستعير صرخة عمنا محمود نفسها وأهتف: والنبى يا ثورجية كفاياكم «ثورجة» عبيطة.. خلاص شبعنا واستوينا، وأخشى أن «كوز» الثورة على وشك «الانخرام» التامّ، وقد يتسرب ويتسرسب منه ما تَبقَّى من أهدافها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.