كان داى الجزائر أى حاكمها حسين باشا ينتظر بيير دوفال فى باحة قصره ، كان متوترا ويتصبب عرقا كطفل محموم ، يطقطق أصابعه ثم رقبته وكأنه فى إنتظار ملاكم كوبى سوف ينازله وليس فى إنتظار القنصل الفرنسى الوسيم ذو الأنف المدبب، فقد الداى السيطرة على أعصابه كما يفقد لاعبو الجزائر أعصابهم فى مباريات كرة القدم ، رجال المغرب العربى مزاجهم دوما عكر وطبيعتهم حادة نكدة لا تعرف الهوادة ، لا يحبون المرقعة وهى كذلك لا تحبهم . استغل الجزائريون إستقلالهم النسبى عن الإمبراطورية العثمانية التى أصابها الهزال فى ذلك الوقت وشاركوا الأوربيين التجارة فى اواخر القرن السابع عشر، أخذ الفرنسيون منهم حبوبا بالدين ومرت فترة طويلة دون سدادهم لتلك الديون . دخل القنصل فسأله حسين باشا بصوت محتد " لماذا لم يرد وزيرك على الخطاب الذى أرسلته له ؟ رد القنصل بنبرة هادئة "الوزيغ اغسل خطابه للقنصلية وقمت أنا بإيصاله الان بمجغد أن تلقيته.." حينها انفجر الباشا غاضبا وصرخ قائلا "ولماذا لم يرد على مباشرة ؟ هل يرانى صعلوكا أو مجذوما ؟ حافى أنا مثلا ؟الفلوس فين يا كفرة يا ولود ال..." فى خلال تلك الأثناء غيرت ثلاثة وجوه التاريخ العربى إلى الأبد : مرت ذبابة هائمة على وجهها (الوجه الأول)أمام (الوجه الثانى) وجه حسين باشا فأمسك بمقبضة منشة الذباب ونزل بها على( الوجه الثالث )وجه القنصل الفرنسى ثلاث مرات ، أرسل القنصل تقريرا بذلك إلى ملك فرنسا وختمه قائلا " كرامة فرنسا فى خطر" . القصة دى انتهت بإحتلال فرنسا للجزائر فتونس وبعدها مصر وقعت فى ايد بريطانيا وادوا ليبيا للطليان والمغرب برضو خدوا الأسبان حتة منها عالبحر عشان مايزعلوش ...كل ده بسبب إيه ، بسبب دبانة..هذا ما يراه المؤرخون الأوربيون ! اه لو الدبانة مكانتش عدت قدام وش حسين باشا ، مكانش مسك المنشة وبالتالى مكانش رقع السفير الفرنساوى بيها على وشه وبالتالى مكانش السفير بعت للملك وبالتالى الملك مكانش قرر يحتل الجزائر وبالتالى مكانش ده شجع انجلترا تحتل مصر وبالتالى مكانتش هتحصل ثورة 52 وبالتالى مكانش هيبقى فيه عبد الناصر وبالتالى مكانش هيبقى فيه نكسة وبالتالى مكانش السادات هيرجع سينا وبالتالى مكانش حسنى مبارك هييقى صاحب الضربة الجوية وبالتالى مكانش هيحصل ثورة فى يناير وبالتالى مكانش الإخوان هيكسبوا الإنتخابات وبالتالى مكانش مرسى هيعين السيسى وزير دفاع ....يااااااااه يا عبد الصمد ..كل ده بسبب الدبانة ؟! جالت بخاطرى تلك الهلاوس وأنا استمع لخطاب المشير السيسى الذى نصح فيه الأطباء حديثى التخرج بالعمل دون إنتظار مقابل نظرا لتردى الأحوال الإقتصادية ، يعنى بغض النظر عن إننا بنحتل المركز الأول عالميا في الإصابة بمرض الالتهاب الكبدي الوبائي سي (عليا الطلاق أسياخنا راضيين عليك) فضلا عن المركز الثاني عشر في نسبة الإصابة بالفشل الكلوي، وبغض النظر عن رواتب كبار مسئولى وزارة الصحة والتأمين الصحى والتى تصل إلى مئات الألوف فى الوقت نفسه اللى موازنة الصحة بتمثل فيه 3% من الموازنة العامة ، عامة بعد الجهود المضنية والإضراب اللى استمر شهور بالدم والدموع، قررت الحكومة زيادة بدل المخاطر 30% لرجال الشرطة، مع ذلك معضلة مصر الإقتصادية فعلا بتتمحور حول الأطباء حديثى التخرج اللى مرتبهم الأساسى 300 جنيه زى ما مشكلة أوروبا مع العرب كانت بتتمحور فى الدبانة اللى عدت من قدام وش داى الجزائر .