روسيا والصين توحدان مواقفهما بالنسبة للأزمة الأوكرانية.. وقائد البحرية الأوكرانية ينضم للقرم كاراسين: السماح لبوتين باستخدام القوات المسلحة الروسية فى أوكرانيا سيبرد كثيرًا من الرؤوس الحامية أكد نائب وزير الخارجية الروسى جريجورى كاراسين، أن روسيا لا تضع سيادة أوكرانيا موضع شك. وأن موسكو لا تزال على اتصال مع السفارة الأوكرانية فى روسيا، لأن قطع العلاقات يتعارض مع المصالح الروسية. وشدد على أن لا أحد فى روسيا يريد حربا مع أوكرانيا. وأضاف: «سندعم جميع القوى التى تسعى إلى تعزيز العلاقات الثنائية. ومن حقنا حماية مصالح مواطنينا وأبناء جلدتنا. ولدينا اتفاقيات ثنائية حول أسطول البحر الأسود الروسى المرابط على الأراضى الأوكرانية. إننا ملتزمون بتعهداتنا ونتوقع تفهما لدى الجميع تجاه الإجراءات التى تتخذها الإدارة الروسية من أجل حماية الناس ومنع وقوع كارثة إنسانية فى المناطق الحدودية». وفى هذا السياق أشار إلى أن نحو 150 ألف شخص يريدون حاليا الانتقال من أوكرانيا إلى روسيا، وقال: «هذا الأمر يثير قلقا لدينا، وأعتقد أن قرار مجلس الاتحاد الروسى (السماح للرئيس بوتين باستخدام القوات المسلحة الروسية فى أوكرانيا لحماية المصالح الروسية) سيبرد كثيرا من الرؤوس الحامية»، مؤكدا أن الحكومة الأوكرانية الجديدة تضم أشخاصا متشددين يريدون «قيام دولة قومية عنصرية».
من جهة أخرى أعلن السفير الأمريكى السابق فى موسكو جيك ميتلوك، أن سلوك واشنطن على الساحة الدولية يحرمها من قوة حجتها بضرورة الالتزام بسيادة ووحدة أراضى أوكرانيا. وقال ميتلوك، وهو أحد أبرز الخبراء المتخصصين فى شؤون رابطة الدول المستقلة إن «الروس يستطيعون، ليس من دون أساس، القول بأن الولاياتالمتحدة مهتمة بوحدة الأراضى فقط فى الحالات التى تصب فى مصلحتها. ويعكس سجل الحكومات الأمريكية أنها تتجاهلها عندما يكون ذلك مريحا لها، كما فى تلك الحالة التى خرقت فيها مع حلفائها فى الناتو وحدة أراضى صربيا بإقامة كوسوفو ومن ثم الاعتراف بها، ودعم انفصال جنوب السودان عن السودان، وإريتريا عن إثيوبيا، وتيمور الشرقية عن إندونيسيا». وأضاف ميتلوك أن «ما يخص خرق السيادة، تستطيع روسيا الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة غزت بنما لاعتقال نورييجا، وجرينادا لمنع احتجاز المواطنين الأمريكيين رهائن (مع أنه لم يحتجزهم أحد)، وغزت العراق تحت تبرير ملفق أن صدام حسين كان يملك سلاح الدمار الشامل، وتقصف الناس من طائراتها بلا طيار فى دول أخرى». واعتبر ميتلوك التوجه إلى روسيا ب«تحذيرات»، خطوة غير مدروسة للبيت الأبيض، ليس فقط من الناحية السياسية بل والنفسية. وأوضح أن روسيا، مثل أى دول أخرى، حساسة جدا بالنسبة للنشاط العسكرى الأجنبى عند حدودها، مذكرا بأن الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة كانت تحاول بشكل علنى ضم أوكرانيا إلى الناتو.
وفى تداعيات حادة حول الأزمة الأوكرانية، أعلنت الدول «السبع الكبار»، تجميد التحضيرات لقمة مجموعة «الثمانى الكبار» التى من المقرر أن تستضيفها مدينة سوتشى جنوبروسيا فى يونيو المقبل، وذلك احتجاجا على إعلان موسكو عن احتمال استخدام القوة فى أوكرانيا. وقالت الدول السبع فى بيان: ندعو روسيا إلى إزالة ما لديها من القلق إزاء قضايا الأمن وحقوق الإنسان، عبر إجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا أو عبر فرض رقابة أو وساطة دولية تحت لواء الأممالمتحدة أو منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا».
كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قد أكد للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن حياة الناطقين باللغة الروسية والمواطنين الروس فى أوكرانيا لا تزال معرضة للخطر من قبل المتشددين القوميين.
وفى تطور دولى آخر، بحث وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف تطورات الوضع فى أوكرانيا مع نظيره الصينى وانج يى، وأكد الطرفان تطابق مواقفهما إزاء الأزمة.
وفى ما يتعلق بالمشهد فى شبه جزيرة القرم، تبدو الأحداث متلاحقة. فقادة أجهزتها الأمنية أدَّوا يمين الولاء لشعبهم، و90٪ من هيئات الأمن أصبحت تحت سيطرة المجلس الأعلى. وحضر مراسم أداء اليمين رئيسا الحكومة والبرلمان ومسؤولو مدن ومناطق الجمهورية، لتكتمل بذلك عملية إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والمؤسسات السيادية فى شبه الجزيرة. ولعل المفاجأة الصاعقة تمثلت بانضمام قائد البحرية الأوكرانية الأميرال دينيس بيريزوفسكى إلى السلطة فى القرم.
وأدى يمين الولاء لشعب القرم كل من رئيس هيئة الأمن لجمهورية القرم بيتر زيما، ورئيس الدائرة الرئيسية للشؤون الداخلية فى القرم سيرجى أبيسوف، ورئيس الدائرة الرئيسية لشؤون الطوارئ سيرجى شاخوف، والقائم بمهام رئيس مصلحة الحدود فيكتور ميلنيتشينكو والأميرال دينيس بيريزوفسكى.
وقال رئيس مجلس وزراء جمهورية القرم سيرجى أكسيونوف إن «هذا اليوم سيدخل تاريخ الجمهورية ذاتية الحكم كيوم لتأسيس هيئات أمنها كلها»، مضيفا أن «القرم قادر على الدفاع عن نفسه بشكل مستقل وضمان أمن وحرية مواطنيه». كما أعلن أكسيونوف أن قادة عدد من الهيئات ومؤسسات الدولة الأخرى فى الجمهورية مستعدون لتأدية يمين الولاء لشعب القرم فى الأيام القريبة القادمة، مشيرا إلى أن 90٪ من هيئات الأمن فى الجمهورية تخضع للمجلس الأعلى فى القرم.
فى نفس السياق تركت 10 سفن من أسطول البحر الأسود الأوكرانى الخدمة أيضا، وانضمت إلى القوات البحرية للقِرم. الأوضاع الأمنية باتت تحت سيطرة الحكومة وقوات الدفاع الذاتى فى شبه الجزيرة، التى رفعت الأعلام فوق مبانيها السيادية فى اختيار واضح للمصير.
إحساس بالأمان مشوب بالتوقع والانتظار، وربما بالخوف من اعتداءات من جانب القوميين المتطرفين الذين يقومون بين الحين والآخر بمحاولات عبثية لاحتلال بعضِ المبانى والمؤسسات، غير أن الانحياز الواضح للسلام والحرص على الأمن العام يحبطان كل تلك المحاولات. وعلى الرغم من المظاهر والإجراءات التى اتخذتها القِرمُ فى منحى الأزمة الأوكرانية، فإن الكلمة الفصل ستكون فى 30 مارس الحالى وهو الموعد المحدد للاستفتاء على تقرير المصير.
من الواضح أنه السيطرة الأمنية شبه الكاملة على جميع أنحاء شبه الجزيرة، فإن المخاوف تبقى على خلفية محاولات كييف افتعال مواجهات بين شرق البلاد وغربها، مما قد ينعكس على أوكرانيا كلها سلبا، ويجعلها لقمة سائغة بين فكى المصالح الأوروبية والأمريكية.
كما تشهد العاصمة كييف تظاهرات ضخمة فى ميدان الاستقلال ضد ما يسميه القوميون هناك بالغزو الروسى لأوكرانيا. فى الوقت الذى أعلنت فيه كييف رفع درجة الاستعداد القصوى على خلفية الزيارات المكوكية للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين. وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، بينما تدلى قيادة حلف شمال الأطلسى بتصريحات حادة ضد موسكو، متهمة إياها بغزو أوكرانيا.