رئيس «الفتوى»: هذه التصريحات تنشر الشقاق والفُرقة ويجب معاقبة أصحابها .. ووكيل «الأوقاف»: الفقهاء أجازوا تولِّى غير المسلمين المناصب منذ ولادة حزب النور عقب ثورة 25 يناير ولا يزال الجدل مستمرًا بسبب موقف الحزب من قضايا عديدة، وفق المرجعية الإسلامية للحزب، على رأس هذه القضايا تولية غير المسلمين للمناصب السيادية وترشيحهم لمنصب رئاسة الدول، وهو ما يرفضه «النور» والدعوة السلفية، ويعتبرونه محرمًا، وينطلقان من قاعدة ولاية الكافر على المسلم لا تجوز، رغم إباحتهم تولية النصارى لبعض المناصب التى لا يكون له سلطان فيها على المسلمين.
من جانبه، أكد الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، رأيه بعدم جواز ولاية غير المسلم للوظائف السيادية، قائلًا: «كل ما كانت فيه ولاية الكافر على المسلم، لا تجوز بالنص والإجماع»، وهى الوظائف السيادية فى الاصطلاح المعاصر، مشيرًا إلى جواز توليهم «بعض الوظائف» الفنية المسماة التكنوقرط.
جاء ذلك ردًا على سؤال وجه إلى برهامى عبر موقع «صوت السلف» حول تصريحات برهامى خلال حواره مع الإعلامى عماد أديب، حيث أجاز تولية النصارى لبعض المناصب، وأشار برهامى إلى أن الكلام فى توصيف مجلس الشعب وغيره من الهيئات كمجلس الوزراء والمجلس الأعلى للقضاء ونحوهما، لم يتم الفصل فى كونها من الوظائف السيادية بمفردها، لافتًا إلى أن هذه الهيئات تمثل ولاية بمجموعها وهيئتها.
نائب رئيس الدعوة السلفية أشار إلى عدم وضوح الحكم الشرعى فى مثل هذه الوظائف باعتبارها مسائل اجتهادية لم تكن موجودة فى نظام الدولة فى الإسلام، متسائلًا: هل ينطبق عليها حكم عدم الجواز الوارد فى الأفراد كما كان فى نظام الدولة فى الإسلام الذى تغير فى الدولة الحديثة إلى هيئات تقوم بدور الفرد، منعًا للاستبداد بعد تغير الأحوال؟! وهل ينطبق الحكم على أحاد الأفراد داخل هذه الهيئة التى لها ولاية وتمارس وظيفة سيادية أم أن الوصف بالولاية هو لمجموعها ليس لكل فرد فيها؟.
برهامى أكد كذلك أن هذا كله يتوقف على الاجتهاد لعدم وجود نص فى كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلى فى مسألة الهيئات.
الفتوى التى أطلقها الشيخ ياسر برهامى، أثارت غضب العديد من علماء الأزهر. الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، علّق على تصريحات برهامى بأن هذا الكلام لا أساس له فى الشريعة الإسلامية، وأن كثيرًا من الفقهاء رفضوا هذه الفتاوى، مشيرًا إلى أن الإخوة المسيحيين مصريون ولهم حق المواطنة وحق تولى المناصب القيادية، بشرط أن تتوافر فيهم الكفاءة، مضيفا أن مثل هذه التصريحات تنشر الفرقة بين المصريين وتؤدى إلى الفتنة الطائفية، خصوصا أن هذه الفتوى غير صحيحة شرعا، موضحا أن السلفيين لا يعلمون أن الحياة فى مصر تغيرت وأن المواقف المتشددة لا تليق، ولا يريدون أن يصدقوا أن حكم الإخوان انتهى وأن الشعب المصرى شعب وسطى بطبعه يتعايش مع كل الثقافات وكل الديانات، والمصريون تعايشوا منذ عصور طويلة وكان الأقباط واليهود يتولون مناصب كثيرة فى الدولة الإسلامية على مدار التاريخ الإسلامى، وهذه الآراء بعيدة تمامًا عن قلب الشريعة الإسلامية، لأن الإسلام رحب بالجميع ونادى بالحرية، لكن التشدد أمر مرفوض. ومن جانبه، قال الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، فأكد أن الدين الإسلامى سمح للأقباط واليهود بتولى المناصب القيادية فى الدولة الإسلامية، لأن المسيحى له ما لنا وعليه ما علينا ومسموح له بتولى القضاء بشرط أن لا يقضى بشريعة المسلمين، مشيرًا إلى أنه من الأفضل للسلفيين أن يمتنعوا عن هذه الفتاوى التى تشق الصف، لأن مصر تعانى فى الوقت الحالى من الإرهاب ومن أزمات كثيرة ولا يجب أن نشتت الناس بمثل هذه التصريحات، كما أن الشريعة الإسلامية لا تمانع من أن يستعان بغير المسلم فى أمور كثيرة فقد استعان النبى باليهود فى الهجرة.
بينما قال الشيخ محمد عبد الرازق، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد، إن هذه التصريحات تشق الصف ولا علاقة لها بأصل الشريعة الإسلامية التى ترحب بكل الأديان والثقافات، مشيرًا إلى أن موقف السلفيين وهذه الفتاوى يناقضان ما يعلنونه من أنهم مع الاستقرار ولمّ الشمل، وتؤكد تشددهم، وخروجهم بهذه التصريحات يثير الفرقة وغضب الإخوة الأقباط، وهذا الكلام لا أساس له من الصحة، لأن المسلمين على مدار التاريخ استعانوا باليهود والمسيحيين فى المناصب القيادية المختلفة.