تأخر الدكتور حازم الببلاوى فى الاستقالة. إذ كان واجبًا عليه أن يقدم استقالته فور إقرار الدستور الجديد. ولتكن هناك مرحلة جديدة لحكومة جديدة تتطلع إلى استحقاقات خريطة الطريق من انتخابات رئاسية وبرلمانية. وكان يكفى لهذه الحكومة أنها أنجزت الدستور الجديد للبلاد. ويكفيها أنها تحملت مسؤولية كبرى عقب التخلص من الإخوان. إى نعم.. كان هناك تردد فى اتخاذ القرارات، فتركت الإخوان يستفحلون فى اعتصاماتهم فى «النهضة ورابعة». حتى اعتقد الإخوان أنهم أصحاب حق فى تلك الاعتصامات. رغم أن هذا الحق للشعب فقط الذى خرج بالملايين للتخلص من حكم الإخوان. فما زلنا نعيش فى تفاعلات القرار المتردد للحكومة بفض تلك الاعتصامات وتوابعها من أعمال إرهابية. ورغم أن تلك الحكومة «حكومة الببلاوى» لاقت مساندة وتأييدًا مهمين على المستوى العربى، خصوصا فى الشأن الاقتصادى، فإنها لم تفعل شيئًا سوى الاعتماد على المساعدات فقط.. فلم يتعد خيال هذه الحكومة سوى «المسكنات» وحتى بالكلام أحيانا. فلم يحدث أى تقدم فى ملف الأمن.. فما زالت حالة الانفلات مسيطرة على الشارع. ولم يحدث تقدم فى حل الأزمات، ولعل ما يحدث فى الكهرباء وانقطاعها لساعات ونحن فى الشتاء دليل على ذلك.. وهو ما جعل الناس تسأل: ماذا ستفعل فى الصيف؟! وعلى مستوى أزمة مياه النيل والمشكلة مع إثيوبيا فى سد النهضة.. كان هناك فشل عظيم وتخبط وارتباك، وليس لدى الحكومة أى خطة.. وتركوا الأمر لوزير الرى الذى يبدو أنه لا يعلم شيئا أصلًا عن سد النهضة وربما إثيوبيا! وحدِّث ولا حرج عما يجرى فى ملف الآثار التى أصبحت منهوبة ومتاحة للمهربين والسارقين والبلطجة وعصابات الآثار.. ولا أحد يتكلم ولا أحد ينزعج. ناهيك بالسياحة التى أصبحت غائبة عن البلاد.. ويبدو أن أمامنا سنوات لاستعادتها.. ولا أحد يكلمنى عن الإرهاب. السبب فى ذلك أن هناك دولة مهمة فى السياحة وتحتل المراكز الأولى فى جذب السياح، رغم أن لديها منظمات إرهابية وأعمال إرهاب «مثل إسبانيا وفرنسا».. فالمشكلة فى عقلية من يدير ذلك وخيال الذين يديرون البلاد، ويستطيعون جذب الناس.. لكنهم فى النهاية تحولوا إلى أقرب من موظفين والعمل يومًا بيوم.. وليس من أجل مستقبل هذه الأزمة. وعن الملف الاقتصادى لم يتم طرح أى جديد أو أى مشروع! وعلى مستوى العدالة الاجتماعية فمحلك سر! وحتى عندما قررت الحكومة وضع حد أدنى للأجور واعتبرت ذلك فتحًا عظيمًا لم تستطع أن تطبقه.. لتخرجَ مظاهرات العمال ضد سياسات الحكومة «الفاشلة!». وقد كانت أمام هذه الحكومة فرصة عظيمة للانتقال إلى حالة أفضل.. لكنها اعتبرت نفسها مؤقتة.. فوجب رحيلها.. ولكن تأخر قرارها.. وقرار المسؤول عنها. وتذكِّرنا هذه الحكومة «حكومة الببلاوى» بحكومة عصام شرف بعد ثورة 25 يناير التى كانت أمامها فرصة عظيمة للانتقال بالبلاد إلى مرحلة جديدة حقيقية من الديمقراطية والتقدم واستعادة الدور المصرى.. لكنها سلمت نفسها للفشل! ولعل ما جرى من فشل حكومى لوزارة الببلاوى يذكرنا بعهد مبارك قبل ثورة 25 يناير.. فقد أعادتنا إلى تلك الأجواء تمامًا من مظاهرات وإضرابات وفشل فى الأداء. فكان الرحيل الذى تأخر.. ورغم أن هذه الحكومة كانت تضم عددًا من الأصدقاء الأعزاء من الشخصيات النادرة فى مجالها.. لكن للأسف- كان أداؤهم فاشلًا! ولعل القادم يكون أمامه فرصة أفضل لحل مشكلات الناس. فالقادم رئيسًا للحكومة إبراهيم محلب، كان عضوًا رئيسيًّا ونشطًا فى حكومة الببلاوى ويتمتع «بتلميع إعلامى» نظرًا لتحركاته المستمرة وتنقلاته فى المحافظات المختلفة، وإن كانت لم تخرج بنتيجة ناجحة حتى الآن.. فلم يحدث أى تقدم فى مستوى السكان أو مستوى مشروعات كبرى أو على مستوى البنية الأساسية..
فهل يستطيع أن يكون ناجحًا بعد أن أصبح على قمة الحكومة ورئيسها. نأمل فى ذلك.