«انتم مافيش حاجة عاجباكوا، شعب شكاء بكاء». احنا؟ ده احنا كل حاجة عاجبانا زيادة عن اللزوم. المصري شعاره: «الحمد لله احنا أحسن من غيرنا كتيييير... يوووه ده الدنيا ياما فيها بلاوي، الحمد لله الحمد لله». تسمع هذه الجملة في أعماق قري الصعيد التي لا يجد فيها الأطفال ملابس داخلية تسترهم، وتسمعها في العشوائيات حيث أنهار المجاري تحيط السكان من كل ناحية، ولا يرون الماء النقي إلا في تلفاز المقهي، تسمعها في المواصلات، والشارع، تسمعها تنطلق من فم البائع المتجول الذي يحمل فرشته علي رأسه ويطلق ساقيه للريح هربا من البلدية، تسمعها في طابور الخبز، تسمعها تمتمة تخرج من أفواه المساكين وهم منصتون إلي رجالات الحزب الوطني الذين يقولون: «لا يمكن للدولة أن توفر الحياة الكريمة لكل المواطنين»، هكذا قالها د.علي الدين هلال، يقولونها وهم يهزون رؤوسهم تأمينا علي كلمات إمام المسجد الذي سمعته بأذني يحدث سكان اسطبل عنتر في خطبة الجمعة ناصحا: «تخلصوا من الشح وتصدقوا علي الفقراء"! يرددونها وهم يمصمصون شفاههم والنخبة تحدثهم عن جبنهم وسلبيتهم وتفاهتهم: الحمد لله... احنا أحسن من غيرنا كتييييير. ما الذي لا يعجب المصريين ويعجب غيرهم؟ الماء الملوث الذي يقولون عنه: يا سيدي سمي واشرب، أم الطعام المسرطن الذي يبتسمون حين تحدثهم عنه: نعمل إيه يعني ما ناكلش؟ (ماهو صحيح حيعملوا إيه؟ وللا عايزينهم ياكلوا خضار أورجانيك؟)، أم الضرب علي القفا الذي يتناسونه؟ المصريون مثل جحا الذي لا يعلم أيركب علي الحمار مع ابنه، أم يركب هو ويترك ابنه، أم يسير هو ويركّب ابنه، أم يطلق الحمار ويترجل هو وابنه؟ أعزائي ولاة الأمور، أنتم من لا يعجبه شيئا مهما فعل المصريون لإرضائكم، أنتم الشكاؤون البكاؤون المتذمرون، وبعد تهميش دام لعقود طويلة، تشخطون في الشعب بإعلاناتكم السخيفة: شارك.. شارك يا كلب. إذا رضي الناس تتهمونهم بالسلبية، وإذا اعتصموا تتهمونهم بإثارة الفوضي، والأنانية والبحث عن مكاسب آتية و«احنا حنأكلكوا منين"؟ إذا اشتكي الناس اتهمتوهم بالتذمر، وإذا صمتوا اتهمتموهم بالتخلف. إذا تدينوا اتهمتموهم بالتطرف، وإذا تركوا الدين اتهمتموهم بالتفسخ الأخلاقي. إذا ارتدت الفتاة الحجاب اتهمتوها ب"السعودة»، وإذا جلست علي الكورنيش قلتم: «محجبة وقاعدة تحب»، وإذا لم ترتد الحجاب وصمتموها بالضلال. إذا عمل الشاب في أي مهنة أصبح يهين نفسه، وإذا جلس في البيت ينتظر مهنة مناسبة فهو متكاسل. كما لا يكف المسئولون في الدولة عن تذكيرنا بأننا كثير، مذ أن كنا 30 مليونا وهم يحشرون أنوفهم في غرف نومنا، ويحرجونا كأننا بنعمل حاجة حرام. تركيبة المواطن الحالي، هي نتاج ما تعلمه من الدولة، ورجال الدين التابعين لها، والتعليم، والتلفاز، ومكالمات علاء مبارك، ومقالات عبدالله كمال. هناك صفة سلبية واحدة في الشعب المصري: أنه يستجيب لما تدعونه إليه، وينصت إليكم وينفذ ما تطلبونه منه: استمع لصوت العقل، يستمع لصوت العقل، ثر لكرامتك الكروية، يثور، اسكت يسكت، اتكلم يتكلم، ارضي يرضي، اشتكي يشتكي، ادبح يا زكي قدرة يدبح زكي قدرة. فلماذا لا يعجبكم ما صنعت أيديكم؟