سألت الدكتور نظيف علي سبيل الدعابة: من مرشح الحزب الوطني لانتخابات الرئاسة القادمة عام 2011؟.. فوقع في المحظور وتعرض للهجوم من داخل الحزب الوطني نظيف والشريف فى مؤتمر الحزب الوطنى الأخير حينما طرحت السؤال علي الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة لم أكن أتوقع أن الإجابة ستثير كل هذا الجدل وستتحول إلي معركة داخل الحزب الوطني وسلاح للهجوم علي الحزب الوطني. الغريب أنني طرحته علي سبيل الدعابة والأكثر غرابة أن الدكتور نظيف رد علي الدعابة بدعابة إلا أنه انتقل فجأة إلي الجدية وهنا وقع في المحظور. أما السؤال الذي طرحته فهو: من هو مرشح الحزب الوطني في انتخابات الرئاسة القادمة عام 2011؟.. كان الدكتور نظيف يتحدث عن مياه النيل والقضايا الاقتصادية والغلاء والبطالة والدعم، فقررنا أن نأخذه إلي السياسة والانتخابات، السؤال يميل إلي الدعابة بدليل أننا رؤساء تحرير الصحف المستقلة.. ضحكنا جميعا لأنه أشبه بالكمين وإجابته المعتادة التي تدرب عليها جميع قادة وأعضاء الحزب الوطني هي: الوقت مازال مبكرا للإعلان عن اسم مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة هذه هي الإجابة التي كنا نتوقعها من الدكتور نظيف للهروب من هذا السؤال.. وقد رد الدعابة بدعابة وقال: سأكتبه. أي اسم مرشح الرئاسة علي ورقة وأعطيها لك سرا.. وضحكنا من جديد إلا أن الدكتور نظيف قرر الانتقال إلي الجدية.. وواقع الأمر أن السؤال جاد جدا بل أكاد أجزم أنه السؤال الذي يحكم مستقبل مصر في السنوات القادمة إلا أن واقعنا السياسي المحبط والمهترئ والمظلم هو الذي حول سؤالا مصيريا بهذا الشكل إلي دعابة أو نكتة.. من المؤسف أن يظل الشعب المصري يعيش في حالة قلق وتوتر لانه عرف مصيره ولا يتلمس مستقبله.. من المخزي ألا تكون لدينا حتي الآن قواعد سياسية وإجراءات دستورية واضحة تتعلق بانتقال السلطة ولن أقول تداول السلطة التي تمثل الديمقراطية الحقيقية والتي مازالت بعيدة المنال مع أن مصر بقيمتها وحجمها تستحقها، معقول ياجماعة سؤال من هذا النوع يتحول إلي لغم ينفجر في وجه صاحبه.. أليس من حقنا أن نعرف مرشح الحزب الوطني لانتخابات الرئاسة قبل عام من حدوثها، خاصة أنه هو نفسه الرئيس القادم لمصر فلا توجد انتخابات ولا حرية ولا ديمقراطية.. وكله ضحك علي الذقون.. هل هو الرئيس مبارك أم جمال مبارك أم أن المطبخ السياسي والأمني والاستراتيجي يخبئ لنا شخصاً آخر؟! رد الدكتور نظيف علي الدعابة بدعابة ثم رد الدعابة إلي أصلها وهو الجدية، وقال حتي لا أهرب من سؤالك أتمني أن يكون الرئيس مبارك هو مرشح الحزب الوطني في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالرئيس مبارك يمثل الاستقرار والسيستم، لم يخرج لنا البديل الذي نضعه في هذا المكان. إجابة الدكتور نظيف صادقة جداً فالنظام الحالي نجح في إغلاق كل الأبواب التي تسمح لعشرات البدائل بالظهور إن النظام الحالي قيد الحياة السياسية بحيث لا ينجح أحد، إلا القابض علي السلطة.. نعم «السيستم» حول مصر إلي دولة الرجل الواحد.. ولكن المأزق الذي وقع فيه الدكتور نظيف هو السؤال التالي: من الذي وضع «السيستم»، أي نظام الحياة السياسية، أليس هو الرئيس مبارك نفسه ورجاله ومستشاروه ومؤسساته؟! ومن الذي بإمكانه تغيير «السيستم» ليسمح للبدائل الكثيرة بخوض الانتخابات الرئاسية.. «السيستم» الذي نحلم به يا دكتور نظيف سهل جداً.. يشترط فقط أن يؤمن النظام الحاكم بالديمقراطية الحقيقية القائمة علي مبدأ تداول السلطة. الدكتور نظيف إذن هاجم الرئيس مبارك من حيث أراد أن يمتدحه، فضح النظام من حيث أراد أن يستره.. عري الحياة السياسية من حيث أراد أن يغطيها.. لذلك خرج اثنان من قيادات الحزب الوطني: صفوت الشريف وعلي الدين هلال لإصلاح ما أفسده نظيف، فالحزب يتباهي بأنه بعد تعديل المادة 76 التي حولت نظام الانتخابات من الاستفتاء علي اسم الرئيس إلي التنافس بين أكثر من مرشح، أصبحت هناك آلية أو سيستم يتيح إفراز البدائل وإخراج المتنافسين.. فمعني أن السيستم لا يخرج بديلاً أننا مازلنا دولة الرجل الواحد القابض علي السلطة، وهذا هو ما عبر عنه نظيف بصدق.. وهذا هو ما يريد قادة الحزب الوطني أن يخفوه ويزيفوه بعمليات تجميل مفضوحة. كان من الطبيعي أن نسأل الدكتور نظيف عن رأيه في البرادعي وكانت إجابته: الدكتور البرادعي شخصية محترمة ولكن اعتراضي عليه أنه يلعب خارج الملعب.. أقول للدكتور البرادعي انزل إلي الملعب.. الدكتور نظيف ضد الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات لماذا؟ قال ساخراً: تجربة انتخابات 2005، كانت سيئة جداً.. المنظر مش كويس.. القاضي في لجان فرعية يمشي شايل الصندوق.. اندهشت من كلام الدكتور نظيف، فليس عيباً أن يحمل القاضي صندوق الانتخابات.. المشهد ليس مهيناً أو مخجلاً فالقاضي الذي يحمل الصندوق يحمل إرادة الشعب ولا يحمل قفص برتقال أو شوال بطاطس مثلاً، فخر وشرف للقاضي ولغيره أن يحمل صندوق الانتخابات لكي يحميه من التزوير.. هل يوجد ما هو أنقي من حماية الإرادة الشعبية.. النظام ألغي الإشراف الكامل علي الانتخابات حتي يتمكن من تزويرها بسهولة وتقفيل الصناديق دون عناء، وليس حفاظاً علي شكل وهيبة ووقار القاضي الذي لا يهينه أبداً حمل الصندوق الانتخابي. كان هناك سؤال آخر مهم، وأنا أحاول أن أنشر ما لم تركز عليه الصحف التي تناولت لقاء رئيس الوزراء برؤساء تحرير الصحف المستقلة: هل تمت إقالة وزير الري الدكتور محمود أبوزيد لأنه فشل في إدارة ملف أزمة مياه النيل مع دول المنبع الأفريقية؟! أجاب الدكتور نظيف: لا علاقة لخروج الدكتور محمود أبوزيد بأزمة مياه النيل مع الدول الأفريقية، أبوزيد خرج لأنه فشل في الوصول إلي حجم طموحاتنا، أنا عندي طموحات معينة لم تتحقق خاصة فيما يتعلق بترشيد استخدام المياه نحن نستطيع أن نزرع بالمياه «بتاعتنا» مرتين أو ثلاثاً، عينت وزيراً جديداً لكي يحقق لنا هذه الطموحات، الشيء نفسه مثلاً مع وزير التعليم الجديد الدكتور أحمد زكي بدر، جئنا به لأنه مناسب جداً للمرحلة الحالية التي نريد فيها إعادة الانضباط لمدارسنا وللتعليم في مصر.. شخصية الدكتور أحمد زكي بدر مناسبة الآن.. سئل الدكتور نظيف لماذا لم تعلن الحداد علي شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، خاصة أنك كنت تملك التفويض الرئاسي بإدارة البلاد في ظل غياب الرئيس مبارك بسبب العملية الجراحية؟! أجاب نظيف حينما توفي الشيخ طنطاوي سألت هل تم إعلان حالة الحداد عند وفاة شيوخ الأزهر السابقين فقالوا لي: لا، فقررنا ألا نعلن حالة الحداد. ينشر بالاتفاق مع الزميلة «صوت الأمة»