لست أدري علي من بالضبط «يشير» مجلس الشوري الموقر، ولا أعرف من ذا الذي «يشاوره» و«يتشاور» معه وعلي أي شيء يجري التشاور عادة، كما أنني منذ نعومة أظافري وأنا أحاول وأفشل في معرفة سبب واحد لوجود هذا «الموقر» في دنيانا سوي الغرف من مخزن حصاناته ومنح ما تيسر منها لكائنات وأساتذة من نوع ممدوح إسماعيل، وهشام مصطفي، والحاجة قدرية .. إلخ، تقديراً لأدوار بعضهم التاريخية في نقل أعداد معقولة من البشر المحظوظين إلي الحياة الآخرة مجاناً أو بسعر التكلفة . رغم ذلك فأنا متفائل جداً بالانتخابات «الشوروية» الحالية وأشعر شعوراً عميقاً بأنها ستكون إن شاء الله سليمة ونزيهة (وربما تفيدة) ونظيفة تماماً من الناخبين، إذ تبدو من الآن نظيفة وخالية فعلاً من المرشحين إلا ذلك الصنف الذي لا يستخدم في دعاياته الانتخابية شعارات دينية ولا سياسية ولا حاجة أبداً، وإنما يكتفي بعدد لا يحصي من اليفط واللافتات المحلاة بصورة تبرز جمال تقاطيع خلقته التي من شأنها قطع الخميرة من البيت وزيادة الاحتباس الحراري ومنع رحمة ربنا من إدراك عباده في الوقت المناسب، أما تحت الصورة فقد تقرأ عبارات بليغة وفظيعة وعميقة جداً مثل «منكم وبكم ولكم» أحياناً، ودائماً «من أجلك أنت» المني والطلب والله يجازي اللي كان السبب. لكن أقوي أسباب تفاؤلي أن الأستاذ جمال مبارك يتجول حالياً ويذهب بنفسه إلي الفيافي والأمصار المصرية البعيدة عن «مصر الجديدة» و«شرم الشيخ» لكي يناصر ويؤازر مرشحي حزب حكومة والد سيادته ويدعو لهم بدوام الصحة والعافية ويرفع أرواحهم المعنوية من الحضيض إلي «حديد عز» أو الحديد التركي.. أيهما أرخص، وقد تجلي حرص الأستاذ مبارك الابن علي بث الثقة في نفوس مرشحيه وتمتين عزيمتهم وإشعال حماسهم للنصر في المعركة الحربية الانتخابية المقبلة عندما خطب قبل أيام تحت غطاء «الصالة المغطاة» في استاد المنصورة محذراً هؤلاء المرشحين من مخاطر الإحساس أصلاً ب«البطحة» التي علي رؤوسهم، وقال : «كان مرشحونا زمان يدخلون الانتخابات وكأن علي رؤوسهم بطحة وذلك بسبب اتهامهم المستمر بأنهم لا يعملون لمصلحة الناس .. أما الآن فنحن في موقع الهجوم وليس العكس..»!! إذن والعهدة علي الأستاذ جمال لا شيء في رأس أي مرشح عن حزب الحكومة، لا «بطحة» ولا غيره.. قد يكون علي رؤوسهم الطير، بيد أن ذلك ليس نقيصة ولا عيباً في المرشحين وإنما هو عيب أكيد في «الطير» الذي يتهور ويقف في مثل هذه الأماكن !! لقد قطع نجل الرئيس الشك باليقين (بشأن «البطحة») وأعلنها مدوية صريحة أن حزب سيادته وليس أي أحد غيره، هو من أطلق «مبادرات الإصلاح» الدائرة الآن علي حل شعرها في طول البلاد وعرضها، واستغل معاليه فرصة وقفته التاريخية في صالة المنصورة المغطاة وذَكَّر كل من يهمه الأمر بأن قيادة حزبه معروفة ومشهورة بحب اللعب في «الأسر الفقيرة» في أوقات الفراغ وأنها تهوي التمتع بمنظر هذه «الأسر» الذي يصعب علي الكافر، وهو ما يفسر الإصرار والمواظبة علي اختراع وتنفيذ سياسات لا هدف لها إلا زيادة إنتاجها بمعدلات قياسية جعلت الأستاذ الفقر شخصياً هو العنوان الوحيد لمجتمع المصريين الحالي .. وكل عام وأنتم بخير.