يوجعنى قلبى، وأشعر بشىء من الغليان، وكثير من الأحباط وأنا أتابع بعض البرامج الحوارية التى تغطى أحداث العنف والإرهاب الذى أغرق الشارع والجامعات المصرية على أيدى خونة مأجورين متبجّحين، لم يدعوا وسيلة قذرة أو غادرة أو خسيسة إلاّ وانتهجوها للنيل من كرامة مصر، محاولين إذلالها وتقطيع جسدها إلى حد التمثيل به. وتستعرض بعض البرامج فى التليفزيون والفضائيات المصرية هذه الأحداث بنوع من الاستعطاف والاستجداء الممل المهين، لنجد من مقدمى البرامج من يقول: ( ليه كده بس!! حرام عليكم والله.. دى بلدكم اللى علمتكم وكبّرتكم، تعملوا فيها كده)!.. شغل مناحة.. وندّابين ينادون على ضمائر خاوية غابت وماتت بعد أن قبضت الثمن من دماء المصريين.. أو نجد بعضهم يأخذ دور الواعظ قليل الحيلة فيفرط فى المذلّة والاستجداء فيقول (إنتم برضه أهلينا وإخوتنا، وإحنا لا نقصى أحدا، فالوطن للجميع...!!).. ولا أدرى أى وطن هذا الذى يتحدث عنه هؤلاء.. وأى معنى يقصده بكلمة وطن..!! فهل إلى هذا الحد تهون الأوطان وتباع وتخان على أيدى من تسمونهم أبناء الوطن وشركائنا فيه!!.. هؤلاء المذيعون يفتحون خطوط الاتصال لمشاركة الجمهور من المشاهدين الذين فقعت مرارتهم وهم يتابعون موجات بث التراخى والميوعة، بينما تستعرض الشاشة صورا حيّة لمجرمين ملثمين يفترض فيهم أنهم طلبة وطالبات، نراهم ملأ العين وهم يدمرون حرم الجامعة ويفتكون بالأساتذة والمدرسين.. ويهرب منهم العمداء فارّين من مخارج خلفية، أو يتوارون مختبئين فى مكاتبهم متحسرين على أيام تبجيل المعلم الذى كاد أن يكون رسولا!!. ويصرخ المشاهد المتصل.. (لو مش عجباهم البلد دى مايغوروا فى داهية ويسيبوها، ويروحوا يعيشوا فى قطر أو تركيا اللى بتصرف عليهم وبتدفع لهم ثمن خيانتهم..) ويطالب بضرورة دخول قوات الأمن إلى الحرم الجامعى الذى انتهكت حرمته، لتلقى القبض عليهم وتسحقهم بالقوة والردع ولا تأخذهم بهم رحمة ولا هوادة فيعرفون أن الله حق، وأن هناك دولة لها درع وسيف وقانون وقدسية.. إلاّ أن المذيع الواعظ طيب القلب يمتعض، ويقاطع المتصل قائلا:... لأ لأ بلاش التحريض على العنف أرجوك!! نحن لا نقصى أحدا، ولا نعاملهم بطريقتهم، ربما يعود بعضهم إلى رشده!!!.. اسم الله عليك يا حنيّن، يا ظريف يا لطيف يابو دم خفيف.. أى إقصاء هذا الذى شبك بلسانك وأدمنت حلاوته ملكاتك الإعلامية من باب الشياكة، ومرضاة لدعاوى حقوق الإنسان التى يهتز ضميرها لخدش أصاب بلطجى، ولا تحرك ساكنا لدماء غدر تسيل بحورا من جنود أو ضبّاط يقتلوا غدرا وتفجيرا لمجرد أنهم يؤدون واجبهم المقدس فى حماية الوطن الجريح وحماية شعوبهم وأهليهم المنتهك أمانهم، وتبدّدت مصالحهم التى تتهاوى يومًا بعد يوم منذ دبّر الإخوان للوطن دمارا لا تقوم لمصر بعده قائمة أبدا.
أنا لا أتحدث هنا عن مذيع أو إعلامى واحد بعينه، فهم كثر، وضيوفهم أكثر، وأكثر أيضا وعظا ورخاوة، وأكثر مواءمة وطبّطبة وتناقضا. كما أننى لا أدرى متى سنجابه بشكل عملى وفعلى إجرام قناة «الجزيرة» فى حق مصر والمصريين!.. ومتى ستتضافرجهود وإمكانيات الفضائيات المصرية الوطنية لبث قناة مصرية واحدة، تولد عملاقة يسهمون فى إنشائها جميعا، لتليق باسم مصر وتنطق بلغات عالمية إلى العالم العالمى، وفى بلاد الشيطان الجهنمى.. لتصل بنبض الحقائق إلى حكومات يفضحون أمام شعوبهم المغيّبة، عند كشف حقائق دامغة بالصوت والصورة والوثائق لمحاولات اغتيال مصر. يجب أن ندرك أننا نخاطب أنفسنا طول الوقت، نستميت لتكذيب وفضح قطر وقناتها الملوثة بالخيانة أمام أنفسنا، ونتحدث إلى أنفسنا كأننا لا نعرف أو لا نصدق.. ونترك الدنيا التى لا تعرف فعلا ولا تصدق، نتركها على عماها تضلّل وتنساق إلى مخالب شياطين الإفك فى قطروتركيا.. وكل بلد استباحت أمان مصر الغالية... إلى متى؟