لو اتصلت بي علي المحمول فستجد «الرينج تون» خاصتي أغنية الفنان أحمد عدوية ورامي عياش «وباحب الناس الرايقة»، وكثيراً مايندهش المتصلون، بل أحياناً يغلقون الخط من فرط الصدمة من أن تكون تلك الرنة لتليفوني الشخصي، لكن الدهشة الأكبر ستكون لمن يستمع لرنة التليفون علي الجهة المقابلة والتي تدق علي تليفوني المحمول عندما يتصل بي أحد، إنها أغنية من نوع آخر.. إنها أغنية عمال أموتسيتو الذين كنستهم قوات الأمن كالجراد من علي رصيف مجلس الشوري بعد أن انتشروا علي النت، وأصبحت أغنياتهم مزيجاً من الألم والفضيحة لذلك العصر.. ودعوني أنقل لكم جزءاً من القصيدة التي سجلتها لهم ووضعتها رنة علي تليفوني المحمول متحدية السادة الضباط الذين فضوا اعتصامهم، وبعد أن خذلتهم الدولة وفضت الاتفاقية التي تعهد بها المسئولون بأن تسوي حقوقهم وتعيدها، فكان أن عادوا إلي اعتصامهم علي الرصيف قبل أن تفضهم بالقوة وستظل أغنياتهم تصدح في كل مكان.. فلا قوة علي الأرض يمكن أن تمنع كلمة انطلقت في الفضاء المفتوح، وسيظل تليفوني يهتف كلما جاءتني مكالمة قائلاً: «الحزب الوطني باطل.. بشهادة مليون عاطل.. فين أعضاء الحزب فين؟.. قاعدين جوه مريحين.. هما قاعدين في التكييف.. وإحنا هنا علي الرصيف.. شاطرين بس في الانتخابات.. يعملوا حبة حركات.. علشان يسرقوا الأصوات.. شاطرين بس موافقين.. علي دمار العاملين.. شاطرين بس موافقين.. علي خراب الشقيانين.. شفتوا حكومة عمو نظيف.. الحكومة الإلكترونية.. هو بيضغط عالزرار.. كل الوزرا بياكلوا خيار.. هو بيضغط عالمفتاح.. كله بياكل التفاح.. والنهاردة النية باينة.. إنه حياكلوا حق عيالنا.. الحكومة المفترية.. هدوا معانا الاتفاقية.. رجعونا الحتة ديه.. شيل حكومتك يانظيف.. اللي رمونا علي الرصيف.. شيل حكومتك يانظيف.. يالاّ ارميها علي الرصيف.. دي حكومة الأزمات.. اللي خربوا الشركات.. ماهي حكومة الإهمال.. اللي ضيعوا العمال.. ماهما شلة كدابين.. ماهما شلة نصابين.. بقوا شلة حرامية.. هدوا معانا الاتفاقية.. رجعونا الحتة ديه.. وإحنا هنا معتصمين.. وإحنا وراكو ليوم الدين».. أغنيات العمال لاتتوقف، فبالأمس وصلني مقطع آخر لفتاة يبدو أنها ابنة أحد العمال في حوالي الرابعة عشرة من عمرها، وهي تمسك بالميكروفون والعمال يغنون وراءها وكانت أغنيتها موجهة إلي أبوجمال الذي أتمني أن تصل إليه.