الزناتي: معركة المادة 12 لاستعادة أدوات المهنة ودعم حرية الصحافة    «الأعلى للجامعات» يعتمد قواعد تنسيق القبول    عاصفة الإسكندرية.. أستاذ استشعار عن بعد: البحر المتوسط يشهد ظواهر مناخية جامحة    وزير الإسكان يتابع موقف تسليم وتشغيل المشروعات التنموية بالعلمين الجديدة    محافظ الأقصر يبحث مستجدات منظومات التصالح والتقنين والمتغيرات المكانية    غدا.. تنبيه من «البترول» بشأن تسجيل قراءة عدادات الغاز يونيو 2025    «الزراعة» تكشف حقيقة بيع المبنى القديم للوزارة لمستثمر خليجى    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    عراقجي: سلطنة عُمان تعرض على إيران مقترحا أمريكيا للاتفاق النووي    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    عاجل.. ديمبيلي يقود تشكيل باريس سان جيرمان لمواجهة إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا    منافس الأهلي.. بورتو يفوز على الوداد المغربي قبل كأس العالم للأندية 2025    القبض على سيدتين لاتهامهما بتصوير ونشر فيديوهات خادشة للحياء    رئيس جامعة كفر الشيخ يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات    سيبتك.. أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    تكريم محمد صبحي بجائزة إنجاز العمر في احتفالية القومي لحقوق الإنسان    بصور البروفات| مي فاروق تروج لحفلها المرتقب في دار الأوبرا    حكم صيام يوم عرفة وعلى من يجوز    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    أول تصريح من وزير الصحة بشأن العاصفة الرعدية بالإسكندرية    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    بعد تداول فيديو ضربها.. القومي للطفولة والأمومة يودع ضحية عنف والدها في المهندسين دار رعاية    «بقالي 20 سنة بغني ولسه بيداري».. موقف طريف بين روبي وجمهورها في الأردن (فيديو)    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد رسامة شيوخ وشمامسة جدد بكنيسة في المنيا    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: سياسة التجويع الإسرائيلية مستمرة منذ 20 عاما    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رصف شارع الجيش بدسوق    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    بعد 9 مواسم.. الأهلي يعلن رحيل السولية    إنتر ميلان يطارد النجمة الرابعة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    شبكة المنظمات الأهلية: الاحتلال دمّر بنى اقتصادية ويستهدف المؤسسات الإغاثية    تجربته الأولى.. جون هيتينجا مدربا ل أياكس    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    أيمن أبو عمر يوضح أعظم العبادات والطاعات في عشر ذي الحجة    وزير الخارجية ل"صوت الأمة": السياسة الخارجية المصرية تستند لمبدأ "الاتزان الاستراتيجي"    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    سقوط طالبة من سلم الدور الأول بكلية البنات عين شمس والجامعة تنقلها لمستشفي الطوارئ    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    بعد انتهاء أزمتها.. آية سماحة توجه الشكر لنقابة المهن التمثيلية    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    وزيرة التنمية المحلية تطمئن على جاهزية محافظة الإسكندرية لمواجهة الطقس السيئ    برأة راندا البحيري من تهمة سب وقذف طليقها    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    جنايات القاهرة تقضي بالسجن المشدد 7 سنوات لرجل أعمال أنهى حياة زوجته بالتجمع الخامس    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    الزمالك وفاركو.. استعداد أمني مشدد لتأمين مباراة الجولة الأخيرة من بطولة الدوري    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    رسوم ترامب والسباق الانتخابي الكوري الجنوبي: من يحسم المواجهة؟    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاجومي سفير الفقراء .. وداعا
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 12 - 2013

ولد أحمد فؤاد نجم في 23 مايو 1929 في قرية كفر أبو نجم بمدينة أبو حماد محافظة الشرقية, وهو ينتمي إلى عائلة نجم المعروفة في ارجاء مصر, لأم فلاحة أمية من الشرقية «هانم مرسى نجم» وأب يعمل ضابط شرطة «محمد عزت نجم» وكان ضمن سبعة عشر ابن لم يتبق منهم سوى خمسة والسادس فقدته الأسرة ولم يره.

التحق بعد ذلك بكتّأب القرية كعادة أهل القري في ذلك الزمن.

أدت وفاة والده إلى انتقاله إلى بيت خاله حسين بالزقازيق حيث التحق بملجأ أيتام 1936 - والذي قابل فيه عبد الحليم حافظ- ليخرج منه عام 1945 وعمره 17 سنة بعد ذلك عاد لقريته للعمل راعي للبهائم ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته.

عمل نجم في معسكرات الجيش الإنجليزي متنقلا بين مهن كثيرة مثل لاعب كرة.. بائع..عامل انشاآت وبناء.. ترزي. وفي فايد وهي احدى مدن القنال التي كان يحتلها الإنجليز التقى بعمال المطابع الشيوعيين..و كان في ذلك الحين قد علم نفسه القراءة والكتابة وبدأت معاناته الطويلة تكتسب معنى. واشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال.

يقول نجم: كانت أهم قراءاتي في ذلك التاريخ هي رواية الأم ل مكسيم غوركي, وهي مرتبطة في ذهني ببداية وعيي الحقيقي والعلمي ب حقائق هذا العالم, والأسباب الموضوعية لقسوته ومرارته. ″ ولم أكن قد كتبت شعرا حقيقيا حتى ذلك الحين وانما كانت أغان عاطفية تدور في اطار الهجر والبعد ومشكلات الحب الاذاعية التي لم تنته حتى الآن... وكنت في ذلك الحين أحب ابنة عمتي وأتمناها, لكن الوضع الطبقي حال دون اتمام الزواج لأنهم أغنياء″.

و خرج الشاعر مع 90000 ألف عامل مصر من المعسكرات الإنجليزية بعد أن قاطعوا العمل فيها على اثر إلغاء المعاهدة, وكان يعمل بائعا حينئذ فعرض عليه قائد المعسكر أن يبقى وإلا فلن يحصل على بضائعه, ولكن تركها وذهب.

و في الفترة ما بين 51 إلى56 اشتغل شاعرنا عاملا في السكك الحديدية. وبعد معركة السويس قررت الحكومة المصرية أن تستولي على القاعدة البريطانية الموجودة في منطقة القنال وعلى كل ممتلكات الجيش هناك وكانت ورش وأبورات الزقازيق تقوم في ذلك الحين بالدور الأساسي لان وابورات الإسماعيلية والسويس وبور سعيد ضربت جميعا في العدوان. ″ وبدأنا عملية نقل المعدات. وشهدت في هذة الفترة أكبر عملية نهب وخطف شهدتها أو سمعت عنها في حياتي كلها.

أخذ كبار الضباط والمديرون ينقلون المعدات وقطع الغيار إلى بيوتهم... وفقدت أعصابي وسجلت احتجاجي أكثر من مرة... وفي النهاية نقلت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بعد أن تعلمت درسا كبيرا.أن القضية الوطنية لا تنفصل عن القضية الاجتماعية, كنت مقهورا وأرى القهر من حولي أشكالا ونماذج...كان هؤلاء الكبار منهمكين في نهب الورش, بينما يموت الفقراء كل يوم، دفاعا عن مصر.

و في وزارة الشؤون الاجتماعية عملت طوافا أوزع البريد على العزب والكفور والقرى وكنت أعيد في هذه المرحلة اكتشاف الواقع بعد أن تعمقت رؤيتي وتجربتي شعرت حينئذ رغم أنني فلاح وعملت بالفأس لمدة 8 سنوات أن حجم القهر الواقع على الفلاحين هائل وغير محتمل كنت أجد في الواقع المصري مرادفات حرفية لما تعلمته نظريا كان التناقض الطبقي بشعا.

في سنة 1959 التي شهدت الصدام الضاري بين السلطة واليسار في مصر على اثر أحداث العراق انتقل الشاعر من البريد إلى النقل الميكانيكي في العباسية أحد الأحياء القديمة في القاهرة.

و يقول نجم: وفي يوم لا يغيب عن ذاكرتي أخذوني مع أربعة آخرين من العمال المتهمين بالتحريض والمشاغبة إلى قسم البوليس وهناك ضربنا بقسوة حتى مات أحد العمال,.. وبعد أن أعادونا إلى المصنع طلبوا إلينا أن نوقع إقرارا يقول أن العامل الذي مات كان مشاغبا وأنه قتل في مشاجرة مع أحد زملائه..و رفضت أن أوقع ,فضربت.

وبعد ذلك عاش نجم فترة شديدة التعقيد من حياته إذ وجهت إليه تهمة الاختلاس, ووضع في السجن لمدة 33 شهرا.

بعدها بسنوات عمل بأحد المعسكرات الإنجليزية وساعد الفدائيين في عملياتهم، بعد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية دعت الحركة الوطنية العاملين بالمعسكرات الإنجليزية إلى تركها فاستجاب نجم للدعوة وعينته حكومة الوفد كعامل بورش النقل الميكانيكي وفي تلك الفترة قام بعض المسؤلين بسرقة المعدات من الورشة وعندما اعترضهم اتهموه بجريمة تزوير استمارات شراء مما أدى إلى الحكم عليه 3 سنوات بسجن قره ميدان.

وفي السنة الأخيرة له في السجن اشترك في مسابقة الكتاب الأول التي ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون وفاز بالجائزة وبعدها صدر الديوان الأول له من شعر العامية المصرية «صور من الحياة والسجن» وكتبت له المقدمة سهير القلماوي ليشتهر وهو في السجن.

بعد خروجه من السجن عُين موظف بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الأفريقية وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية وأقام في غرفة على سطح أحد البيوت في حي بولاق الدكرور بعد ذلك تعرف على الشيخ إمام في حارة خوش «معناها بالتركية قدم الخير» أو حوش آدم بالعامية ليقرر أن يسكن معه ويرتبط به حتى أصبحوا ثنائي معروف وأصبحت الحارة ملتقى المثقفين.

وقد نجحا في إثارة الشعب وحفز هممه قديما ضد الاستعمار ثم ضد الديكتاتورية الحاكمة ثم ضد غيبة الوعي الشعبي، ويقول نجم عن رفيق حياته انه «اول موسيقي تم حبسه في المعتقلات من أجل موسيقاه وإذا كان الشعر يمكن فهم معناه فهل اكتشف هؤلاء أن موسيقى إمام تسبهم وتفضحهم»

حيث ان مع نكسة 1967، تغيرت اللغة من النعومة والغزل، لتحمل بندقية وسوطا ساخرا فيغنيان معا «الحمد لله خبطنا/تحت بطاطنا/ يامحلا رجعة ظباطنا من خط النار»، ليسخر للمرة الأولى من جمال عبدالناصر «إن شا الله يخربها مداين عبدالجبار»، لم يتحمل ناصر الذي أحبه نجم وإمام رغم النقد اللاذع، أغنيات نجم وإمام الأسطورة المروية التي يرويها نجم، والتي ستحبها على مبالغتها أن عبدالناصر قال «إن الناس دي مش هتخرج من السجن طول ما أنا عايش».

وببساطة ذلك هو ما حدث بالفعل ولم يخرج إلا بعد وفاته أثناء تصفية أنور السادات للمعتقلين السياسيين في عهد عبدالناصر وضمن آخر 4 معتقلين، وهو الذي سمّاه السادات «الشاعر البذيء».

عرض عليه مدير إذاعة صوت العرب، مع رفيقه العمل بالإذاعة مقابل مبلغ كبير، كانت «رشوة» مقنعة، ليكف عن جلد جلاده، لكنهما رفضا «نجم» لم يرفض فقط أن يحتويه سجانه، بل رفاقه أيضا، فقد رفض كل محاولات المنظمات الشيوعية لضمه لعضويتها، ليكون صوتها، حرصا على استقلاله كشاعر شعبي، كان أهم عنده من علاقاته بتلك المنظمات التي توترت لا لشيء إلا لرغبة في سجن صوته.

وكانت أغنية بقرة حاحا، كما يقول الكاتب صلاح عيسي في كتابه «أحمد فؤاد نجم.. شاعر تكدير الأمن العام» والتي كتبت في 8 يونيو 1967، أول بيانات الرد على الهزيمة، فيما كانت أغنية «الحمد لله خبطنا، تحت بطاطنا» بعد أن اتضح حجم الهزيمة، أول البلاغات الحربية التي صدرت من غرفة عمليات «حوش قدم».

كما علق هو بنفسه ذات مرة عندما قامت ثورة 25 يناير، كانت قصيدة نجم «كل ما تهل البشاير/ من يناير كل عام/ يدخل النور الزنازن/ يطرد الخوف الظلام» أيقونة لنبوءة أطلقها في السبعينات، أيقونة انتصار، وعقيدة لا تقبل المساومة «مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر».

وعندما أعلنت مؤسسة كلاوس الهولندية، منح نجم جائزتها، في سبتمبر الماضي، والتي منعه الموت عن تسلمها بنفسه في 10 ديسمبر المقبل، قالت المؤسسة إن الجائزة تأتي تقديرا لمساهماته وأشعاره باللهجة العامية المصرية، التي ألهمت 3 أجيال من المصريين والعرب، وتميزت بحس نقدي ساخر، بتأكيدها على الحرية والعدالة الاجتماعية».

وكان يرى أحمد فؤاد نجم أن العامية أهم شعر عند المصريين لأنهم شعب متكلم فصيح وأن العامية المصرية أكبر من أن تكون لهجة وأكبر من أن تكون لغة, فالعامية المصرية روح وهى من وجهة نظره أنها أهم إنجاز حضاري للشعب المصري.

واحمد فؤاد نجم شاعر متدفق الموهبة فقد ألف العيد من الاغانى والتي تعبر جميعها عن رفضه للظلم وحبه الفياض لمصر واستيعابه الكامل للواقع الأليم.

وقد تزوج الشاعر أحمد فؤاد نجم العديد من المرات أولها من فاطمة منصور أنجب منها عفاف وتزوج ايضا من الفنانة عزة بلبع والكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها نوارة نجم , وتزوج ايضا من ممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو، والآن متزوج من السيدة أميمة عبد الوهاب و التي أنجب منها زينب، لدى نجم 3 أحفاد من عفاف : مصطفى، صفاء وأمنية.

و قد اختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأم المتحدة سفيرا للفقراء في عام 2007.

وتوفي أحمد فؤاد نجم عن عمر يناهز 84 عاما من صباح اليوم الثلاثاء الثالث من ديسمبر عام 2013 في مدينة القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.