في المنتدي العربي للإعلام الذي جرت فعالياته بدبي قام الدكتور أحمد زويل بإلقاء محاضرة حظيت بحضور مكثف من جانب الإعلاميين العرب الذين يعرفون قدر الرجل وما حققه بجهده ودأبه وأمانته العلمية. استمعت إلي المحاضرة من ضمن من استمعوا فوجدت نفسي في حيرة، وقد أوقعني في الحيرة أنني أحب هذا الرجل وأفخر به ولا أجد بأساً في أن «أتعايق» به كما يفعل العرب جميعاً!. هذا المنتدي مخصص لمناقشة القضايا الإعلامية، بينما الدكتور زويل عالم وليس إعلامياً، لكن لا بأس في أن يشرف المنتدي بوجوده وأن نستمع منه إلي آخر إنجازاته العلمية أو إلي تجربته في الحياة وقصة كفاحه التي أوصلته إلي ما هو عليه الآن. ولكن الدكتور زويل لم يحدثنا فيما هو خبير فيه وتحدث إلينا فيما يجهله.. وهذه علي أي الأحوال هي آفة معروفة في عالمنا العربي، إذ إنه بمجرد أن يبرز فرد بيننا ويحقق نجاحاً في عمله حتي نوسعه استضافة في الإذاعة والتليفزيون والصحافة واللقاءات والمنتديات سواء كان عالماً كزويل أو أديباً كمحفوظ أو مدرب كرة كحسن شحاتة أو لاعباً مثل جدو!. وفي كل الأحوال تنهال عليه الأسئلة في السياسة والاقتصاد والإعلام والقضايا الدينية والفلسفية متناسين أنه متخصص في شيء واحد فقط، وأنه حتي لو كان من المهتمين بالثقافة والشئون العامة فإنه في هذا المضمار لا يعدو كونه واحداً من ضمن ملايين لا يملكون ما يؤهلهم للحديث في كل أمور الكون!. تحدث الدكتور زويل عن علاقة الإعلام بالتطور العلمي فلم يضف جديداً، وكان معظم ما قاله مردودًا عليه وقابلاً للنقاش بل إن النقاش في هذه الحالة كان فريضة واجبة حتي لا يفتتن الناس بالعالم المشهور ويصدقون أن آراءه حول الإعلام والسياسة هي حقائق ثابتة لا يجوز الاختلاف معها، بينما الواقع أنها اجتهادات تستوجب المناقشة والاختلاف الذي لا ينال بالطبع من مكانة العالم الكبير. لكن المشكلة أن هناك دائماً وسطاء يسعون لوضع أنفسهم بدون مناسبة بين الناس ومن يحبونهم، ومثال لهذا ذلك الدور الغريب الذي يقوم به الأستاذ أحمد المسلماني الحاصل علي توكيل الدكتور زويل في الشرق الأوسط، والذي لم يترك للرجل فرصة للتفاعل مع الحضور والإجابة عن أسئلتهم رغم استعداد زويل لذلك!. ولم أفهم الكلمة التي قام المسلماني فيها بتقديم الرجل وكأننا لا نعرفه، في حين كان يجب ترك هذه الكلمة للجانب الإماراتي الذي دعا الرجل عرفاناً بقيمته، لكنها الرغبة في احتكار زويل وفرض الوصاية عليه!. ولم يعجبني أبداً أن يقوم المسلماني باختيار من يرغبون في مناقشة الرجل ومحاورته، وكان يمكن أن يقوم بهذا زويل بنفسه أو أن يتم تلقي الأسئلة قبل الندوة ووضعها (بأمانة) بين يديه ليجيب عنها، لكن ما حدث كان شيئاً غريباً أثار استياء الحضور عندما تم تجاهل كل الذين اشتمّ منهم المسلماني أنهم قد يوجهون أسئلة ذات قيمة، فقام بدور الرقيب ومنع أسئلتهم عن الرجل ناسياً أنه قادم من أمريكا حيث يقوم الناس بمحاجاة رئيس الجمهورية ومعارضته دون غضاضة. وقد آلمني أن ما حدث قد أثار استياء معظم الإعلاميين الذين حضروا والذين وقف المسلماني بينهم وبين التفاعل المباشر مع زويل، خاصة أنهم ليسوا من الدهماء لكنهم في معظمهم قامات إعلامية سامقة قام المسلماني بقمعهم وكأنه يمثل في مواجهتهم الجناح الإعلامي للأمن المركزي!. وأخشي أن هذا قد مس صورة الدكتور زويل لديهم دون ذنب جناه بسبب أن هناك من يريد أن يضفي علي نفسه أهمية زائفة من خلال الالتصاق برجل عظيم، لكنه لا يقوم في الواقع سوي بالإساءة إليه!. وفي الحقيقة عندما أنظر حولي أجد فيضاً من الرجال العظماء الذين تفخر بهم أي أمة، وكنت أتمني أن يكون هناك مسلماني للدكتور البرادعي ومسلماني للدكتور محمد غنيم ومسلماني للمرحوم عبدالوهاب المسيري وكل منهم لا يقل عن الدكتور زويل عظمة وتميزاً، لكن أحداً منهم لم يصادف مسلمانيه بسبب أن السلطة لا تستلطفهم، والقرب منهم ليس به سفر وأنس وفلاشات!