رئيسة القومي لذوي الإعاقة تشدد على الاستجابة الفورية لشكاوى المواطنين    اسعار السمك البلطى والبياض اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى المنيا    الذهب يرتفع 1% مع تزايد الإقبال على الملاذ الآمن وانخفاض الدولار عالميا    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    أستراليا تدرس قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة بعد حادثة إطلاق النار في بوندي    سفارة البحرين في القاهرة تقيم حفل استقبال بمناسبة الأعياد الوطنية للمملكة    نيجيريا تستعد لمواجهة مصر ب11 لاعبًا فقط    الأهلي يعود لتدريباته بعد راحة يومين استعدادا لمواجهة سيراميكا كليوباترا    تحذيرات الأرصاد: أمطار متفاوتة تقترب من القاهرة واضطراب في الملاحة البحرية    تشييع جنازة شقيقة عادل إمام مع منع التصوير الصحفي    «هواء مالح» للروائية هبة خميس تنافس في القائمة القصيرة لجائزة ساويرس الثقافية    بهذة الطريقة.. الأعلامية ريهام سعيد توجه رساله للفنان أحمد العوضي    مجمع إعلام دمياط يطلق حملة "حمايتهم واجبنا" لتوفير بيئة آمنة للأطفال    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء أعمال تكريك وتعميق مدخل ميناء البرلس    تطورات أزمة أرض أكتوبر، هل يستقيل مجلس الزمالك؟    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    إحالة تشكيل عصابي بتهمة استغلال الأطفال في أعمال التسول والنشل بالقاهرة للمحاكمة    ضبط مزارع يضع كلابا صغيرة فى أجولة ويضربها بعصا ويلقيها بمصرف فى الغربية    المصريون بالرياض يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    تنظيم داعش يعلن مسئوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الأمن السورية في إدلب    رئيس الأوبرا ينعى الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    وزارة الصحة تعلن الانتهاء من إجراءات تسجيل لقاح الانفلونزا للتصنيع المحلى    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    القبض على المتهمين بقتل تاجر ماشية في البحيرة    الرقابة المالية تنضم إلى فريق دولي تابع للمنظمة الدولية لمراقبي التأمين    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    المنوفية تنهى استعداداتها لانطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير قطاع الأعمال: التوافق مع آلية حدود الكربون الأوروبية يسهم في تعزيز الصادرات المصرية للأسواق الخارجية    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    تعليم القليوبية يحسم توزيع رؤساء لجان امتحانات الشهادة الإعدادية والتغطية الصحية    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    "حقوق المرأة في التشريعات المصرية" ندوة توعوية بجامعة بنها    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    شيكابالا ينشر فيديو تكريمه من رابطة جماهير الزمالك في قطر    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    إخماد حريق داخل عقار فى الهرم دون إصابات    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    «الأوقاف»: التثبت من الأخبار فريضة دينية وضرورة مجتمعية    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الصباغ يكتب: شمس بدران والإخوان.. القصة الحقيقية التي تنشر لأول مرة الحلقة «7»
نشر في الدستور الأصلي يوم 28 - 10 - 2013

سيد قطب: اتفقنا على استخدام القوة حال الاعتداء على تنظيم الإخوان

قُبض على سيد قطب فى شقة قائد التنظيم الخاص للإخوان بمصر الجديدة بعد أن أرشد عنه إبراهيم الطيب مسؤول التنظيم السرِّى فى القاهرة

لم يتم أى اعتداء على حركة الإخوان المسلمين بعد مؤامرة 54 بل أُفرج عنهم جميعا بعد تمضية جزء من العقوبة

1 الحركة الإسلامية فى الخمسينيات شبيهة بالحالة التى كانت عليها المجتمعات البشرية يوم جاء الإسلام أول مرة من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة

2 معسكرات صهيونية وصليبية استعمارية قوية تحارب كل محاولة للدعوة الإسلامية وتعمل على تدميرها عن طريق الأنظمة والأجهزة المحلية

3 ناقشتُ مع التنظيم السرِّى تدريب المجموعات على حماية التنظيم.. وكذلك موضوع الأسلحة والمال اللازم لذلك

كان سيد قطب فى الاعترافات التى تعرض لها هنا، والتى دوَّنها تحت الاستجواب بعد القبض على تنظيم الإخوان المسلمين فى يوليو 1965، قد كتب أنه بعد القبض على جماعات من أعضاء تنظيم الإخوان عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر فى 26 أكتوبر 1954، أنه قبل عملية إلقاء القبض عليه، كانت تصدر نشرة للإخوان اسمها «هذه المعاهدة لن تمرّ»، ونشرة أخرى بعنوان «لماذا أكافح؟»، وقد كان ذلك بعد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا فى 27 يوليو 1954 بين جمال عبد الناصر وبعض من أعضاء مجلس الثورة كانوا يشكّلون وفد التفاوض المصرى وهم: عبد الحكيم عامر وعبد اللطيف البغدادى وصلاح سالم، وقد وقَّع على الاتفاقية بالأحرف الأولى من الجانب البريطانى أنتونى هيد، وزير الحربية البريطانى.

ومنذ لحظة التوقيع فى 27 يوليو 1954 حتى التوقيع الرسمى فى 9 أكتوبر 1954 نشطت معارضة جماعة الإخوان وبعض التيارات السياسية التى كانت تتجه إلى الأحزاب السياسية التى حُلَّت فى 17 يناير 1953، ثم جاءت حادثة إطلاق الرصاص على جمال عبد الناصر فى المنشية لتكون معبرة عن ذروة المواجهة بين جمال عبد الناصر ورافضى الاتفاقية.

قُبض على سيد قطب فى شقة بمصر الجديدة، كانت مخبأ يوسف طلعت قائد التنظيم الخاص للإخوان المسلمين، بعد أن أرشد عنها إبراهيم الطيب مسؤول التنظيم السرى عن منطقة القاهرة، وكانت لجنة الإشراف على الجهاز السرى للإخوان فى أحداث عام 1954 مكوَّنة من: يوسف طلعت وإبراهيم الطيب مسؤول القاهرة، وأحمد حسن مسؤول الأقاليم، وصلاح شادى مسؤول البوليس، وأبو المكارم عبد الحى مسؤول الجيش، وكانت لجنة الإشراف تخضع للجنة عليا مكونة من الشيخ السيد سابق والدكتور محمد خميس حميدة نائب المرشد، ومحمود الصباغ والشيخ محمد فرغلى وأحمد زكى.

وهذا بعض من اعترافات سيد قطب وتعليمات شمس بدران وزير الحربية الأسبق حتى أحداث تنظيم الإخوان فى عام 1965، إذ يقول سيد قطب:

«بعد مراجعة ودراسة طويلة لحركة الإخوان المسلمين ومقارنتها بالحركة الإسلامية الأولى للإسلام أصبح واضحًا فى تفكيرى -وفى تفكيره كذلك- أن الحركة الإسلامية اليوم تواجه حالة شبيهة بالحالة التى كانت عليها المجتمعات البشرية يوم جاء الإسلام أول مرة من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة الإسلامية، والبعد عن القيم والأخلاق الإسلامية، وليس فقط البعد عن النظام الإسلامى والشريعة الإسلامية، وفى الوقت نفسه توجد معسكرات صهيونية وصليبية استعمارية قوية تحارب كل محاولة للدعوة الإسلامية وتعمل على تدميرها عن طريق الأنظمة والأجهزة المحلية بتدبير الدسائس والتوجيهات الواردة لهذا الغرض، ذلك بينما الحركات الإسلامية تشغل نفسها فى أحيان كثيرة بالاستغراق فى الحركات السياسية المحدودة كمحاربة معاهدة أو اتفاقية، وكمحاربة حزب أو تأليب خصم فى الانتخابات عليه.

كما أنها تشغل نفسها بمطالبة الحكومات بتطبيق النظام الإسلامى والشريعة الإسلامية بينما المجتمعات ذاتها بجملتها قد بعدت عن فهم مدلول العقيدة الإسلامية والغَيرة عليها، وعن الأخلاق الإسلامية، ولا بد إذن أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة وهى إحياء مدلول العقيدة الإسلامية فى القلوب والعقول، وتربية من يقبل هذه الدعوة وهذه المفهومات الصحيحة، تربية إسلامية صحيحة.

وفى الوقت نفسه، ومع المضى فى برنامج تربوى كهذا، لا بد من حماية الحركة من الاعتداء عليها من الخارج، وتدميرها ووقف نشاطها وتعذيب أفرادها وتشريد بيوتهم وأطفالهم تحت تأثير مخططات ودسائس معادية، كالذى حدث للإخوان سنة 1948، ثم سنة 1954 وسنة 1957، وكالذى نسمع ونقرأ عنه مما يحدث للجماعات الأخرى، كالجماعة الإسلامية فى باكستان، وهو يسير على نفس الخطة ونشأ عن نفس المخططات والدسائس العالمية.

وهذه الحماية تتم عن طريق وجود مجموعات مدرَّبة تدريبًا فدائيًّا بعد تمام تربيتها الإسلامية من قاعدة العقيدة ثم الخُلق، هذه المجموعات لا تبدأ هى اعتداء، ولا محاولة لقلب نظام الحكم، ولا مشاركة فى الأحداث السياسية المحلية، وما دامت الحركة آمنة ومستقرة فى طريق التعليم والتفهيم والتربية والتقويم، وما دامت الدعوة ممكنة بغير مصادرة لها بالقوة، وبغير تدمير لها بالقوة، وبغير تعذيب وتشريد وتذبيح وتقتيل، فإن هذه المجموعات لا تتدخل فى الأحداث الجارية، ولكنها تتدخل عند الاعتداء على الحركة والدعوة والجماعة لرد الاعتداء وضرب القوة المعتدية بالقدر الذى يسمح للحركة أن تستمر فى طريقها».

وأنا أقول هنا -تعقيبًا على كلام سيد قطب، السابق- إنه لم يتم أى اعتداء على حركة الإخوان المسلمين بعد مؤامرة عام 54، بل أُفرج عنهم جميعا بعد تمضية جزء من العقوبة وهذا الكلام فيه مغالطة كبيرة للواقع حتى مؤامرة عام 65، فكيف يبرر سيد قطب مؤامرتهم عام 1965 لقلب نظام الحكم؟

ويستطرد سيد قطب ليقول: «إن الوصول إلى تطبيق النظام الإسلامى والحكم بشريعة الله ليس هدفًا عاجلاً لأنه لا يمكن تحقيقه إلا بعد نقل المجتمعات ذاتها، أو جملة صالحة منها ذات وزن وثقل فى مجرى الحياة العامة، إلى فهم صحيح للعقيدة الإسلامية ثم للنظام الإسلامى، وإلى تربية إسلامية صحيحة على الخلق الإسلامى، مهما اقتضى ذلك من الزمن الطويل والمراحل البطيئة».

وتعليق شمس بدران على تلك الجملة لسيد قطب أنه منذ عام 54 إلى 65 لم يكن ذلك بالزمن الطويل وقد جهَّزوا مؤامرة عام 65 لتفجير الدولة وسوف يقتنع الإخوان الآن، بعد أن وصلوا إلى الحكم بالطريق الدستورى السليم بأن سياساتهم الماضية أصبحت لا محل لها الآن. ثم يستطرد سيد قطب ليقول: «وأصبحت هذه الصورة للحركة الإسلامية واضحة فى حسّى تمامًا -كما أصبحت واضحة فى حسّ الأخ هواش- وبقيت مهمة نقلها إلى أفراد ومجموعات أخرى من الإخوان بأنه وسيلة لبدء حركة على أساسها، وفى سنة 1962 بدأت الحركة فعليًّا».

ويواصل سيد قطب اعترفاته عن الفترة التى أعقبت الإفراج الصحى عنه قبل انقضاة العدة بشهور وكان ذلك فى أوائل عام 1965 فيقول:

«خرجتُ من السجن، وفى تصورى صورة خاصة محددة لما يجب أن تكون عليه أى حركة إسلامية فى الظروف العالمية والمحلية الحاضرة وصورة خطوات المنهج الذى يجب أن تسير عليه، ولكن حدث أن التقيت بعد خروجى على التوالى بالشبان الآتية أسماؤهم، من بين من التقيتهم من الإخوان وغير الإخوان ممن لهم اتجاه إسلامى: عبد الفتاح إسماعيل- على العشماوى- أحمد عبد المجيد (وقد عرفت بقية اسمه هنا فى السجن الحربى)- مجدى صبرى، وعلمت منهم بعد لقاءات متعددة أنهم مكوِّنون بالفعل تنظيمًا يرجع تاريخ العمل فيه إلى نحو أربع سنوات أو أكثر، وأن أقلية منه ممن سبق اعتقالهم من الإخوان والأكثرية ممن لم يسبق اعتقالهم أو ممن لم يكونوا من الإخوان من قبل، وأن هذا التنظيم تم بأن كلًّا منهم على انفراد فكَّر فى وقت من الأوقات السابقة فى هذه السنوات فى ضرورة العمل لإعادة حركة الإخوان المسلمين، وعدم الاكتفاء بهذه الصورة القائمة لوجود الجماعة، وهى أن تكون هناك بعض الاشتركات والمساعدات لإعالة الأسر التى لم يعد لها مورد رزق مع مجرد التجاوب الصامت بين الإخوان والقعود والانتظار.

وأنهم فى أثناء تحركهم كلٌّ على حِدَة لتنظيم أى عدد من الإخوان الراغبين فى الحركة أو تحريكهم التقى بعضهم ببعض، وبعد أن استوثق بعضهم من بعض كوَّنوا هذا التنظيم الواحد وأنهم -وكلهم من الشبان قليلى الخبرة- ظلوا يبحثون عن قيادة لهم من الكبار المجربين فى الجماعة، فاتصلوا بالأستاذ فريد عبد الخالق، كما اتصلوا بإخوان الواحات «الذين اتصلوا بالأستاذ فريد كلهم والذى اتصل بالواحات عبد الفتاح»، وبغيرهم، وكأنهم لم يجدوا حتى الآن قيادة لهم، وهم يريدون أن أتولى أنا هذا بعد خروجى، ذلك أنهم بعد أن قرؤوا كتاباتى وسمعوا أحاديثى معهم قد تحولت أفكارهم وتوسعت رؤيتهم إلى حد كبير، وقد كانوا يفكرون من قبل على أساس أن المسألة مسألة تنظيم مجموعة فدائية لإزالة الأوضاع والأشخاص التى ضربت جماعة الإخوان المسلمين وأوقفت دعوتهم وإقامة الجماعة، وإقامة النظام الإسلامى عن هذا الطريق، ولكنهم هم فى حاجة إلى قيادة تزودهم بالمزيد فى التحرك ليستطيعوا هم أن يؤثروا فى من وراءهم ويوسّعوا إدراكهم، ويغيّروا تصوراتهم، وكنت أمام أمرين إما أن أرفض العمل معهم وهم لم يكونوا على النحو الذى أنا مقتنع به، فلم يتم تكوين الأفراد وتربيتهم وتوعيتهم قبل أن يصبحوا تنظيمًا وقبل أن يأخذوا فى التدريب الفعلى على بعض التدريبات الفدائية، وإما أن أقبل العمل على أساس إدراك ما فاته من المنهج الذى أتصوره للحركة، وعلى أساس إمكان ضبط حركاتهم بحيث لا يقع اندفاع فى غير محله خصوصًا وبعضهم ينوى فعلاً، وعقلية البدء بإقامة النظام الإسلامى من قمة الحكم قد تغلب على الفهم الجديد، وعلى عقلية البدء بإقامة العقيدة والخلق والاتجاه فى قاعدة المجتمع، وقررت اختيار الطريق الثانى والعمل معهم وقيادتهم». وهنا يريد سيد قطب أن يبرز لنفسه أو للمحققين بأنه أُجبر على اتباع طريق العنف وهو الاختيار الثانى. ثم بعد ذلك يقول: «ولكنى قلت لهم مخلصًا فى ذلك، حقيقةً إن الحركة الإسلامية فى الظروف الحاضرة تحتاج إلى نظرة واسعة وفهم ووعى الإسلام ذاته وتاريخ حركته وكذلك فهم للظروف العالمية المحيطة بالإسلام وبالعالم الإسلامى.. إلخ، وأنتم تقولون إنكم لم تجدوا قيادة وتريدون أن أقوم لكم بهذا الدور، ولكننى كما تعلمون رجل مريض بأمراض مستعصية على الطب حتى الآن وخطيرة والآجال نَعَم بيد الله ولكن قدَّر الله بأسباب يوجدها الله».

وهنا أقول إن ما نُشر بعد ذلك فى الصحافة السعودية وغيرها من رفاق الشهيد سيد قطب فى السجن أنهم عذَّبوه عذابا شديدًا قبل إعدامه، وذلك يتنافى مع ما ذكره سيد قطب نفسه عن أمراضه المستعصية.

ثم يستطرد سيد قطب ليقول: «لذلك يجب أن تتوكلوا على الله وتحاولوا أن تكونوا أنتم قيادة، ومهمتى الحقيقية معكم هى فعل كل ما أملك لتوعيتكم وتكوينكم العقلى لتكونوا قيادة، أما دينكم وخلقكم وتقواكم وإخلاصكم وتحملكم مع الله فأنا أرى وأحس أنكم سائرون فيها بخير والحمد لله. وكنت أكرر عليهم هذه المعانى واتجه بهم هذا الاتجاه، وكانت الوسيلة لتحقيق ذلك هى اجتماعى بهم أحيانًا مرة كل أسبوع، وأحيانًا مرة كل أسبوعين، وفى فترات انشغالى مرة كل ثلاثة أسابيع أو كل شهر.

غير أن جلساتى معهم كانت محدودة بحكم قصر المدة التى اتصلوا بى فيها فهى فى مجموعها إذا استبعدنا الفترات التى كنت مشغولاً فيها أو مريضًا أو بعيدًا عن القاهرة لا تزيد على ستة أشهر، ولا تحتمل أكثر مما يتراوح بين عشرة واثنى عشر اجتماعًا، لا يتسنى فيها إلا القليل وبعضها كان يشغل بمسائل عملية أخرى تختص بموقف التنظيم من بقية الإخوان كما تتعلق بمسائل التدريب وأسلحته وبخطة مقابلة الاعتداء على التنظيم وتوقع ضربه حسب ما يتردد من أخبار وإشاعات، وأظن أن هذه المسألة الرئيسية التى تهم المشرفين على القضية أكثر من غيرها، ولكنى كنت أرى أنه لا بد من عرض الصورة الكاملة التى تساعد على فهم هذه المسألة من كل جوانبها». وهنا بدأت المؤامرة بأن يقوم الإخوان بالضربة الأولى قبل أن تضربهم الدولة.

ثم يستطرد سيد قطب:

«كنا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم أو إقامة النظام الإسلامى، وفى الوقت نفسه قررنا استخدامها فى حالة الاعتداء على هذا التنظيم الذى سيسير على منهج تعليم العقيدة وتريبة الخُلق وإنشاء قاعدة للإسلام فى المجتمع، وكان معنى ذلك البحث فى موضوع تدريب المجموعات التى تقوم برد الاعتداء وحماية التنظيم منه، وموضوع الأسلحة اللازمة لهذا الغرض، وموضوع المال اللازم كذلك». ولا شك أن سيد قطب هنا يهرف فلم يكن هناك أى اعتداء على تنظيم الإخوان المسلمين قبل بدء التحقيق.

غدًا.. شمس بدران يواصل نشر اعترافات سيد قطب بمخطط الإخوان لضرب المنشآت الحكومية ونسف نظام الدولة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.