يعتبر شارع النبي دانيال بالإسكندرية أحد أهم وأشهر شوارع المدينة، يمتد من محطة الرمل حتي محطة مصر، يعود تاريخه إلي بداية بناء المدينة ذاتها مثلما تؤكد د. ضحي عرفة - أستاذ الآثار اليونانية والرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية - عندما أمر الإسكندر الأكبر ببناء الإسكندرية تم بناؤها وفقا للتخطيط الهيبودامي والذي يعني الشكل الشبكي أو رقعة الشطرنج، حيث كانت المدينة مقسمة إلي شارعين رئيسيين أحدهما طولي والآخر عرضي، يخلق تقاطعهما ميدانا كبيرا في المنتصف، ويعتقد أن شارع النبي دانيال جزء من الشارع الرئيسي الطولي الذي كان يمتد من شمال المدينة إلي جنوبها. وعن وجود قبر الإسكندر الأكبر في هذا الشارع وبالتحديد أسفل مسجد النبي دانيال قالت د. ضحي: هذا الكلام تردد من قبل وتم التنقيب تحت المسجد وكنت ضمن الباحثين الذين نقبوا وقتها ولكننا لم نعثر علي أثر لقبر الإسكندر الذي لا يزال لغزا حتي الآن ولا أحد يعرف بالضبط أين دفن الإسكندر. ولكن من هو النبي دانيال الذي يحمل الشارع اسمه؟ يجيب د. محمود الشال - أستاذ التاريخ بكلية التربية جامعة الإسكندرية - قائلا: النبي دانيال هو أحد أنبياء بني إسرائيل ربما يعود تاريخه إلي القرن السادس قبل الميلاد، ولذلك يسمي المعبد اليهودي الموجود بالشارع بمعبد النبي دانيال علي اسم هذا النبي، أما بالنسبة لمسجد النبي دانيال فالمرجح أن الضريح الموجود به علي عمق 5 أمتار هو لعالم عراقي قدم من الموصل إلي الإسكندرية في القرن الثامن الهجري اسمه محمد بن دانيال الموصلي وهو أحد شيوخ المذهب الشافعي. ورغم وجود العديد من المحال التجارية التي تبيع الملابس والأحذية والأجهزة الكهربائية في الشارع فإن الطابع الثقافي هو الغالب حيث يعتبر مقصدا لطلاب العلم والباحثين والمثقفين بالإسكندرية، يذهبون لشراء الكتب التي يحتاجونها سواء من بائعي الكتب القديمة والمستعملة الموجودين علي جانبي الشارع ابتداء من تقاطعه مع شارع فؤاد وحتي محطة مصر، أو من المكتبات الموجودة هناك وأبرزها مكتبة أخبار اليوم ومكتبة دار الهلال وغيرها. يقول مجدي رستم «47 عاماً» أحد بائعي الكتب القديمة بشارع النبي دانيال: بائعو الكتب موجودون هنا منذ أربعينيات القرن الماضي، وكان عدد البائعين وقتها لا يتجاوز واحدا أو اثنين ثم ازداد العدد تدريجيا حتي وصل اليوم إلي عشرات البائعين يعرضون نوعيات مختلفة من الكتب بلغات مختلفة، بالإضافة إلي الجرائد والمجلات التي يعود تاريخ إصدارها إلي ما قبل الثورة. وأضاف: بائعو الكتب الذين يعملون هنا يعتبرون عملهم خدمة للناس إلي جانب الاستفادة المادية، خاصة أن 90% من هؤلاء البائعين في الوقت الحالي من خريجي الجامعة. وعن أوجه الاختلاف بين شارع النبي دانيال وسور الأزبكية بالقاهرة يقول: المساحة هناك أكبر وعدد الكتب أكثر وبالتالي يزيد الإقبال عليه، لكن الشارع هنا يتميز عن سور الأزبكية بأنه يبيع الكتب بسعر أقل من هناك، وفي أحيان كثيرة يأتي بائعو سور الأزبكية لشراء كتب ومراجع من عندنا وبيعها هناك. يضم الشارع معبدا يهوديا يعرف بمعبد النبي دانيال، وكنيسة هي الكنيسة المرقسية التي تعد أقدم كنائس أفريقيا، بالإضافة إلي مسجد النبي دانيال وأيضا مسجد عبد الرازق الوفائي، ومن ثم يعتبر الشارع - كما يقول د. محمود الشال - شاهداً حقيقيا علي التقاء الحضارات والأديان علي أرض الإسكندرية.