أثناء عودتي من مهرجان «دبي» شاهدت في الطائرة فيلم «جولي وجوليا» بطولة «ميريل ستريب» المرشح للأوسكار هذا العام.. الفيلم لم يعرض جماهيرياً في مصر حتي كتابة هذه السطور، وهكذا من الممكن أن تضيف للسفر فائدة ثامنة.. كنت مبهوراً بهذه الفنانة القديرة التي تمتلك قدرة علي التواصل حيث يخرج من عينيها وإحساسها شعاع يستقر مباشرة في وجدانك، إنها حالة استثنائية بالقطع.. قبل أيام قرأت للزميل «إيهاب زكي» علي صفحات «الدستور» رأي «ساندرا بولوك» في «ميريل ستريب» التي تنافسها علي جائزة أفضل ممثلة هذا العام في الأوسكار.. قالت «بولوك»: إن «ستريب» فوق مستوي التنافس وينبغي أن ترصد لها جائزة خاصة كل عام بل أن تصبح لها جائزة تحمل اسمها؟! رأي «بولوك» بالطبع مغلف بحب وتقدير، ويعبر عن الحقيقة هناك نجوم في مجالهم قد أصبحوا عناوين مضيئة لهذا الفن إلا أن مبدأ أن بعض الفنانين فوق التسابق يظل محل شك.. الفنان دائماً في حالة تسابق مع الآخرين ولولا وجود الآخرين ما كان هناك مجال للإبداع.. لقد اتفق مثلاً نجومنا علي استخدام «أكلاشيه» ثابت لا يغيرونه أبداً عندما تسألهم عنرأيهم في زميل ما وأين موقعهم منه يقولون علي الفور أنا لا أري سوي نفسي ولا يعنيني موقع الآخرين، ولو كان هادئاً في تقبل هذا الرأي فإنه سوف يقول لك ربنا يوفق الجميع.. الحقيقة هي أن الفنان ينبغي ألا يبتعد عن مشاهدة الآخرين أين وصلوا.. بعض الغيرة مطلوبة لكي تحفز المبدع أن يبحث عن الجديد، لأن الغيرة وقود الإبداع.. الغيرة لا تعني الحقد، الحاقد هو العاجز عن الإبداع والذي يتمني زوال تلك النعمة عن الآخرين.. وكثيراً ما أقرأ مثلاً كيف أن «نور الشريف» كان يري في أداء «أحمد زكي» تقديراً خاصاً برغم أنهما كانا يتنافسان في الملعب نفسه، بل أحياناً مخرج مثل «عاطف الطيب» سوف نجد أن أفلامه كانت حائرة بين «نور» و «أحمد» ورغم ذلك تستمع إلي «نور» وهو يقول لو كنت أنا أساوي في التمثيل 7 علي 10 فإن «أحمد زكي» 10 علي 10!! هذه هي الاحترافية وهذا هو التنافس الكل في الملعب نفسه.. كان المهرجان القومي للسينما المصرية يضع «يوسف شاهين» بعيداً عن التنافس علي جائزة أفضل مخرج حتي لا يجد نفسه وقد أصبح في صراع مع تلاميذه.. وهي أيضاً حساسية لا أساس لها من الإعراب الفني؟! لا نستطيع مهما كان حجم الفنان أن نضمن حالة واحدة لا تتغير، دائماً هناك مؤشر صعود وهبوط ولمحات وومضات قد تبرق أو تختفي.. توجد مواهب استثنائية في حياتنا الإبداعية لكن هؤلاء حتي يستمر تدفقهم الإبداعي ينبغي أن يشعروا أن هناك أيضاً آخرين بجوارهم ومن حقهم أن ينتزعوا الجوائز!!