ثلاثة من الشباب جمعتهم الصداقة ووحَّدهم المكان، يعانون - مثل كل الشباب - من البطالة والظروف الصعبة، ولذلك يقررون أن يحركهم طموحهم للتنقل بين فكرة وأخري وعمل وآخر للتغلب علي مشاكلهم المادية والاجتماعية.. هذا هو ملخص لرواية (عزبة البليلة) للكاتب الساخر (تامر أحمد) والصادرة حديثا عن دار كيان. و(تامر أحمد) الذي صدر له من قبل (اخبط راسك) و(ضربة حب) و(حدث في أنتيكا) يواصل في روايته الجديدة أسلوبه الساخر المتفرد وكأنه في كل إصدار يثبِّت أقدامه في بلاط الكتابة الساخرة الجادة الهادفة والتي كادت أن تتوه في ظل هوجة الكتابات الحديثة. الشباب الثلاثة في الرواية يعيشون في (عزبة البليلة)، وهي كما ذكر المؤلف عزبة مجهولة لم يرد ذكرها في التاريخ ولا الجغرافيا ولا تعرف الحكومة عنها شيئا لدرجة أن لها سفيرا في القاهرة، بل إن الحكومة بكل هيئاتها لا تزور هذه القرية إلا في حالة واحدة هي القضاء علي كل مشروع للشباب الثلاثة الذين لم يجدوا حلا إلا طرق النصب الضاحك علي أهل العزبة البسطاء لمواجهة البطالة والحياة المجحفة. كان أول مشروع للشباب الثلاثة هو مصلحة ضرائب في العزبة حيث كان هذا هو أقصر الطرق لتحصيل الأموال دون تعب، ورغم أن الشعب -شعب العزبة بالطبع- لم يتجاوب مع مصلحة الضرائب الجديدة المزعومة فإنهم اندفعوا مهرولين بالمئات حين علموا بعروض أوكازيون مصلحة الضرائب من نوعية: «ادفع سنة ضرايب.. واكسبUSB موديم هدية»! وتتوالي مشروعات الشباب مرورا بشركة اتصالات البليلة إلي قناة البليلة تي في إلي مستشفي البليلة وصولا إلي قسم شرطة البليلة.. وكل المشروعات لا تحتاج إلي أيد عاملة وخلافه.. فالشباب الثلاثة هم الأطباء والضباط والمرشدون السياحيون! لقد استطاع (تامر أحمد) أن يلخص كل أحوال الشباب وما يعانونه، وأحوال كبرات البلد وما ينهبونه في رواية ساخرة هادفة من الطراز الأول.. نصحنا فيها بأن ننتبه ما دمنا نعيش داخل وطن.. أو عزبة البليلة!