مضى عهد جماعة الإخوان المسلمين، وتقوض نظام حكمها، ليكون بذلك النظام الأقصر عمرا فى حكم البلاد، حيث لم يتجاوز عمر الجماعة فى السيطرة على الحكم سوى سنة واحدة هى طول المدة التى قضاها الرئيس المعزول محمد مرسى، هذا باستثناء سنة ونصف سبقت حكم الرئيس المعزول، كانت الجماعة تؤسس لنفسها مكانا فى مجلسى الشعب والشورى.. ليكون إجمالى تواجد الجماعة على الساحة السياسية المصرية منذ إندلاع ثورة 25 يناير وحتى سقوط نظامها لا يتجاوز سنتين ونصف ..
خلال هذه المدة حاولت الجماعة السيطرة على مقاليد الأمور داخل الوزارات والهيئات الحكومية، وكانت وزارة التربية والتعليم واحدة من أهم الوزارات التى سعت الجماعة ونظامها إلى السيطرة عليها، من خلال تسكين عدد من قياداتها فى مفاصل الوزارة، تمهيدا لتنفيذ مشروعها الأكبر "اخونة التعليم" بمعاونة مجموعة من رجال الأعمال المنتمين للجماعة، أو المحسوبين عليها، والذين ترتبط أعمالهم بملف التعليم بشكل مباشر.
عقب سقوط أقنعة الجماعة ورفع رداء الحكم عن نظامها المشئوم، سقطت أيضا شخوص رجال الأعمال والمنتفعين من النظام المعزول، وباتوا كاليتامى فى أماكنهم لا يستطيعون الحركة؛ فهم لم يجنوا بعد ثمار ما دفعوا من أموال، كما أنهم باتوا مكشوفين للجميع على أنهم أعوان نظام سعى لذرع الفرقة والشقاق بين أبناء الوطن من أجل مصالح عصبة من المتأسلمين.
وقيادات وزارة التربية والتعليم المنتمين للجماعة هم الأكثر خسارة من سقوط النظام، فمنهم من بات يتيم المنصب فعليا فور سقوط النظام، وعلى رأس هؤلاء القياديان الإخوانيان عدلى القزاز الذى كان الرجل الأول فى الوزارة، وبعده ياتى محمد السروجى المتحدث الإعلامى باسم الوزارة، وكلاهما من أصحاب المدارس الخاصة الذين سعوا إلى تقويض مجانية التعليم، وتحويله إلى تعليم بمقابل، وقد حاول قيادات الإخوان داخل الجماعة تأهيل المجتمع إلى أن التعليم مكلف للغاية، وأن الوزارة لا تستطيع بمفردها القيام بأعباء العملية التعليمية، وأنها بحاجة إلى معاونة القطاع الأهلى ورجال الأعمال، ولذلك فتحت الباب للتوسع فى بناء المدارس الخاصة والدولية.
كما سعت فى تحويل عدد كبير من المدارس الحكومية إلى مدارس تجريبية من أجل تحصيل اموال الرسوم المقررة على التجريبيات وهى مدارس أغلى ثمنا من المدارس الحكومية العادية، كما سعت الجماعة إلى ضم مدارس النيل الدولية بفروعها الخمسة فى 6 أكتوبر والعبور والمنيا وقنا وبورسعيد والمملوكة لصندوق تطوير التعليم بمجلس الوزراء، وتلك المدارس لا تخضع لإشراف التربية والتعليم، إلا أن الجماعة أرادت أن تكون تبعيتها للوزارة، طمعا فيما تدره من دخل، نظرا لأن الطالب بها يتكلف فى العام الواحد 8 آلاف جنيه،نظير ما بتلقاه من خدمة تعليمية متميزة، ومناهج تلك المدارس موضوعة من قبل جامعة كامبريدج ببريطانيا، وفقا لاتفاقية موقعة بين الحكومة المصرية وجامعة كامبردج، ويتم فى تلك المدارس تدريس اللغة الفرنسية كلغة ثانية بجانب الإنجليزية التى تعد اللغة الأساسية للتدريس فى تلك الدارس.
وقد حاولت الجماعة دفع وزارة التربية والتعليم للإصرار على السيطرة على تلك المدارس، بضمها للوزارة وتعيين مجلس إدارة مماثل لمجلس إدارة المعاهد القومية الإخوانى هو الإمكانيات المادية والتقنية الهائلة لتلك المدارس، والتى تضم تجهيزات وأساسيات تتعدى قيمتها على 16 مليونا و179 ألف جنيه وفقا لأمر التوريد الصادر من الهيئة العربية للتصنيع مع بداية العام الدراسى 2011/2012 عقب الثورة بالإضافة إلى أن تلك المدارس بها أساسيات للفصول تتجاوز قيمتها 14 مليون وربع المليون جنيه، كما أن تلك المدارس تتحصل سنويا على مصروفات من طلابها تتخطى قيمتها حوالى 3 ملايين ونصف المليون جنيه، إضافة إلى ما يجمعه مجلس أمناء كل مدرسة من تبرعات سنوية لصالح المدرسة.
من يتامى الجماعة بعد موت النظام فى وزارة التربية والتعليم أيضا مجلس إدارة المعاهد القومية، والمكون من 6 شخصيات إخوانية برئاسة القيادى الإخوانى المهندس حمدى عبد الحليم، وقد حرصت الجماعة منذ البداية على السيطرة على قطاع المعاهد القومية والذى يضم 39 مدرسة، بها مقدرات وتجهيزات وإمكانيات فنية، تقدر بحوالى 60 مليار جنيه بحسب تقديرات صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية التابع للوزارة، وفضلا عن تلك المقدارات فهذه المعاهد ورغم تبعيتها للوزارة إلا أنها تعامل معاملة المدارس الخاصة من ناحية مصروفات الطلاب، حيث يدفع أولياء أمور الطلاب فيها مصروفات دراسية تعادل مصروفات المدارس الخاصة العادية.
كذلك فقد جنى سقوط نظام الإخوان على عدد كبير من مستثمرى الجماعة فى مجال الطباعة، وصناعة الورق، رغم ان قيادات الجماعة بالوزارة حاولوا تقديم خدمة كبرى لهؤلاء من خلال تحويل نظام طباعة الكتب من الممارسة المحدودة إلى المناقصة العامةن من اجل إحكام سيطرة مطابع الجماعة على مقاليد طباعة الكتب المدرسية، التى تقدر تكلفة طباعتها هذا العام بنحو مليار و44 مليون جنيه،
وقد كان المهندس عدلى القزاز هو الداعم الرئيسى لتحويل نظام طباعة الكتب المدرسية، وذلك من أجل وذلك بتوجيهات من جماعة الإخوان المسلمين التى يسيطر رجلها عمرو خضر القيادى بالجماعة ومرشح حزب الحرية والعدالة لمجلس الشعب عن دائرة قصر النيل على سوق الورق،والذى يلقب بملك الورق، وهو الذى تبرع للجماعة بفتح مقر لها أسفل مبنى شركته بشارع الجيش، وقد أرست مناقصة طباعة الكتب التى أقصت 67 مطبعة قومية وخاصة من اعمال طباعة الكتب هذا العام، ليرسوا العطاءعلى عدد53 مطبعة معظمها يمتلكها رجال أعمال إخوان، أو هم شركاء فى ملكيتها، على رأس هؤلاء يأتى توفيق شعلان صاحب مطبعتى التوفيقية وأم القرى، وهو محسوب على الجماعة، وقد حاز على 8 حزم طباعية لكل مطبعة4 حزمة بما يعنى أنه ملتزم بتسليم 40 مليون نسخة وهو أكبر من الرقم الذى تلتزم به مطابع بحجم المطابع الأميرية التى حصلت على 6 حزم طباعية بما يعنى التزامها بتسليم30 مليون نسخة،
ما يزيد من الشكوك حول الصفقة التى عقدت مع توفيق شعلان من قبل قيادات الجماعة داخل الوزارة أن شعلان كان يطبع العام الماضى بسعر 30 مليم للورقة، ورغم ذلك تقدم بعرض هذا العام بسعر 28 مليما وهو أقل سعر تقدمت به أى مطبعة، حتى المطابع الأميرية التى تقدمت بعرض سعر 31 مليما للورقة، الأمر الذى يؤكد أن شعلان المحسوب على الجماعة كان قد حصل على الضوء الأخضر من قبل ملك الورق الإخوانى عمرو خضر، بدعمه لعلم الأخير بالسعر المطروح فى المناقصة وذلك من أجل استهداف عدد من المطابع الخاصة والقومية، وتصدير المطابع الإخوانية كبديل لها، ولكن مع سقوط نظام الإخوان وترنح الجماعة، خاصة بعد الدعاوى إلى ممارسات العنف، فقد أصبح كل رجال الإخوان والمنتفعين من نظامها فى مهب الريح، وباتوا كاليتامى يسعون لمن يمسح على رؤسهم ليطمئنهم على أن مصالحهم فى التربية والتعليم مازالت سارية.