يبدو أننا أدركنا أخيراً، ودون أي شكوك أو مواربة، أنه لم تعد لنا، كشعب، أي قيمة، لا في بلدنا، ولا خارجه، فعلي الرغم من أننا قد نشرنا، وأعدنا نشر مشكلة تلك المصحة في مونترو في سويسرا، والتجارب غير المشروعة، التي تجريها علي الأجانب، من خارج سويسرا، وعلي الرغم من أننا قد استنجدنا بالسفارة السويسرية في القاهرة مرتين، فإن أحداً، لا في الداخل، ولا في الخارج، قد حاول - مجرد محاولة - معرفة ما حدث، أو الاهتمام بما حدث. ربما كان عدد من تعرضوا لهذا النصب السويسري هم قلة من أبناء هذا الشعب، ولكنهم مازالوا من أبناء هذا الشعب، ومازال من حقهم علي حكومتهم، ونظامهم السياسي الحاكم، أن يرعي مصالحهم، ويدافع عنهم، وعلي الرغم من قلتهم، فمازالوا أكثر بكثير من فئة من يعتقدون أنهم السادة، وأنهم أصحاب النفوذ والحقوق والذين لو حدث لأحدهم ربع أو حتي عشر ما حدث للآخرين، لقامت الدنيا ولم تقعد، ولتم الاتصال فوراً بسفارة سويسرا، ومطالبتها بوضع حد لما حدث، وربما هددت بقطع العلاقات أيضاً. هذا لو أنهم من السادة، أو الذين يتصورون أنهم سادة، وأن الدنيا ما خلقت إلا من أجلهم، ولا يدركون أنهم علي خطأ، إلا عندما تضمهم القبور، التي لم يفلت منها أحد، عبر تاريخ البشر كله، والتي تثبت أننا في النهاية خُلقنا من تراب، وكلنا سنتساوي في التراب. وأصدقكم القول إن موضوع مصحة مونترو هذا يستفزني بشدة، وموقف السفارة المتجاهل تماماً لما حدث ويحدث، يستفزني أكثر، فربما تكون تلك المصحات، وما ينجم عنها، تخضع لحماية قانونية خاصة في بلادها، باعتبارها من أهم مصادر الدخل القومي هناك، ولكن حتي هذا لا يمنحها، ولا يمنح بلدها، حق الإساءة إلي المواطنين، وإجراء التجارب غير الشرعية وغير القانونية عليهم، وإصابتهم بأمراض يصعب علاجها وتصعب مداواتها، دون معرفة العقاقير (المجهولة) التي سببتها. ولكن ما استفزني أكثر، هو أن أحد من أحمل لهم الكثير من الاحترام والتوقير والتقدير، قد انضم إلي قائمة من أضيروا صحياً، من تلك المصحة في مونترو، والتي مازالت ترفض الإفصاح عن مكونات تلك العقاقير، التي تدمر العديدين باعتبار أنها سر حربي خطير، و.... للحديث بقية.