لا أحد ينام فى البرازيل، فالكل غاضب ويريد نيل حقوقه من الحكومة، وعلى الرغم من تصريحات رئيسة البلاد عن حق كل مواطن فى التعبير عن نفسه فإن الاحتجاجات استمرت، ونظم المحتجون أكبر مظاهرات لهم أمس (الخميس)، فى مدينتَى ساو باولو وريو دى جانيرو بالإضافة إلى عشرات المدن الأخرى. كما قام مواطنون بسد الطرق فى ساو باولو أمس، كما توجهوا نحو الاستاد الرئيسى الذى يستضيف إحدى مباريات بطولة كأس القارات بالبرازيل. الغضب الشعبى استمر على الرغم من إعلان السلطات فى المدينتين التراجع عن رفع رسوم النقل العام، وهو الأمر الذى فجر الاحتجاجات فى البلاد، ورغم تصريحات فرناندو حداد رئيس بلدية ساو باولو فى مؤتمر صحفى بأن «الناس لهم الحق فى المشاركة فى الاحتجاجات» لكنه انتقد الاضطرابات «التى أعاقت الذهاب للعمل أو العودة إلى المنازل». يبدو أن استخدام نجوم المجتمع فى بلد يغلى بالاحتجاجات بهدف إخماد نيرانها، هو طريقة عالمية ولا تقتصر على ثورات الربيع العربى فقط، ففى البرازيل نشهد مثالا جديدا للأمر بدخول عدد من المشاهير على خط المحاولات لتهدئة المتظاهرين، وعلى رأس هؤلاء بيليه أسطورة كرة القدم البرازيلية. «اتركوا الشارع وركزوا على الكرة»، كان هذا موجز الرسالة التى أراد بيليه بعثها لآلاف المحتجين أمس، الذين يشكون ارتفاع أسعار المواصلات العامة ورداءة الخدمات العامة والفساد المستشرى، داعيا إياهم إلى ترك الشوارع والتركيز على دورة كأس القارات، التى تستضيفها بلاده منذ السبت الماضى، وهى الدورة التى ينظر إليها بوصفها (بروفة) قبل انطلاق بطولة كأس العالم فى العالم المقبل التى يتوقع أن تستقطب أكثر من 600 ألف زائر. بيان مقتضب أدلى به بيليه للمتظاهرين لم ينجح فى تهدئتهم قال فيه «لننس كل هذا اللغط الجارى فى البرازيل وكل هذه الاحتجاجات، ولنتذكر كيف أن المنتخب البرازيلى هو بلدنا وهو دمنا». السخرية والاستهجان كانتا رد الفعل من قبل الجماهير الغاضبة إزاء هذا البيان، مواقع التواصل الاجتماعى نددت بتصريحات الكروى اللامع، وزخرت حسابات النشطاء بالإشارة إلى أن ثراءه منعه من التعاطف مع محنة الفقراء، وأنه يطلب من الناس نسيان مشكلاتهم ودعم المنتخب، فى وقت يكلفنا فيه المنتخب والاتحاد الدولى والملاعب الملايين». «اذهب إلى الجحيم يا بيليه»، كانت إحدى العبارات الغاضبة أيضا، بل إن بعض البرازيليين طالبوه بالذهاب إلى المستشفيات، دون مصاحبة رجال الأمن، قائلين له «عندئذ أريد أن أسمعك تتفوه بسخافات كالتى تفوهت بها»، وقال آخر: «بيليه.. جهلك يتساوى مع عبقريتك الكروية». المهاجم البرازيلى السابق روماريو دخل على خط الانتقادات ضد بيليه قائلا «عندما يصمت بيليه فإنه يكون شاعرا»، لكن بيليه لم يكن وحده هدفا للمتظاهرين، بل إن النجم البرازيلى رونالدو قد تعرض هو الآخر للهجوم مؤخرا بعد أن صرح بأنه «من غير الممكن إقامة دورة كأس عالم ببناء المستشفيات»، وذلك ردا على الانتقادات القائلة إن المليارات التى أنفقت على إنشاء الملاعب كان من الأولى أن تنفق فى بناء المستشفيات. وأثارت زيادة رسوم النقل والتى جاءت بينما تكافح البرازيل تضخما يبلغ 6.5٪ سيلا من الشكاوى الأخرى، مما أدى إلى أكبر احتجاجات تشهدها البرازيل فى أكثر من عقدين، ونظمت الاحتجاجات جماعات مختلفة من الناشطين الذين حشدوا مؤيدين لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعى.