كشفت رسالة ماجستير بكلية الإعلام جامعة القاهرة عن أن الصحافة المصرية قد لعبت دوراً كبيراً خلال السنوات الأخيرة من عهد مبارك في التمهيد لثورة 25 يناير. وأكدت الدراسة التي أعدها خالد زكي أبو الخير المعيد بقسم الصحافة بالكلية أن الصحف الخاصة والحزبية قد نجحت في تأدية هذا الدور عبر عدة آليات من بينها كشفها لفساد نظام مبارك ورجاله في إطار الحملات الصحفية المستمرة التي شنتها تلك الصحف، إلي جانب انتقادها لسياسات النظام وكشفها لممارسات التزوير المستمر في الانتخابات علي مدار فترة مبارك، بالإضافة إلي كشفها لانتهاكات حقوق الإنسان خاصة تلك التي تتعلق بتعذيب ضباط الشرطة للمواطنين في السجون وسحلهم، فضلاً عن مساندتها للحركات الاحتجاجية عبر تسويقها لمبادئ هذه الحركات خاصة تلك التي كانت تناهض استبداد نظام مبارك بالحكم، وهو ماساهم بحسب نتائج الدراسة في بروز تلك الحركات في الشارع المصري ومناهضتها لنظام مبارك بقوة. وأشارت الدراسة إلي أن الصحف الخاصة والحزبية قد حذرت في وقت مبكر من أن تتحول الاحتجاجات في الشارع المصري إلي ثورة غضب في وجه مبارك ونظامه، لافتة ً إلي أن هذه الصحف قد تمكنت من كسر التابوهات السياسية بالاقتراب من الملفات المسكوت عنها مثل التوريث وانتقادها لتعاظم نفوذ جمال مبارك في الحكم ، فضلاً عن التشكيك في نزاهة مبارك المالية لدرجة أنه قد برزت دعوات علي صفحات تلك الصحف تطالب مبارك بالإعلان عن ثروته المالية. وأكدت الدراسة أنه قد برز في وقت مبكر منذ عام 2005 دعوات علي صفحات بعض الصحف الخاصة والحزبية تدعو لسحب الشرعية من نظام مبارك وإسقاطه نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستبداد نظام مبارك بالسلطة السياسية.
وأكدت الدراسة أن هذه الصحف قد نجحت في تنمية مشاعر الكراهية إزاء مبارك ونظامه من كشفها لوقائع السحل والتعذيب في السجون المصرية، والتأكيد علي أن نظام مبارك لا يبالي بأرواح المصريين. وأوضحت الدراسة أن الصحف الخاصة والحزبية قد نجحت في تشكيل الوعي الثوري لدي المصريين حينما نقلت أحداث ثورة تونس وناقشت دلالاتها علي مستقبل الحكم في مصر.
علي جانب أخر، أشارت الدراسة إلي أن الصحافة القومية قد لعبت دوراً في التمهيد لثورة 25 يناير أيضاً ولكن بشكل عكسي من خلال تزييفها لواقع المواطن المصري وكافة مشكلاته، فكانت في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعانيها الشارع المصري، كانت هذه الصحف تؤكد علي أن الوضع علي ما يرام وتشيد بأداء الحكومة وتحركاتها في إشباع احتياجات المواطنين بصورة تناقض الواقع وهو ماساهم بحسب نتائج الدراسة في تعميق أزمة الثقة بين المواطن المصري ونظام مبارك. وأكدت الدراسة أن الصحافة القومية فشلت في احتواء التيارات الغاضبة بالشارع المصري حيث كانت دائمة الهجوم علي الحركات الاحتجاجية وتتعامل معها في تغطيتها الصحفية بمنطق التجاهل والتخوين.
جدير بالذكر أن هذه الدراسة قد طبقت علي عينة من الصحف المصرية بمختلف أنماطها وتوجهاتها، هي صحف " الأهرام – روزا اليوسف " كممثلين عن الصحافة القومية، " الدستور – المصري اليوم" كممثلين عن الصحافة الخاصة، " العربي الناصري- الوفد " كممثلين عن الصحافة الحزبية.. وتكونت لجنة المناقشة والحكم علي الرسالة من الأستاذ الدكتور علي ليلة أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، والأستاذة الدكتورة راجية قنديل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام والمشرف علي الرسالة، والأستاذ الدكتور هشام عطية أستاذ الصحافة بكلية الإعلام. وقد تم منح الطالب درجة الماجستير بتقدير " ممتاز مع التوصية بالطبع" " خاصة إنها قد قدمت نظرية علمية مقترحة لتفسير دور وسائل الإعلام في التمهيد للثورات بوجه عام.