محارب بالنغمة، ثوري بالفكر، موهوب بالسليقة، احتفلت الأوبرا قبل بضعة أيام بعودة فرقته للساحة.. أحدثكم عن «هاني شنودة» صاحب «المصريين» التي أحدثت انقلاباً موسيقياً منذ نهاية السبعينيات عندما انطلقت بروح ورؤية مغايرة للسائد وقدمت أغنيات خارج القاموس الشعري والموسيقي التقليدي مثل «ما تحسبوش يا بنات» أو «بنات كتير كده من سني»، «ماشية السنيورة» وغيرها.. ضرب «هاني شنودة» في كل الاتجاهات العاطفية والسياسية مستعيناً بعقول مخضرمة وأخري شابة كانت أيضاً تؤمن بنفس المنهج وهكذا تجد معه من البداية الشعراء «صلاح جاهين»، «بهاء الدين محمد»، «عصام عبدالله» ونلمح من الأسماء التي بدأت رحلتها معه «محمد منير»، «عمرو دياب».. كان تأثير «هاني شنودة» الأعمق ليس في نجاح فرقته ولكن لأنها أحدثت تياراً موسيقياً وولد من رحمها فرق أخري مثل «فور إم» عزت أبو عوف، «الأصدقاء» عمار الشريعي و«طيبة» للأخوين الإمام «حسين» و«مودي».. حالة غنائية امتلكت كل ربوع مصر.. كل الفرق الأخري انقسمت علي نفسها أو اتجه صناعها إلي مجالات أخري.. «الأصدقاء» كان من بين نجومها «علاء عبدالخالق» و«حنان» و«مني عبدالغني» كل منهم ذهب إلي طريق.. «أبو عوف» ترك الفرقة واتجه للتمثيل.. الأخوان «إمام» حسين صار واحداً من نجوم التمثيل و«مودي» تفرغ للموسيقي التصويرية.. الفرق كلها تعرضت لعوامل الزمن التي أحالتها إلي فعل ماضي.. حاول «هاني شنودة» في لحظة زمنية أن يشكل فريقا آخر وأصبح عنوان الفرقة «الأحلام».. ولم أفهم السر في التغيير سوي أنه قال إن هذه التجربة ليست امتدادًا للمصريين وماتت الأحلام وعاد مرة أخري للمصريين مقاتلاً برغم الأجواء القاسية.. «هاني شنودة» كانت لديه مطربة هي «مني عزيز» هي صوت الفرقة وابتعدت قبل 12 عاماً ومنذ ذلك الحين لم يعثر علي بديل ولكن هذا لا يعني أن يتوقف.. لم يكتف بالأغاني الجماعية لكنه قدم أغنيات فردية مثل «أنا بعشق البحر» لنجاة كلمات الشاعر «عبد الرحيم منصور» حيث اللحن متمرد تماماً علي طبيعة «نجاة» ولا يعلم كثيرون أن «محمد منير» هو الذي قام بتحفيظ «نجاة» هذه الأغنية لأن «هاني شنودة» مثل أستاذه الموسيقار «محمد القصبجي» لا يتمتع بصوت جميل.. ولا ننسي له واحدة من أروع أغانينا «زحمة يا دنيا زحمة» بصوت «عدوية».. «هاني شنودة» واحد من الظرفاء لديه الكثير من التعبيرات فهو القائل «الشباب شباب الركب» فهو يري أن الإنسان طالما لم يشعر بالألم في ركبتيه فهو لا يزال شاباً.. وقد يكون هذا صحيحاً بنسبة كبيرة ولكني أيضاً أضيف الشباب شباب الإبداع و«شنودة» بإصراره علي أن يكمل رحلة المصريين يعيش ولا يزال شباب الركب والإبداع!!