النقصان المتوقع لحصة مصر في مياه النيل.. هو الكارثة بكل المقاييس.. بعد خلافنا مع دول المنبع السبع.. هذا الخلاف الذي انتهي بتوقيع دول المنبع اتفاقية إطارية تجمعهم دون دولتي المصب، مصر والسودان.. ولسان حالهم يقول من لا يعجبه يضرب رأسه في الحائط .. ليس لدينا هنا متسع من الوقت كي نوجه النقد للحكومة والحكم.. بعد تجاهله لأفريقيا سنوات طويلة مضت فكان هذا الحصاد المر.. ولسنا أيضا في مهمة تحديد المقصرين في أهم قضايانا المصيرية.. رغم أن بديهيات الأمن القومي المصري محددة في مسألتين.. أولهما منابع نهر النيل.. وثانيهما إسرائيل الرابضة علي حدودنا الشرقية.. وما دون ذلك قابل للتفاوض وربما التجاهل. ما جري في شرم الشيخ فجر الأربعاء الماضي من انهيار للمفاوضات المصرية مع دول حوض النيل.. ينذر بكارثة لها عواقبها الخطيرة.. ورغم ذلك فهناك حالة إغماء أصابت الجميع.. جعلتهم يتعاملون مع ما جري رغم خطورته علي أنه أمر عادي لا يستحق هذا الاستنفار.. فلا أحد مثلا خرج علي الناس محذرا من عواقب ما حدث في شرم الشيخ.. والتي يري بعض خبراء الري أن نتائج اتفاقية دول الحوض ستؤثر سلبا في مستقبل أجيالنا القادمة. وتزداد ألما عندما تتابع رد فعل أجهزة الدولة.. وقطاعات أخري مؤثرة تجاه قضية الخلاف مع دول الحوض.. فستجد علي سبيل المثال أن نظام الحكم معني الآن بقضية واحدة لا ثاني لها.. وهي مستقبل الحكم في مصر.. خاصة بعد ظهور الدكتور البرادعي.. بينما قضية مياه النيل لا تحتل تلك المرتبة عنده.. رغم أنها تستحق ترتيبا أعلي.. أما الحزب الحاكم وقياداته من جهة ثانية فلايزال يبحث عن طريقة يغسل بها وجهه استعدادا لانتخابات الشوري ثم مجلس الشعب.. أما إعلامنا فحدث عنه ولا حرج.. فبدلا من أن تحتل (مياه النيل) وأزمتنا مع دول الحوض صدارة اهتمامه.. مما يستلزم توعية المواطنين بالكارثة القادمة.. وجدنا صراع شوبير ومرتضي.. هو قضية إعلامنا الرئيسية. إذا تركت الحكم وحزبه وإعلامه وذهبت إلي النخب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني.. ستجد الصراعات الداخلية.. ثم ممارسة الدور الأهم من وجهة نظرهم وهو نقد الحكم وأجهزته وكفي.. في كل ما سبق سقطت قضية مياه النيل من اهتمام الجميع بعد احتلال توافه الأمور الصدارة. هل أصبحنا بحاجة إلي تعريف أهمية مياه النيل بالنسبة للمصريين.. وكيف أن علاقتنا بدول الحوض أهم من علاقتنا الاستراتيجية مع أمريكا؟ أظن ذلك.. فلا يوجد تفسير لحالة اللامبالاة العامة تجاه ما جري من دول الحوض وتوقيعهم الاتفاقية الأخيرة سوي إغفالنا لأهم قضايانا.. ويكفي هنا للعلم أن دول الحوض رفضت حق مصر التاريخي في مياه النهر.. والتسليم بحصتنا الثابتة من مياه النيل والبالغة 55مليار متر مكعب.. لأنها تريد توزيع مياه النهر ومقدارها 84 مليار متر مكعب، فيما بين دول النهر التسعة.. مما يعني تراجع حصة مصر بشكل مأساوي.. ناهيك عن رفضهم المطلب المصري بإبلاغ القاهرة قبل إقامة أي منشآت علي النهر. مياه النيل وخلافنا مع دول الحوض هي قضية كل بيت في مصر.. وليست قضية وزارة الري ووزيرها فقط.. فهل من إفاقة.