محافظ الغربية يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    رسميا.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية    تحالف الأحزاب عن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ: اجتهادية    في أول أيام عيد الأضحى.. محافظ القليوبية يتفقد مجزر شبرا شهاب بالقناطر الخيرية    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    سعر كيلو السكر فى السوبر ماركت اليوم الجمعة    المناخ يهدد المواشي.. فهل يصبح الأضحى بلا أضحية؟    «السياحة» تُشكّل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى والمخالفات خلال عيد الأضحى    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    من الصداقة إلى العداء: كيف انهارت علاقة ترامب وماسك في أسبوع واحد؟    الأهلي يستعد لإعلان صفقة أحمد سيد زيزو    محافظ القليوبية يقدم التهنئة للمسنين بعيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا والورود    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    "الطفطف" ينشر البهجة بين زوار الحديقة الدولية فى أول أيام العيد    "بيصبح علينا العيد".. أغنية جديدة لوزارة الداخلية في عيد الأضحى    تعرف على ورش المهرجان القومي للمسرح بدورته ال 18 في الإسكندرية    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    محافظ الدقهلية يزور دار المساعى للأيتام بالمنصورة: "جئنا نشارككم فرحة العيد"    رسائل تهنئة عيد الأضحى 2025 مكتوبة وجديدة للأهل والأصدقاء    وفاه الملحن الشاب محمد كرارة وحالة من الحزن بين زملائه ومحبيه    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    جولة ميدانية لنائب وزير الصحة بمنشآت الرعاية الأساسية في القاهرة    «لو مبتكلش اللحمة»..طريقة عمل فتة مصرية بالفراخ    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    إيطاليا تلتقي النرويج في مباراة حاسمة بتصفيات كأس العالم 2026    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور في برنامج "معكم منى الشاذلي"|فيديو    تركي آل الشيخ يطرح البرومو الدعائي لفيلم "The seven Dogs"    فى أول أيام عيد الأضحى.. إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية    استشهاد مصور صحفي متأثرا بإصابته في قصف للاحتلال الإسرائيلي خيمة للصحفيين بغزة    محافظ القليوبية يتفقد حدائق القناطر الخيرية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    ماذا يحث عند تناول الأطفال لحم الضأن؟    «وداعًا للحموضة بعد الفتة».. 6 مكونات في الصلصة تضمن هضمًا مريحًا    مقترح ويتكوف| حماس تبدي مرونة.. وإسرائيل تواصل التصعيد    أحمد العوضى يحتفل بعيد الأضحى مع أهل منطقته في عين شمس ويذبح الأضحية    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    80 ألف فلسطيني يؤدون صلاة العيد في المسجد الأقصى    الونش: الزمالك قادر على تحقيق بطولات بأي عناصر موجودة في الملعب    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    سرايا القدس تعلن تفجير آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة شديدة الانفجار في خان يونس    خطيب عيد الأضحى من مسجد مصر الكبير: حب الوطن من أعظم مقاصد الإيمان    بالصور.. محافظ الجيزة يقدّم التهنئة لأطفال دار رعاية الأورمان بالجيزة    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    الرئيس السيسي يشهد صلاة عيد الأضحى من مسجد مصر بالعاصمة الإدارية| صور    الونش: الفوز بالكأس أبلغ رد على الانتقادات    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب الكبير محمود صلاح يحقق: هكذا قتلوا السادات «الحلقة الأولي»
نشر في الدستور الأصلي يوم 23 - 04 - 2013

من ملفات التحقيق فى النيابة العسكرية:اعترافات الملازم أول متقاعد عبد الحميد عبد السلام: الإسلامبولى قام بتعمير ثلاث خزن بنادق آلى.. واحتفظتُ بقنبلة «آر - جى 2»
سوف تمضى أعوام وأعوام قبل أن يستوعب أحد تفاصيل حادثة الاغتيال التى وقعت ظهر 6 أكتوبر عام 1981، فليس من السهل بمكان تصور أن يندس مدنيون بين قوات الجيش قبل العرض العسكرى بيومين، ويختلطوا بالجنود ويناموا معهم فى الخيام، دون أن يكتشف أمرهم أحد.
وليس فى قدرة أى إنسان مهما أوتى من خيال خصب، أن يرسم بخياله، ذروة الدراما الواقعية، التى رسمتها بالفعل رصاصات وقنابل الذين قتلوا أنور السادات، وهو يجلس فى عيد انتصاره بين كبار قواد جيوشه ورجاله وعشرات من رجال حرسه الخاص، ذلك أن الذين نفذوا حادثة الاغتيالات لم يكونوا يحلمون بالنهاية المأساوية التى وقعت، كانوا يريدون قتل السادات، لكنهم، وعلى ألسنتهم لم يكونوا واثقين من النتيجة، بل من الصعب أن يصدق أحد، أن منفذى حادثة الاغتيال، لم يكن أحد يعرف الآخر، حتى قبل وقوع الحادثة بأسبوع واحد.
وهذه ليست الحقيقة الوحيدة التى يكشف عنها التحقيق السرى الذى أجرى معهم، بل إن ملف هذا التحقيق ما زال يحوى كثيرا من الأسرار التى لا يعرفها كثيرون، لكن سطور التحقيقات المثيرة فى النهاية تجيب عن كل التساؤلات، وما بين السطور أيضا يقول الكثير والأهم هو ما جاء على لسان خالد الإسلامبولى وزملائه من خلال اعترافاتهم، التى لم تعلن بالتفصيل من قبل.
وهم يقولون فى الاعترافات.
هكذا قتلنا السادات.
كيف فعلوها؟
كيف اغتالوا أنور السادات وهو يجلس محصنا وسط الآلات من رجاله وجنوده وحراسه؟ كاميرا التليفزيون التى نقلت لحظات معدودة من بداية الحادثة اهتزت فى يد المصور، ثم انقطع الإرسال وسط الصراخ ودخان القنابل ودوى طلقات الرصاص.
ولقد روى كثيرون من الذين كانوا فى المنصة ما حدث كل واحد منهم تحدث عما رأه فى تلك اللحظات العصيبة، ولم يكن هذا كافيًّا بحال ليرسم صورة ما حدث.
الدولة اعتادت على جذب السياح بالخمور والربا.. والتقليل من قيمة المسلمين والسخرية من علمائهم.. وتبديل شرائع الله بقوانين وضعية
صالح أحضر الذخيرة لمحمد عبد السلام فرج ولم ندفع مليمًا واحدًا فيها
أخذتُ قرارى بالاشتراك مع عبد السلام فرج والإسلامبولى فى قتل السادات بعد يومين.. لأننى كنت أشك فى نجاح الخطة
دخلنا أرض العرض مساء يوم الأحد 4 أكتوبر للاختلاط بجنود كتيبة خالد الإسلامبولى التى شاركت فى العرض بصورة رمزية
اتفقتُ وخالد الإسلامبولى وعبد السلام فرج على طريقة الدخول للعرض العسكرى وتنفيذ عملية القتل.. واحتجنا إلى فردين آخرين
فكرتُ فى قتل السادات بعد أحداث الزاوية الحمراء.. لأنه قال إنها مشاجرة بسبب «الغسيل» على الرغم من أن شخصًا مسيحيًّا فتح النار على المصلين فى المسجد
الفصل الأول
بدأت تحقيقات النيابة العسكرية التحقيق فى حادثة اغتيال الرئيس أنور السادات بعد الحادثة بيومين.
ففى العاشرة من مساء يوم 8 أكتوبر 1981 افتتح اللواء مختار محمد حسين شعبان نائب المدعى العام العسكرى التحقيق فى القضية.
وأول ما تضمنته أوراق التحقيق مذكرة من 4 صفحات عنوانها «بخصوص حادثة الاعتداء على السيد رئيس الجمهورية»، ومع المذكرة كشف بأسماء القتلى والمصابين فى حادثة المنصة.
تقول هذه المذكرة:
فى أثناء طابور العرض العسكرى يوم 6 أكتوبر 1981 الساعة الثانية عشرة والنصف، وفى أثناء مرور عربات المدفعية التى تجر المدفع 130 مم، وقفت إحدى العربات أمام المنصة، ونزل من العربة الضابط الذى كان يجلس بجوار السائق، ومعه رشاش قصير قام بخطفه من السائق، وألقى قنبلة يدوية دفاعية على المنصة الرئيسية، ثم قام بإطلاق النار فى اتجاه المنصة.

وتكمل المذكرة ما حدث:


وتبع هذا الضابط ثلاثة أشخاص آخرين، يحملون بنادق آلية، وقاموا بإطلاق النار على المدعوين الموجودين فى المنصة الرئيسية، ثم حاولوا الفرار لكن أجهزة الأمن قامت بالقبض على ثلاثة منهم، وتم تحويلهم إلى مستشفى المعادى العسكرى، وهم الملازم أول خالد أحمد شوقى الإسلامبولى من قوة «ك.333»، والملازم أول احتياط عطا طايل حميدة من قوة مركز تدريب مهنى المهندسين، والملازم أول متقاعد عبد الحميد عبد السلام عبد العال، ولقد نتج عن الحادثة وفاة السيد رئيس الجمهورية وستة أفراد آخرين، كما أصيب آخرون.


وبعد أن استمع نائب المدعى العام العسكرى إلى شاهدة اثنين من ضباط الأمن حول الحادثة أصدر الإذن بالقبض على المتهم الرابع الهارب الرقيب متطوع صف حسين عباس من قوة مدرسة الدفاع الشعبى.

ثم انتقل من هيئة التحقيق إلى مستشفى المعادى العسكرى ليبدأ فى استجواب المتهمين الثلاثة، وأولهم الملازم أول متقاعد عبد الحميد عبد السلام.
أقوال: عبد الحميد عبد السلام
فى غرفة الإنعاش بالطابق الخامس بالمستشفى.
دخل المحقق ليبدأ تحقيقات فى القضية الشهيرة، ووصف المحقق.. ووصف المحقق المتهم عبد الحميد عبد السلام قائلا: هو شاب دون الثلاثين من عمره، حليق الشعر على طريقة الجنود، يرقد على السرير ويداه مربوطتان بمشع لاصق إلى جانبى السرير.
ويبدأ الاستجواب:
قال عبد الحميد: اسمى عبد الحميد عبد السلام عبد العال على، وعمرى 28 سنة تقريبا، ضابط سابق بالدفاع الجوى، وأشتغل حاليا فى الأعمال الحرة، وأسكن فى 10 حارة صقر المتفرع من شارع محمد إمام بمنشية الزهراء.
يسأله المحقق: ما تفاصيل اعترافك؟

قال عبد الحميد: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، مصداقًا لقوله تعالى: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» صدق الله العظيم. أن الدولة توجد بها مفاسد من تشجيع على جذب السياح ومن خمور ومن ربا، وتقديم شرار القوم وتأخير خيارهم والعمل على الإقلال من قيمة المسلمين والسخرية من علماء المسلمين المخلصين للدين وتبديل شرائع الله بقوانين وضعية، والتضييق على المسلمين فى منابر المساجد ومن يعطون دروس العلم بالقبض على العلماء.

كل هذا كان من الدوافع التى جعلتنى أفكر فى تغير هذا المنكر أو وضع حد له، وقد كان أملنا فى مجلس الشعب عندما تم تعيين صوفى أبو طالب رئيسًا له، وأصدر قرارات بتقنين الشريعة الإسلامية، لكن حتى الآن لم يحدث أى تقدم أو جدية فى الأمر على الرغم من أن أى قرارات عادية يتخذها رئيس الجمهورية أو من قوانين الأحوال الشخصية تنفذ فى الحال دون عوائق، وأيضا التشبيه بأن ثورة الخومينى ثورة إسلامية على الرغم من الخومينى يبعد كل البعد عن تطبيق الشريعة الإسلامية، لأنه شيعى، والشيعة يعملون على قتل السنة، وهذا التشبيه يشوه صورة الحكم الإسلامى الصحيح.

التتار وجانكيز خان:
ويمضى عبد الحميد عبد السلام قائلا:

كل هذه الأشياء جعلتنى أضع فى مخيلتى ومعتقداتى أن نظام الدولة يعمل ضد الإسلام، وليس لصالح الإسلام، والواجب على المسلم الحق أن يأمر بالمعروف، وأن يغير المنكر، خصوصا إذا كان القائمون على هذا المنكر هم أئمة هذا البلد، ونفس النظام كان ينطبق على فترة وجود التتار أيام جانكيز خان، حيث إنهم أعلنوا أنهم مسلمون، ونطقوا بالشهادتين، وقالوا نتحاكم بكتاب الله، لكنهم طبقوا فى ما بينهم قانونا يسمى «الياسق» وعلى الرغم من أنهم كانوا يبنون المساجد والمدارس التعليمية الدينية، فقد كانوا فى نفس الوقت يحاربون المسلمين ويقربون الشرار ويؤخرون الخيار، ويسجنون العلماء الأمرين بالمعروف فثار الشعب على أساس الخروج عليهم، ولجؤوا لابن تيمية شيخ الإسلام للفتوى فى هذه الوقائع.

فقال لهم: لو رأيتمونى أحارب مع هذا الجانب، وهم التتار، وعلى رأسى المصحف، فاقتلونى.
وأباح قتلهم.

ويكمل عبد الحميد قائلا:

وبعد ذلك التضليل فى أحداث الزاوية الحمراء، حيث صورت الوقائع على أنها مشاجرة بين عائلتين بسبب نشر الغسيل على الرغم من المسيحى المدعو كامل فتح النار على المصلين فى أثناء صلاة العشاء، فى مكان المسجد المتنازع عليه بين المسلمين والنصارى، وبعد ذلك تصوير علماء المسلمين فى خطاب الرئيس بعد القبض عليهم ووضع أسمائهم مع أسماء أعضاء الأحزاب السياسية والتعليق على أنهم مجموعة واحدة لتكبير الموقف عن حقيقته، كل هذه الأسباب جعلتنى أفكر فى تغيير هذا المنكر بقتل الرئيس ليكن عبرة لمن بعده.

وتحركنا نحو المنصة:
كيف تم التخطيط لحادثة الاغتيال؟

يقول عبد الحميد عبد السلام فى التحقيق: قابلت صديقى خالد شوقى الإسلامبولى، وشعرت منه أنه متفق معى فى هذا الرأى، وجاء عندى أخ يدعى محمد عبد السلام فرج، وكان مطلوبا القبض عليه حسب قوله: ومكث عندى فى البيت، واتفقنا على طريقة الدخول للعرض العسكرى وتنفيذ عملية القتل، واحتجنا إلى فردين فأحضرهما لنا محمد عبد السلام فرج، وهما شخص يدعى حسين، وآخر يدعى عطا، وقام محمد عبد السلام فرج بتكليف «صالح» بإحضار ذخيرة، واتفقنا على الدخول إلى أرض العرض مساء يوم الأحد 4 أكتوبر السابق على العرض، للاختلاط بالجنود فى كتيبة خالد الإسلامبولى، وكانت العناصر الرمزية المشتركة فى العرض من هذه الكتيبة موجودة بأرض الملاعب أمام مساكن الضباط المخصصة للضباط حديثى الزواج، والتى سبق لى فى أثناء خدمتى العسكرية تقديم طلب فيها، وقد اختلطنا بالجنود على أساس أننا ملحقون على اللواء «333» مدفعية من اللواء «188».

ويكمل عبد الحميد قائلا: ويوم الإثنين استملنا خدمة على السلاح طوال اليوم بأوامر من الضابط خالد الإسلامبولى، وكان السلاح عبارة عن 36 بندقية آلية و8 رشاش قصير «كارل جوستاف»، وتم ليلا تعمير ثلاث خزن بنادق آلى بواسطة الضابط خالد، وتم توصيلها لنا عن طريق حسين، وصباح يوم الثلاثاء 6 أكتوبر، وهو يوم العرض، تم توزيع السلاح على الأفراد المشتركين فى العرض بمعرفتى ومعى الضابط خالد، وأخذنا السلاح الخاص بنا من وسط السلاح، حيث إننى كنت قد ميزته عن باقى الأسلحة بوضع قطعة قماش فى الماسورة، وركبت أنا وحسين وعطا فى العربة التى كان خالد حكمدارها، وانتظرنا فى مكان الانتظار حتى الساعة الحادية عشرة تقريبا، ثم تحركنا إلى أرض الاصطفاف، ومكثنا فيها حتى بعد أذان الظهر، وخلال هذه الفترة أخذت من خالد الإسلامبولى قنبلتين يدويتين دفاعيتين «آر - جى 2» واحتفظت بواحدة معى والأخرى أعطيتها لعطا، ولم يلاحظ أحد من الطاقم ذلك، لأنهم كانوا مشغولين بعمل صيانة للعربة.. ثم تحركنا فى اتجاه المنصة.

الموت نهايتى:

ومضى عبد الحميد يقول:

كان الاتفاق على أساس أن تقف السيارة أمام المنصة بأن يقوم خالد بسحب فرملة اليد، وعندما وصلنا إلى المنصة توقفت السيارة قدرا، لأنه حدث اختلال فى المسافات بين السيارات، فاضطر السائق للوقوف أو السير بسرعة بطيئة لا تذكر حتى يضبط المسافة بينه وبين العربة التى أمامه، وبدأ عطا بإلقاء أول قنبلة يدوية فنزلت وعلى بعد حوالى خمسة عشر مترا من السيارات، قمت بإلقاء القنبلة الثانية، وقفزت من السيارة، وتقدمت ناحية السلالم اليمنى لمنصة، وقبل أن أصعد السلالم حتى النهاية أطلقت دفعة من النيران فى اتجاه الرئيس أو من توسمت أنه هو الرئيس، لأننى لم أره من قبل إلا فى صور الجرائد.

قال عبد الحميد: وأصابتنى طلقة فى بطنى، ونزلت من على السلالم، وتوجهت ثانية إلى المنصة، وأطلقت بقية الرصاص الموجود فى الخزنة التى كان بها أصلا 32 طلقة رصاص فى اتجاه نفس الشخص الذى توسمت أنه هو الرئيس، ثم بعد ذلك حاولت الجرى عشوائيًّا فى اتجاه رابعة العدوية، وبعد حوالى عشر خطوات أصبت بطلق فى ساقى اليمنى، فلم أشعر بعد ذلك بأى شىء.

ويبدأ المحقق فى استجواب عبد الحميد.
ما الذى يدعوك إلى هذا الاعتراف التفصيلى؟
يرد عبد الحميد قائلا: لأن هذا هو الذى حدث فعلا.

يسأله المحقق: ألا تعلم أن هذا يؤدى إلى ثبوت التهمة ضدك؟
يرد عبد الحميد: أنا أعلم أن نهايتى الموت.

يسأله المحقق: وهل تتمنى الموت حقًا.

يقول عبد الحميد: نعم بحق.
المحقق: لماذا؟
عبد الحميد: لأنى فعلت المطلوب منى.. وهو قتل أمة الكفر.
صداقتى بخالد الإسلامبولى!

ويحاول المحقق الاستفهام عن الخلفية الدينية لعبد الحميد عبد السلام ويسأله عن مصدر ما عنده من علم؟

يقول عبد الحميد: كل مسلم مطالب بالعلم، وقد قرأت «الفتاوى» لابن تيمية فى 37 مجلدا، و«المفتى» لابن قدامة و«المحلى» لابن حزم، وقرأت لابن القيم الجوزى و«فتح البارى» لابن حجر العسقلانى وللشوكانى و«تفسير فتح القدير» و«نيل الأوطار» وتفسير ابن كثير وغير هؤلاء من العلماء، وأنا عندى مكتبة اسمها مكتبة ابن كثير بجوار المنزل، وفضلت هذا الطريق للارتزاق، لأنه يمنع الاختلاط بالنساء المتبرجات والرجال الذين ليس عندهم فكرة عن الدين.

يسأله المحقق: أليس لك صحبة يشاركونك القراءة والتدبر؟

يرد عبد الحميد: لأ.
يسأله: أليس لك أستاذ أو إمام أو شيخ؟
يقول: لأ.
يسأله: تقول إن خالد صديقك:. متى بدأت هذه الصلة وكيف؟

يقول عبد الحميد: إحنا نعرف بعض عائليًّا، ووالده صديق والدى، وأنا أعرفه من الابتدائى.

يسأله المحقق: وهل قرأ خالد قراءاتك وحصل ما حصلت من العلم؟

عبد الحميد: الحقيقة هو علمه قليل.

المحقق: ومن هو محمد عبد السلام فرج؟

عبد الحميد: تعرفت عليه عن طريق المساجد، واللى أعرفه عنه أنه مهندس موظف وعمره تقريبا من عمرى، وكنا نتقابل فى المسجد الذى يصلى به فى بولاق الدكرور اسمه عمرو بن عبد العزيز، وهو عبارة عن حوائط بالطوب مسقفة بالخوص، وكان يزورونى فى مسجد الحق، وقد بدأت معرفتى به فى مسجد العزيز بالله بالزيتون، وأنا عادة أتنقل بين المساجد وعربتى تساعدنى.

ترددت يومين!

ويحاول المحقق أن يحدد الصلة التى تربط بين المتهمين.

فيسأله: وهل أنت الذى عرفت محمد عبد السلام فرج على خالد الإسلامبولى؟

يقول عبد الحميد: لا خالد الإسلامبولى هو الذى فاتحنى فيه قبل العملية بأيام، وربما يكون خالد الإسلامبولى قد تعرف عليه عن طريق أخيه محمد، لأن محمد هذا من الجماعة الإسلامية فى أسيوط،

يسأله المحقق: وهل محمد عبد السلام فرج هذا هو الذى اقترح تنفيذ الاغتيال؟

يقول عبد الحميد: لا أعلم إذا كان محمد عبد السلام فرج صاحب الفكرة أم لا.

لكن الذى فاتحنى هو خالد الإسلامبولى، وفى البداية عرض علىّ خطة، وأنه مشترك فى العرض، وأن السيارة التى يركبها تمر من أمام المنصة، فنستطيع أن نضع أفرادا من خارج الكتيبة، لأن قائد الكتيبة طلب منه تدبير ثلاثة أفراد، ووجدناها فرصة للدخول بين الأفراد على أساس أننا ملحقون من اللواء «188» المجاور.

المحقق: وهل كنت قد اتفقت بالفعل مع خالد الإسلامبولى ومحمد عبد السلام فرج على اغتيال الرئيس؟
يقول عبد الحميد: نعم.

المحقق: ولماذا يريد كل من خالد الإسلامبولى ومحمد عبد السلام فرج اغتيال السادات؟

يقول عبد الحميد: لأننا متفقون فى العقيدة على الآيات الكريمة والظروف والملابسات التى ذكرتها.

المحقق: ومن الذى بدأ فكرة الاغتيال؟

يقول عبد الحميد: محمد عبد السلام فرج وخالد الإسلامبولى ووقع اختيارهما على حسين وعطا، وبعد ذلك بيومين أبديت رغبتى فى الاشتراك معهم.
المحقق: ولماذا يومين؟

يقول عبد الحميد: لأنى كنت أشك فى نجاح الخطة!

لم ندفع مليمًا!

يحاول المحقق معرفة كيف اجتمع هؤلاء، وبعضهم لا يعرف البعض، على اغتيال السادات.

فيسأله: كيف أحضر محمد عبد السلام، كلا من عطا وحسين؟

يقول عبد الحميد: أرسل لهما ما يسمى «صالح»، وأحضرهما عندى فى المنزل يوم الخميس السابق على العرض، وقال لى إن عطا ملازم أول احتياط، حسين عرفنى بنفسه على أنه أومباشى.

المحقق: ألم تكن قد تعرفت عليهما من قبل.


يقول عبد الحميد: كنت أرى حسين فى مسجد الأنوار بالزهراء الشرقية أمام فندق السلام، أما عطا فلم يكن لى سابق معرفة به.

المحقق: كيف توافق على أن تضع يدك فوق أيديهما، وأنت لا تعرفهما؟
يقول عبد الحميد: المهم هو الاتفاق فى المعتقدات.

المحقق: وكيف يتم توثيق هذا الاتفاق بينكم؟

يقول عبد الحميد: تعاهدنا مع بعضنا جميعا عندى فى البيت يومى الجمعة والسبت، وباتوا جميعا عندى، وفى هذه الفترة أحضر «صالح» الذخيرة لمحمد عبد السلام فرج.

المحقق: ومن الذى دفع ثمن هذه الذخيرة.

يقول عبد الحميد: لا أعلم.. محدش مننا دفع مليم من جيبه.
المحقق: ومن هو أمركم؟

يقول عبد الحميد: فى ما بيننا الرأى الصواب هو الذى ينفذ ولم نؤمر من أحد.
المحقق: هل تدينون لأحد بالسمع والطاعة؟

يقول عبد الحميد: لأ.

فى اتجاه الريس!
ويواصل المحقق استجواب عبد الحميد عبد السلام.

فيسأله: ألا تنتمى إلى جماعة إسلامية؟

يقول عبد الحميد: لا أنتمى إلى جماعة إسلامية، ولا أستطيع أن أقول يوجد أمير يقول أنا أمير الجماعة الإسلامية.

المحقق: هل كنت تمارس رياضة بدنية؟

يقول عبد الحميد: نعم.. ألعاب قوى.

المحقق: وعندما واجهت المنصة من المنتصف، كيف تمكنت من إطلاق النار على السيد الرئيس.

يقول عبد الحميد: رفعت البندقية الآلية فى اتجاه الرئيس والماسورة مائلة لأسفل 20 درجة.

كانت الساعة قد بلغت الرابعة والنصف من صباح اليوم التالى. فقرر المحقق الاكتفاء بهذا القدر من الاستجواب، وأمر بتلاوة الاعتراف على عبد الحميد فأقر بحصته.

ووقع عبد الحميد على اعترافه.. بعد فك شريط اللاصق الذى يربط يده اليمنى إلى جانب الفراش.

ليبدأ المحقق فى الصباح الاستماع إلى اعتراف عطا طايل حميدة رحيل.. الذى كان يرقد مصابًا فى غرفة إنعاش أخرى بنفس الطابق الخامس من مستشفى المعادى العسكرى.

فماذا قال عطا؟
نستكمل غدا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.