«نرجو عدم التعامل مع الكنيسة الإنجيلية إلا بعد الرجوع إلى الوزارة ونحملكم المسؤولية» كان هذا هو نص المنشور الذى وزعته وزارة الأوقاف على جميع المديريات التابعة لها فى كل المحافظات ليفتح القرار أبوابا كثيرة من التساؤلات حول خلفيات إصدار القرار وخطورته وسط الأحداث التى يشهدها الوطن حاليا واشتعال فتنة الكاتدرائية والخصوص. الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، قالت إنه «لا يملك أحد من أى مؤسسة أن يجبر أى شخص على أن لا يتعامل مع جهة أخرى، حتى لو كانت مؤسسة الرئاسة أو رئيس الجمهورية، فلا يملكان منع أى شخص من التعامل مع أى شخص أو مؤسسة أخرى»، مضيفة أن «هذا القرار يعمّق الفرقة والفتنة بين المسلمين والأقباط، فمن الممكن أن تكون هناك لجنة مشتركة للحوار وليس قطيعة نهائية. أنا لا أوافق على هذا فليس من حق أحد منعى من التحاور مع إخوانى المسيحيين طالما كان التعامل ليس بقصد التخريب».
الدكتور نبيل عبد الفتاح، الخبير بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية قال إن «إصدار هذا القرار يمثل جمودا فى وزارة الأوقاف ومحاولة لصرف الدعاة والوعاظ عن مسارات الوزارة الوسطية المتفتحة، وبث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وتحويل الأمة إلى مجموعات دينية يحكمها قانون الأكثرية والأقلية». عبد الفتاح اعتبر أن هذا القرار رد فعل سلبى على المواقف الوطنية للكنيسة الإنجيلية تجاه الأحداث الخطيرة التى مست حرمات الكنيسة القبطية والاعتداءات السافرة على المسيحيين وتجربتها المتميزة فى بناء الأواصر المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، وقال «على الرئيس أن يقيل وزير الأوقاف ويحيل من أصدر هذا القرار إلى التحقيق»، مضيفا أن «هذا القرار يتسم بالانفعال وعدم العقلانية السياسية ويسعى إلى بث شقاقات بين أبناء الوطن والابتعاد عن تعاليم الإسلام السمحة ووسطية الأزهر، وهو أمر بالغ الجسامة ولا ينبغى أن يمر ببساطة».
الدكتور يسرى العزباوى، الخبير بمركز «الأهرام» للدرسات السياسية والاستراتيجية قال: «هذا المنشور يؤكد انهيار مؤسسات الدولة ووجود تخبط فى خطتها للحفاظ على النسيج الوطنى وفكرة الحوار والتقريب بين الديانات، بالإضافة إلى أنه يشير إلى عدم وجود حصافة لدى متخذى القرار، فإصداره وسط أحداث الخصوص والكاتدرائية يساعد على اشتعال الفتنة». العزباوى قال إنه على الأزهر التحرك بفاعلية لتجديد الخطاب الدينى والحفاظ على النسيج الوطنى بعيدا عن تلك القرارات، مضيفا أن وزير الأوقاف الحالى هو أسوأ وزير شغل المنصب خلال العقود الماضية «ليس من حق الوزير أن يمنع الأئمة والخطباء من التعامل مع أشقائهم المسيحيين، خصوصا أن هناك جزءا من التعامل غير الرسمى، مثل حضور المؤتمرات والندوات وجلسات الصلح كالتى حدثت فى الخصوص ولم تفلح أجهزة الأمن فى وأد الفتنة كما فلحت جلسات أئمة المساجد والقساوسة».