الأولى على الإعدادية بالفيوم: القرآن وأمي سر تفوقي.. وأمنيتي أن أصبح طبيبة أسنان    بالصور.. محافظ الجيزة يفتتح معرضًا للحرف التراثية والمنتجات اليدوية    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس هيئة التنشيط السياحي    مجلس حكماء المسلمين يدين التفجير الإرهابي بكنيسة في دمشق: ينافي كل الشرائع السماوية    وزير خارجية تركيا: بإعلان إسطنبول أسمعنا صوت العالم الإسلامي للجميع    الزمالك يعلن إطلاق أكاديمياته في الإمارات    مشاجرة بسبب خلافات سابقة تنتهي بقتيل في عين شمس    حفل محمد حماقي بموازين.. تلقى هدايا أبرزها العلم المغربي وتيشيرت وكرة الاتحاد    الداخلية السورية: داعشي فجر نفسه في كنيسة مار إلياس بدمشق    عواصف ترابية متوسطة بالوادي الجديد    وزير المالية يكرم مجموعة طلعت مصطفى وكيانات اقتصادية بارزة لدعم جهود تحديث المنظومة الضريبية (فيديو)    بحضور وزير التعليم العالي.. تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم| صور    كرة القدم فى زمن ترامب وإنفانتينو!    البنك المركزي: تعطيل العمل بالبنوك الخميس 3 يوليو بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو    خبير استراتيجي: إيران لن تجلس على مائدة المفاوضات وهي مهزومة    قرار وزارة جديد يُوسع قائمة الصادرات المشروطة بتحويل مصرفي مُسبق عبر البنوك    وزارة النقل: جار تنفيذ 17 محورا مروريا على نهر النيل    رياضة القليوبية تناقش ضوابط انعقاد الجمعيات العمومية بمراكز الشباب    «مبقاش تحليل.. ده خناقة».. الغندور ينتقد سيد عبدالحفيظ وميدو بسبب لاعبي الأهلي    بسباق الصناعة النظيفة.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز أكبر اقتصادات العالم    مزاح برلماني بسبب عبارة "مستقبل وطن"    المشدد 5 سنوات ل عامل هدد فتاة بنشر صورها على «فيسبوك» بالقليوبية    جثة ومصاب سقط عليهما سور حمام سباحة فيلا بالرحاب    وظائف خالية اليوم.. المؤسسة القومية لتنمية الأسرة تطلب أفراد أمن وسائقين    «ميدان ملك القلوب».. وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب    تأملات فى رواية «لا تدعنى أرحل أبدًا»    خبير للحياة اليوم: الضربات الأمريكية عكست جديتها فى عدم امتلاك إيران للنووى    5 أبراج تحب الليل والهدوء.. هل أنت منهم؟    محمد شاهين برفقة الطفل على من تكريم أبطال لام شمسية ويعلق عليها: روح قلبي    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم تكافؤ الفرص    عميد قصر العيني يعلن إصدار مجلة متخصصة في طب الكوارث    للتوعية بالموت القلبي المفاجئ.. وزير الصحة يشهد إطلاق مبادرة "بأيدينا ننقذ حياة"    دراسة صادمة: أضرار غير متوقعة للقهوة سريعة التحضير على العين    جوارديولا يكشف عن وجهته المستقبلية    "اشتروا هدوم وكوتشيات".. رسالة قوية من شوبير على خروج لاعبي الأهلي من المعسكر    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    بدء أعمال جلسة الشيوخ لمناقشة ملفات التنمر والتحرش في المدارس    رئيس "الشيوخ" يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة -تفاصيل    "حماة الوطن": اختيار المعلمين المؤهلين ضرورة لبناء جيل قادر على تطوير مصر    رئيس جامعة الأقصر تزور الجامعة الألمانية بالقاهرة    إيرادات السبت.. "ريستارت" الثاني و"في عز الضهر" بالمركز الثالث    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع الأمين العام للاتحاد الافريقي    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    "انفجار أنبوبة غاز السبب".. النيابة تحقق في حريق سوق فيصل    23 أغسطس.. الحكم على 19 مسؤولا بشركة طيران كبرى في قضية اختلاس أموال وتزوير    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    وزير التعليم العالي ومجدي يعقوب يشهدان بروتوكول بين جامعة أسوان ومؤسسة أمراض القلب    هيئة الرعاية الصحية تطلق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    الكهرباء تحذر: 7 عادات يومية ترفع فاتورة الكهرباء في الصيف.. تجنبها يوفر الكثير    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    وزير الخارجية الإيراني: واشنطن انتهكت القانون الدولي وإيران تحتفظ بحق الرد    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب : النائب العام ومدى دستوريته
نشر في الدستور الأصلي يوم 29 - 03 - 2013

قضت دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار سناء خميس، الأربعاء، بإلغاء قرار رئيس الجمهورية عزل النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، وبطلان تعيين المستشار طلعت إبراهيم عبد الله خلفًا له، وذلك في الدعوى التي أقامها عدد من القضاة وأعضاء بالنيابة العامة أن الحكم الصادر فى دائرة الاستئناف بعودة المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام السابق، إلى منصبه حكم ابتدائي قابل للطعن عليه، أمام محكمة النقض.

أن محكمة الاستئناف، التى أصدرت الحكم أمرت بتنفيذ الحكم بصورته، وإذا ما تم الطعن عليه أمام محكمة النقض، تقدم هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس الجمهورية استشكالا فى تنفيذه،

لذلك فإن الحكم يغلب عليه الطابع المستعجل بضرورة تنفيذه. أثار حكم محكمة استئناف القاهرة ببطلان قرار رئيس الجمهورية بتعيين النائب العام طلعت عبد الله، وإقالة المستشار عبد المجيد محمود، جدلاً واسعًا بين القوى السياسية، حيث ساد ارتياح كبير داخل أوساط المعارضة التي اعتبرته انتصارًا للقانون.

أن طبيعة المرحلة التي تمر بها مصر تقتضي التوافق الوطني ولا تقتضي العناد بين كل الطوائف السياسية لأن مصر في خطر. ويجب ضرورة تخلي كل فصيل عن أهدافه الشخصية وأن يغلب مصلحة الوطن مشيرا إلي أنه ليس من المعقول أن يتبادل كل فصيل الاتهامات مع الفصيل الآخر.

ونطالب مرة القوي السياسية أن تقف وقفة صادقة تجاه كل ما يحاك بمصر وأن تعمل بتجريد فالأمور الاقتصادية والأمنية في غاية السوء وكل يوم ينشغل بحقيقة تعجل بسقوط البلاد ففي الماضي كنا ننشغل بمباريات الكرة أما الآن ننشغل بقضية الاتحادية والمقطم والنائب العام وغيرها من القضايا ينشغل عن القضية الأساسية وهي مصلحة مصر.

وجديرا بالذكر ان هذه الإعلانات والمراسيم الجمهورية في أوساط النخبة ستخلق حالة من الجدل السياسية المصرية حول مدى دستوريتها، خاصة تلك المتعلقة بإقالة النائب العام الذي تحدى قرارا سابقا بإقالته لعدم دستوريته وحظي موقفه هذا بدعم المجلس الأعلى للقضاء.إن «حكم محكمة الاستئناف بالقاهرة بإلغاء قرار رئيس الجمهورية إقالة النائب العام حكم نافذ ويجب تنفيذه».أن «هناك حالة واحدة فقط توقف تنفيذ الحكم وهي إذا أوقفت محكمة النقض إعمال هذا الحكم، وهي الجهة الوحيدة صاحبة القرار في هذا الشأن».

«أما بالنسبة لموقف هذا الحكم من الدستور الجديد، وما إذا كان يتعارض مع الدستور الذي أقر مؤخرًا فإن ذلك يعتمد على أسباب الحكم التي اعتمدت عليها الدعوى بإلغاء عزل النائب العام، فإن الدستور الجديد ألغى جميع الإعلانات الدستورية التي صدرت طوال العامين الماضيين، بما فيها الإعلانان الدستوريان اللذان أصدرهما الرئيس مرسي، وبالتالي فإذا اعتمد الحكم على ذلك فإنه في هذه الحالة لا يتعارض مع الدستور».للان الإعلان الدستوري الصادر في 22 نوفمبر الماضي،

بأن ما تضمنه من أحكام تهدف فى حقيقتها إلى تعطيل عمل السلطة القضائية، وأن الدولة المصرية تتعرض لحملات ممنهجة في هذه الفترة تستهدف إسقاط جميع مؤسسات الدولة، والسلطة القضائية في مقدمتها أما فيما يخص إن هذا الحكم قد صدر بالمخالفة لنص المادة 232 من دستور 2012 التي حصنت الإعلانات الدستورية السابقة عن هذا الدستور للان لا يجوز ذلك، وهذا يجعل البعض يتصور أن تعيين نائب عام بقرار منفرد من الرئيس، دون ترشيح مجلس القضاء الأعلى، أو الأخذ برأيه، سيجعل ولاء النائب العام الجديد للرئيس، وليس هذا في صالح العدالة ومؤسسة القضاء.

أما عندما يصدر الرئيس إعلاناً دستورياً يفرغ المحكمة من اختصاصاتها، فهو يأخذ حقاً ليس له سند شرعي، وهذا تغول صريح على السلطة القضائية للأنة أتي من خلال شرعية دستورية وفق إجراءات دستورية وقانونية قائمة وحلف اليمين الدستورية علي احترامهما فلا يجوز له تغير أي قواعد دستورية قائمة للانها تصطدم بالشرعية الدستورية التي أتت به رئيسا.

وجديرا بالذكر فقد تصدت دائرة طلبات رجال القضاء لنفس هذا الأمر عندما حصن جمال عبد الناصر قراره وعزل بعض القضاة.

أعاد حكم دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة الصادر اليوم الأربعاء بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بتعيين النائب العام الحالي طلعت عبد الله، إلى الأذهان حكم لنفس الدائرة أيام أن كانت تابعة لمحكمة النقض في عام 1972 بإلغاء قرار بقانون أصدره الرئيس جمال عبد الناصر في عام 1969 بإعادة تشكيل الهيئات القضائية وبموجبه أطاح ب 272 قاضيا فيما سمي بمذبحة القضاء.

واللافت أنه رغم طول الفترة الزمنية بين الحكمين إلا أن تفاصيلهما تكاد تكون متطابقة حيث إن محكمة النقض التي كانت تتبعها دائرة طلبات رجال القضاء ألغت القرار بقانون لرئيس الجمهورية بإعادة تشكيل الهيئات القضائية بل والأكثر من ذلك أنها أعادت القضاة الذين تم عزلهم إلى وظائفهم بعد الوقاعة بأربع سنوات وبنفس أقدميات زملاء دفعاتهم.

وقد ألغت محكمة النقض هذا القرار بقانون رغم أنه كان له سند دستوري حيث إن مجلس الأمة فوض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بأمن الدولة و سلامتها، بناءً على ما هو مخول لمجلس الأمة بمقتضى المادة 120 من دستور 1964 الذي كان معمولاً به وقتها. وقالت المحكمة إن القانون صدر في موضوع يخرج عن النطاق المحدد بقانون التفويض و يخالف مؤدى نصه ومقتضاه مما يجعله مجرداً من قوة القانون، فضلا عن أنه يمس حقوق القضاة و ضماناتهم مما يتصل باستقلال القضاء، وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية.

وخلال نظر الدعوى دفعت الدولة ممثلة في وزارة العدل بأن دائرة طلبات رجال القضاء ليس من اختصاصها نظر الدعوى التي أقامها وقتها المستشار يحيى الرفاعي –الذي شملته مذبحة القضاة- واستندت وزارة العدل إلى أن المحاكم على اختلاف جهاتها ودرجاتها لا تملك التعرض للقوانين بإلغاء أو التعديل و إنما تقتصر وظيفتها على تطبيقها.

ولكن المحكمة ردت على هذا الدفع في حيثيات حكمها بأنه على الرغم من أن المحاكم لا تملك إلغاء القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية أوتعديلها، وكانت القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية و إن كان لها في موضوعها قوة القانون التي تمكنها من إلغاء وتعديل القوانين القائمة إلا أنها تعتبر قرارات إدارية لا تبلغ مرتبة القوانين في حجية التشريع، فيكون للقضاء الإداري بما له من ولاية الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية أن يحكم بإلغائها إذا جاوزت الموضوعات المحددة بقانون التفويض أو الأسس التي تقوم عليها، و لا تحوز هذه القرارات حجية التشريع إلا إذا أقرها المجلس النيابي شأنها في ذلك شأن أي قانون آخر.

كما قالت المحكمة إنها لا اعتبار لما تتمسك به الحكومة من زوال صفة الطالب عند تقديم الطلب، ذلك أنه يكفي لاختصاص المحكمة بنظره و على ما جرى به قضاؤها أن يكون القرار المطعون فيه صادراً في شأن أحد رجال القضاء أوالنيابة ولو زالت عنه هذه الصفة عند تقديمه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن دائرة رجال القضاء انتقلت إلى محكمة استئناف القاهرة من محكمة النقض بموجب تعديل قانون السلطة القضائية عام 2006 ولها اختصاص استئنائي ينظر جميع القرارات الإدارية وتمارس اختصاص القضاء الإداري فيما يخص رجال القضاء بشأن قرارات تعيينهم أو ندبهم أو إحالتهم للمعاش.

وأحكام هذه الدائرة نافذة وواجبة النفاذ فورا حتى مع الطعن عليها أمام محكمة النقض وفقا لقانون السلطة القضائية والطعن على أحكامها لا يعطل تنفيذها.

و لما كان إغفال اسمه على هذا النحو قد استوجب عزله من ولاية القضاء طبقاً لنصوص القرار بالقانون المشار إليه، مع أنه قرار معدوم لخروجه على قانون التفويض الذي صدر استناداً إليه، ولمخالفته لأحكام قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 و لأحكام الدستور ، فضلاً عن أن القرار رقم 1603 لسنة 1969 قد جاء مخالفاً للقرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 ذاته، إذ لم يحمل سبباً من الأسباب التي قام عليها مما يجعل القرار معيباً بمخالفته القانون و الانحراف بالسلطة، و من ثم فقد انتهى إلى طلب الحكم بعدم الاعتداد بالقرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 وإلغاء ما ترتب عليه من آثار و بإلغاء القرار الجمهوري رقم 1603 لسنة 1969 فيما تضمنه من إغفال اسمه من بين القضاة ومن في درجتهم وإلغاء قرار وزير العدل الصادر تنفيذاً له.

وقد دفعت وزارة العدل بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطلب ،و طلبت من باب الاحتياط رفضه موضوعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها، وطلبت الحكم برفض الدفع بعدم الاختصاص و بوقف السير في الطلب حتى تفصل المحكمة العليا في الدفع بعدم دستورية القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 والقرار الجمهوري رقم 1603 لسنة 1969.

وحيث إن مبنى الدفع بعدم الاختصاص أن المحاكم على اختلاف جهاتها ودرجاتها لا تملك التعرض للقوانين بإلغاء أو التعديل و إنما تقتصر وظيفتها على تطبيقها ، فلا تملك محكمة النقض إلغاء القرار بقانون رقم 83 لسنة 1969، كما أن المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قد استثنت من اختصاص محكمة النقض القرارات الصادرة بالتعيين، ولما كان القرار الجمهوري رقم 1603 لسنة 1969 صادراً بإعادة تعيين بعض رجال القضاء والنيابة في وظائفهم السابقة، فإن محكمة النقض لا تكون مختصة بإلغائه، فضلاً عن أنها لا تختص إلا بنظر طلبات رجال القضاء والطالب عند تقديم طلبه لم يكن من بينهم.

وحيث إن هذا الدفع مردود، لأن المحاكم وإن كانت لاتملك إلغاء القوانين التي تصدرها السلطة التشريعية أوتعديلها ، و كانت القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بتفويض من السلطة التشريعية و إن كان لها في موضوعها قوة القانون التي تمكنها من إلغاء و تعديل القوانين القائمة، إلا أنها تعتبر قرارات إدارية لا تبلغ مرتبة القوانين في حجية التشريع ، فيكون للقضاء الإداري بما له من ولاية الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية أن يحكم بإلغائها إذا جاوزت الموضوعات المحددة بقانون التفويض أو الأسس التي تقوم عليها ، و لا تحوز هذه القرارات حجية التشريع إلا إذا أقرها المجلس النيابي شأنها في ذلك شأن أي قانون آخر.

وإذا كان القرار رقم 83 لسنة 1969 الصادر بإعادة تشكيل الهيئات القضائية قد صدر استناداً إلى القانون رقم 15 لسنة 1967 الصادر من مجلس الأمة بتفويض رئيس الجمهورية بإصدار قرارات لها قوة القانون، و كانت المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 – المقابلة للمادة 83 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 – تنص على اختصاص دائرة المواد المدنية و التجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في كافة الطلبات التي يقدمها رجال القضاء و النيابة العامة بإلغاء القرارات الجمهورية و القرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئونهم عدا التعيين و النقل و الندب و الترقية ، إذ كان ذلك ،

و كان الطعن في القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 و المنصب على ما تضمنه من اعتبار رجال القضاء الذين لا تشملهم قرارات إعادة التعيين أو النقل محالين إلى المعاش ، و الذي كان أساساً للقرار الجمهوري المتضمن عزل الطالب من ولاية القضاء لعدم ورود اسمه به ، هو طعن في قرار إداري يتعلق بشأن من شئون القضاة لا يندرج في حالة التعيين أو غيرها من الحالات المستثناة التي تخرج عن ولاية هذه المحكمة ، فإن الدفع بعدم الاختصاص يكون على غير أساس ، ولا اعتبار لما تتمسك به الحكومة من زوال صفة الطالب عند تقديم الطلب ، ذلك أنه يكفي لاختصاص المحكمة بنظره و على ما جرى به قضاؤها أن يكون القرار المطعون فيه صادراً في شأن أحد رجال القضاء أوالنيابة ولو زالت عنه هذه الصفة عند تقديمه .

وإنه بالرجوع إلى القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 يبين أنه صدر بناء على القانون رقم 15 لسنة 1967 الذي نص في المادة الأولى على أن " يفوض رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون خلال الظروف الاستثنائية القائمة في جميع الموضوعات التي تتصل بأمن الدولة و سلامتها و تعبئة كل إمكانياتها البشرية و المادية و دعم المجهود الحربي و الاقتصاد الوطني و بصفة عامة في كل ما يراه ضرورياً لمواجهة هذه الظروف الاستثنائية " .

و مؤدى هذا النص أن التفويض يقتصر على الموضوعات المحددة به و الضرورية لمواجهة الظروف الاستثنائية التي كانت قائمة في ذلك الوقت و أعقبها عدوان يونيو سنة 1967 ، و صدر هذا التفويض بناءً على ما هو مخول لمجلس الأمة بمقتضى المادة 120 من دستور 1964 الذي كان معمولاً به ، و إذ كان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 فيما تضمنه من اعتبار رجال القضاء الذين لا تشملهم قرارات إعادة التعيين في وظائفهم أو النقل إلى وظائف أخرى محالين إلى المعاش بحكم القانون قد صدر في موضوع يخرج عن النطاق المحدد بقانون التفويض و يخالف مؤدى نصه ومقتضاه مما يجعله مجرداً من قوة القانون .

و كان القرار فوق ذلك يمس حقوق القضاة و ضماناتهم مما يتصل باستقلال القضاء ، وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية ، ذلك أن النص في المادة 152 من الدستور المشار إليه على أن " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون " و في المادة 156 على أن " القضاة غير قابلين للعزل و ذلك على الوجه المبين بالقانون " و في المادة 157 على أن " يبين القانون شروط تعيين القضاة و نقلهم و تأديبهم "، يدل على أن عزل القضاة من وظائفهم هو من الأمور التي لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون ، فإن القرار بالقانون رقم 83 لسنة1969 فيما تضمنه من اعتبار رجال القضاء الذين لا تشملهم قرارات التعيين أو النقل محالين إلى المعاش بحكم القانون يكون غير قائم على أساس من الشرعية و مشوباً بعيب جسيم يجعله عديم الأثر .

ولاوجه للتحدي في هذا الصدد بان الدفع بعدم دستورية هذا القرار يستوجب وقف السير في الطلب حتى تفصل فيه المحكمة العليا ، ذلك أنه علاوة على أن عيب عدم المشروعية الذي شاب القرار بالقانون المطعون فيه أساسه الخروج عن نطاق الموضوعات المعينة بقانون التفويض و أن مخالفته أحكام الدستور إنما هي على سبيل التأكيد لا التأسيس ،

و أن الدفع بعدم الدستورية يعتبر دفعاً احتياطياً لا يوجب وقف الدعوى متى كان العيب الآخر يكفي لإلغائه ، فإنه وفقاً لنص المادة 90 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 المقابل للمادة 83 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 تختص دائرة المواد المدنية و التجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في طلب إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبنى الطلب مخالفة القوانين ، فتكون وحدها صاحبة الاختصاص بإلغاء القرار بقانون المطعون فيه إذا كان في نفس الوقت مخالفاً لقانون التفويض و لأحكام الدستور على السواء ، و لا يوجد في القرار بالقانون رقم 81 لسنة1969 الصادر بإنشاء المحكمة العليا و لا في القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بالرسوم و الإجراءات أمامها ما يفيد تعديل هذا الاختصاص صراحة أو ضمناً ،

و إنما ورد النص في المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا على اختصاصها بالفصل دون غيرها في " دستورية القوانين " و ورد النص في المادة 31 من قانون الإجراءات و الرسوم بنشر منطوق الأحكام الصادرة منها بالفصل في دستورية القوانين ، و لا يندرج تحت هذا النص أو ذاك الفصل في دستورية القرارات بقوانين، و هو نص ملزم في شأن الاختصاص لاتملك محكمة النقض أن تضيف إليه أو أن تعدل فيه ، و لا يغير من ذلك ما ورد في المادة 175 من دستور جمهورية مصر العربية من أن " تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين و اللوائح " لأن الاختصاص بمراقبة دستورية اللوائح حكم مستحدث للمحكمة الدستورية العليا وحدها ، إذ تنص المادة 192 الواردة في باب أحكام الدستور الانتقالية على أن " تمارس المحكمة الدستورية العليا اختصاصها المبين في القانون الصادر بإنشائها و ذلك حتى يتم تشكيل المحكمة الدستورية العليا ".

و حيث إنه لما كان القرار بالقانون رقم 83 لسنة 1969 منعدماً على ما سلف البيان فإنه لا يصلح أداة لإلغاء أو تعديل قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 في شأن محاكمة القضاة و تأديبهم ، كما لا يصلح أساساً لصدور القرار الجمهوري رقم 1603 لسنة 1969 فيما تضمنه من عزل الطالب ولاية القضاء ، إذ كان ذلك و كان قرار وزير العدل رقم 927 لسنة 1969 قد أنهى خدمته تنفيذاً للقرار المشار إليه ، فإنه يتعين الحكم بإلغاء هذه القرارات و اعتبارها عديمة الأثر في هذا الخصوص بناء عليه .

بضرورة احترام حكم القضاء في قضية النائب العام، وأن يتم تنفيذه إعلاء لمبدأ سيادة القانون الذي لا يتأتى إلا باحترام القضاء وأحكامه. حتى لا تدفع العدالة ثمنًا غاليًا، إذا تحول هذا الحكم إلى حالة جدل وسفسطة ان حساسية منصب النائب العام ومدى شرعيته باعتباره يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعدالة التي يجب أن تكون راسخة ومستقرة في ضمير المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.