اتصل بي (برما) بعد فترة غياب، سألته عن سر غيابه فقال لي إنه موجود مع مجموعة من الفدائيين للكفاح ضد الاحتلال الخليجي في توشكي، وعرض علي أن أنضم لهم فاعتذرت قائلا: إني متجوز جديد وما قدرش أسيب البيت اليومين دول، فقال لي باقتضاب «للبيت رب يحميه». آمنت بالله لكنني لن أستطيع يا برما فسألني (وراك إيه) فقلت له (الدوري ولع) سألني عن الفريق الذي ألعب له فقلت له أنا ألعب مشجع وبعد انتهاء مسيرتي كمشجع أفكر في الاتجاه إلي التدريب، فسألني عن هويتي الكروية، أجبته فطلب مني أن أناضل علي الأقل حتي يتم رفع العقوبة عن إبراهيم حسن، فقلت له بصراحة ربنا ماكرمش حسام حسن غير لما إبراهيم قعد في المدرجات، فقال لي (صحيح). قال لي لقد أخطأت في مقال الأسبوع الماضي إذ ربطت بين حسبة برما وبين شخصي، والحقيقة أن برما المذكورة في الحسبة قرية تابعة لطنطا متخصصة في إنتاج وتجارة البيض، ويحكي أن قروية كانت تحمل سلة من البيض في طريقها لبيعها ولكن لسوء حظها تسبب أحد الفلاحين في سقوط السلة بدون قصد وكسر كل محتواها من البيض. وطلب الفلاح من السيدة أخباره بعدد البيض الذي كان في السلة حتي يعطيها ثمنه وهنا أخبرته السيد بأنها لاتعرف العدد ولكنها عندما كانت تعد البيض اللي في السلة اثنين يتبقي بيضة واحدة وعندما تعده ثلاثة ثلاثة تتبقي بيضة واحدة وعندما تعده أربعة أو خمسة خمسة أو ستة ستة يبقي في كل مرة بيضة واحدة ولكن عندما كانت تعده سبعة لايتبقي أي بيض.. ثم سألني هل تعرف كم بيضة كانت مع المرأة؟، فاعتذرت له لأني مابحبش البيض، فطلب مني أن أفكر علي أن يقول لي الحل قبل نهاية المكالمة. سألني برما (ما هو أكثر شيء يستفزك؟) فقلت له (عندما أقول لشخص معلومة أنا متأكد منها فيضحك قائلا هاهاها.... كل الناس فاكرة زيك كده بالضبط)، وسألني عن أكثر عمل جريء قمت به فقلت له مرة كنت في مطعم وكنت جائعا جدا ،تأخر الطعام فقطعت حتة من الرغيف وكورتها في يدي وقلت للجالس علي المنضدة إلي جواري (ممكن الطحينة بتاعتك دقيقة؟)، وسألني عن أسخف جملة قلتها في حياتي فقلت له قالت لي زوجتي نفسي أموت في حضنك فقلت لها مش عايزين مشاكل. انقطع الخط قبل أن أعرف عدد البيض فأرسلت ل (برما) كلمني شكرًا، فاتصل بي مرة أخري وسألني إن كنت شاهدت الفيلم الذي يجمل الاسم نفسه فقلت له في أسبوع واحد شاء الحظ أن أشاهد كلمني شكرا وخمسة أفلام أجنبية بينها أفلام فائزة بجوائز لكنني لم أستمتع إلا بهذا الفيلم، فقال لي معظم الناس بتتغير بعد الجواز، فقلت له لكن خالد يوسف متجوز من زمان، فانقطع الخط مجددا. أرسلت لوالدي اشحنلي شكرا فرد علي برسالة قصيرة عفوا لقد نفد رصيدكم، كان لدي كارت منزلي فقررت أن اتصل ب (برما) من عند الجيران، لكنني فوجئت أن جاري هو الشخص الذي استعرت منه الطحينة في الفقرة السابقة فشعرت بالإحراج وسألته ليه الواحد بيشك في الشحات إنه نصاب ومابيشكش في النصاب نفسه، فابتسم جاري وقال لي برقة (الكورة لو جت هنا تاني هاقطعها). اتصل برما مجددًا وقال لي التليفونات شكلها متراقبة، فقلت له في السجن يشعر السجان بالخوف أكثر من السجين، فسألني عن أغرب حادثة سمعت عنها، فقلت له قرأت يوما مانشيتاً يقول ( قال له يا ابن العبيطة فمزق جسده بالمطواة)، سألني عن سر دهشتي فقلت له إن المجني عليه كان يعرف من الأول أن الجاني ابن عبيطة.. يعني ماكنش فيه أي داعي للاحتكاك!، قال لي (صحيح) ثم سألني فاكر أيام المدرسة؟ هنا أظلمت الدنيا وحدث فلاش باك ووجدت نفسي فجأة في حصة اللغة العربية في تانيه أول... ( نهار داخلي... المدرس: قال إيه بقي الشاعر في الموقف ده قال لك... وحنزو يوما راكضة في مراعي البوع الحزين كأنني كوسبون في يوم التضوي والأعداء محرجين (المدرس يردد بينه وبين نفسه باندهاش.. والأعداء محرجين؟) عمر: يعني ايه كوسبون يا مستر المدرس: كوسبون اللي هو الكُسب.. و ده نوع من الأكل زي العلف كده بيقدموه للبهايم. عمر: وهوكان فيه بهايم علي أيام الشاعر؟ المدرس: وأنت فاكر مافيش بهايم غير اليومين دول ولا إيه؟ عمر: وهو الشاعر قصده ايه بالبوع الحزين؟ طلعت: البوع ده نوعين.. فيه بوع حزين وبوع مكبّر مابيشيلش هم. عمر: ماشي بس هو ايه البوع ده أصلا. المدرس:مكتوب في شرح المفردات البوع هو الدالوت وهوحيوان من فصيلة الترامّه. المهم عايزكوا تحفظوا القصيده دي وهاسمعهالكو الحصه اللي جايه. عمر: طيب مش لما نفهمها الأول وبعدين نحفظها المدرس: أنت عايز تنجح آخر السنة ولا عايز تتلامض؟ عمر: لا عايز انجح طبعا. طلعت: يبقي تحفظ وانت ساكت... وبعدين ماحدش فاهم الشاعر كان قصده إيه.. اومال أنت فاكر الأعداء كانوا محرجين ليه؟ قطع.. تترات). كان القطع حادا فانقطع الاتصال ب (برما) مجددا، قررت أن أفتح التليفزيون فوجدت المذيعة تنصح الزوجة أن تهتم بنفسها لأن الزوج مثل الطفل إذا لم يجد عندك ما يريده يحث عنه في مكان آخر، حاولت أن أتصل بالمذيعة لكنني تذكرت أني بلا رصيد فأرسلت لها علي ميل البرنامج قائلا (مش كل واحد عنده مشاكل ماديه بيسرق...بس الحرامي بيسرق حتي لو ماكنش عنده مشاكل مادية )، قرأت المذيعة رسالتي بإعجاب شديد فأرسلت لها واحدة أخري تقول ( خلي برما يتصل بيا ضروري)، بالفعل اتصل بي برما بعدها مجددا وقال لي (إحنا محتاجين ذخيرة ) قلت له البلد فيها أزمة حشيش اليومين دول، فطلب مني أن أرتب موعدا مع اخواننا الفدائيين في أفغانستان للحصول علي إمدادات، أزعجني طلب برما فصرخت فيه (أنت فاكرني إيه؟) فقال لي (أنت راجل متجوز وفاهم)، طلبت منه أن يوضح كلامه فقال: الجواز هو البدله اللي بتشتريها وتلبسها من غير ما تعمل لها بروفة، واكبر غلطه في الجواز انك ماتعترفش انه غلطة، والفرق بين كراهية العازب للجواز وكراهية المتجوز ليه زي الفرق بين الهواة والمحترفين، والست مابتنساش يوم الجواز لكن الراجل بينساه لأن الصياد بيفضل فاكر اليوم اللي اصطاد فيه سمكة كبيرة لكن السمكة مابتفتكرش حاجه خالص. قلت له شكلك ضد الجواز ،فقال لي بالعكس.. الراجل لما يتجوز بيبقي كمل نص دينه والبنت لما تتجوز بتبقي لقت عدلها يعني من غير الست ماشيه مقلوبة لحد ما تلاقي اللي يعدلها والراجل ماشي نص كافر لحد ما يلاقي الست إللي تخليه يآمن أن الله حق. قلت ل (برما ) بلاش كلام في السياسة أرجوك، فقال لي كنت فاكرك شجاع ففتحت لك قلبي، ثم تحشرج صوته وهو يقول ( أَسأتُ إذ أحسنتُ ظنّي بكم: والحزمُ سوء الظن بالناس) ثم قال لي واللهي ما أنا قايلك كان فيه كام بيضه مع الست، فقلت له فزورة بفزورة (من هو الرجل الذي لا أب له والرجل الذي لا أم له وما هو القبر الذي تحرك بصاحبه وماهو المكان الذي طلعت عليه الشمس مرة واحدة في عمره )، سكت برما قليلا وقال أجب أنت أولا، فقلت له الرجل الذي بلا أب هو سيدنا المسيح والرجل الذي بلا أم هو سيدنا آدم والقبر الذي تحرك بصاحبه هو حوت سيدنا يونس والمكان الذي طلعت عليه الشمس مرة واحدة بطن البحر حين انفلق لبني إسرائيل)، وما أن سمع برما كلمة إسرائيل حتي اخذ يهتف (لا للتنطيع.. لا للتنطيع ) ثم ابتلع لسانه لكن الدكتور أحمد ماجد أنقذه في آخر لحظة. (مالك يا برما؟) قال لي حاسس إني هاموت قريب فقلت له أوصيني فقال ( العالم يعرف الجاهل والجاهل لا يعرف العالم) وأخذ يرددها حتي انقطع الخط. ظللت طوال الليل في انتظار أن يتصل برما مجددا لكنه لم يفعلها، وصحوت اليوم فوجدت رسالة قصيرة منه مكتوب فيها (301).