اخفق حزب النهضة في حشد "مليونية" يوم السبت الفارط على حد تعبير الصحافة التونسية التي تستخدم الفارط بدلا من الفائت أو الماضي، فيما اخذ عِقد الحليف الرئيس للنهضة؛ حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بالانفراط على خلفية الازمة المتفجرة في البلاد منذ أسبوعين تقريبا، باثر اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد. فقد استقال محمد عبو الامين العام لحزب المؤتمر وجرّ معه زوجته سامية عبو بعد خصومة مع عدد من قيادات حزبه رفضوا تقديم استقالتهم من الحكومة.
ومن بين القيادات سهام بادي وزيرة المرأة، وعبد الوهاب المعطر وزير التشغيل، وعماد الدايمي مدير ديوان رئاسة الجمهورية، وطارق الكحلاوي مدير مكتب دراسات قصر قرطاج، وآخرون رفضوا التنازل عن مناصبهم رغم تعهد المؤتمر بتقديم استقالة وزرائه إذا لم تتشكل الحكومة الجديدة الاثنين.
يذكر ان حزب المؤتمر حليف حركة النهضة فاز ب29 مقعدا في المجلس التأسيسي، وعقد صفقة سياسية مع النهضة لترشيح زعيمه المنصف المرزوقي لمنصب الرئاسة. لكن الخلافات دبت في صفوفه؛ فتتالت الاستقالات لتشمل عبد الروؤف العيادي وسليم بوخذير اللذين انتقدا بشدة تصرفات المرزوقي المهادنة لحركة النهضة وشكلا حزبا جديدا باسم حركة وفاء.
ثم جاء دور النائب طاهر هميلة الذي طالب بإجراء فحص طبي على المنصف المرزوقي وانتقد تواطؤ حزب المؤتمر مع حركة النهضة وشكل مؤخرا حزب الاقلاع نحو المستقبل.
والواضح فان ابرز حليف للنهضة يعيش أزمة عميقة بالتساوق مع المعضلة السياسية التي تعيشها تونس إثر اغتيال شكري بلعيد والذي وحد رحيله الفاجع احزاب المعارضة بوجه الترويكا الحاكمة؛ النهضة والمؤتمر والتحالف الديمقراطي .
واذا كان حزب الغنوشي، اخفق في حشد اوسع الجماهير وراء شعار "لا لحكومة تكنوقراط " التي يدعو لها رئيس الوزراء حمادي الجبالي ويشغل ايضا منصب الامين العام لحزب النهضة، فان زعيم الحركة اللاجيء في لندن سابقا، يتحاشى الدخول في مواجهة مع الجبالي السجين لعقدين تقريبا في تونس زين العابدين بن علي. فيشدد على ان الجبالي وليس غيره مرشح النهضة لرئاسة الحكومة القادمة التي يبدو ان ولادتها عسيرة بفعل الاشتراطات التي يضعها حزب النهضة ومنها عدم اشراك حزب الوفاء لتونس بزعامة رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه يتمتع بشعبية قوية. بل يذهب بعض المحللين الى القول إنها تفوق شعبية حزب النهضة في المرحلة الراهنة .
وثمة قناعة بان اعتراضات الغنوشي على رؤية الامين العام للنهضة حول شكل الحكومة المزمعة تضيف رصيدا الى شعبية الجبالي الذي يندفع اكثر نحو تغيير ثوابت حركة النهضة والتجاوب مع المعارضة الليبرالية التي تدعم بقوة مقترح حكومة "تكنوقراط" لايريدها الوزير الاول قائمة على مبدأ المحاصة السياسية التي افقرت البلاد وشحنت الاجواء السياسية والاجتماعية في بلد تهرب منه الاستثمارات الاجنبية ويعاني من شحة السياح، عماد الدخل الوطني لتونس.
في حال اصر الجبالي على حكومة تكنوقراط عابرة للاحزاب، فيتعين عليه اقناع رفاقه في النهضة بان العناد سيؤدي إلى ان تفقد الحركة رصيدها في الشارع المستاء من تردي الاوضاع المعيشية، والذي ينتظر حلولا ناجعة لا يبدو ان اسلاميي النهضة مع من تبقى من حلفائها السلفيين والاصوليين المتشددين يقدرون على اجتراحها بالشعارات السياسية والاهازيج في الشوارع فقط .