لم نعد نصدق أي شيء يصدر عن النظام تلك هي "أُم الأزمات" التي تعيشها مصر لا أحد لديه ثقة في الرئيس ليس فقط لأنه لم يف بوعوده التي قطعها على نفسه، لا ليس هذا هو فقط السبب ولكن لأنه أصر علي التحايل وكأننا نحن الذين لم نف بالوعد، كل ما تعيشه مصر من توابع زلزال الشك. عندما يصدر رئيس الطب الشرعي إحسان كميل تقريراً شارك فيه 40 طبيباًَ فمن المنطقي في مناخ طبيعي أن نصدقه ثم إنه من المستحيل أن يتفق كل هؤلاء الأطباء على كذبة واحدة، إلا أننا صدقنا رواية أخري نرى فيها الحقيقة التي تؤكد أن الشاب عمر تعرض للتعذيب المفرط وليس كما ذكر التقرير حادث سيارة، الغريب أن رئيس مصلحة الطب الشرعي في برنامج "تلت التلاتة" الذي يقدمه الزميل عمرو خفاجي علي قناة "أون تي في" أكد أنه حادث سيارة إلا أنه بعد ذلك في حوار نشرته الأهرام أول أمس قال إنه ليس باليقين كذلك وربما يكون قد تعرض للتعذيب أيضاً، ولكن الذي يستطيع تأكيد أو نفي ذلك هو شاهد العيان الذي من الواضح أن عليه علامات استفهام كثيرة بل ربما كان غاوي شهرة أو" شاهد ما شفش حاجة" ولهذا فتح الباب على مصراعيه للشك.. آخر واقعة تشككنا فيها هى المذيع والناشط بالتليفزيون المصري الراحل عبده عباس كيف مات علامة استفهام أيضاً كبيرة، عثروا على جثمانه في منزله وتعددت الاحتمالات صرح الطب الشرعي بدفنه باعتبارها ميتة طبيعية وكان هناك شك يردده أصدقاء المذيع خاصة وأنه كان له مواقفه المناهضة لدولة الإخوان التي بدأت تترعرع في جنبات ماسبيرو، البعض يطالب بتشريح الجثمان مثلما يطالبون بتشريح جثمان محمد الجندي وتدويل القضية، لا شيء مصدق يصدر عن الدولة، والحقيقة أن الناس فقدت أيضاً ثقتها بالمعارضة سواء أكانت إنقاذ أم ضمير، الشارع غاضب وشاكك بينما بعض من أسسوا جبهة الضمير من قيادات الإخوان يشاركون في مظاهرات الجمعة الماضية لصالح الإخوان فأين هو الضمير؟ قد تراها فقر في الضمير وهي بالتأكيد كذلك إلا أن الوجه الآخر لها هو الغشومية، مأساة الإخوان ليست في أنهم يسعون لحكم مصر وضرب لون إخواني يغلف ملامحها وتفاصيلها، المأزق الذي نعيشه هو أن هناك من يسعى برعونة إلى أن دمار الوطن عندما يضعه على حافة صراع حتمي بين أطيافه، شعار المرحلة هو أنا أو أنت وليس أنا وأنت، مائدة واحدة للحوار صارت تبدو بعيدة المنال لأن هناك انعدام ثقة ولهذا تريدها جبهة الإنقاذ وحزب النور بشروط أطلقوا عليها تخفيفاً ضمانات وبموافقة مسبقة لإسقاط الحكومة والدعوة لحكومة انقاذ وطني بالطبع لو كانت لدى النظام رؤية ما كان من الممكن أن نصل إلى تلك المرحلة من التخبط.
هل الناس تثق في حصن القضاء؟ حتى هذه صارت محل شك لأن وزير العدل استبق تقرير الطب الشرعي وأعلن أن وفاة محمد الجندي جاءت بفعل حادث سيارة، مصلحة الطب الشرعي تابعة مباشرة لوزارة العدل، هل من الممكن أن يصدق الناس الوزير وهم يشعرون أنه طرف مشارك يلعب دور البطولة في الأزمة التي نعيشها الآن.
النظام هل يسعى للحل أم إنه يريد استعراض القوة؟ المليونية التي نظموها يوم الجمعة تؤكد أنهم يريدون فرض الرأي، بقانون الاستقطاب، كيف تكون حاكماً وتنحاز إلى فريق ضد آخر، كل آمالهم تراها في شعاري الشعب يريد تطبيق الشريعة والشعب يريد تطهير الإعلام.. رئيس الجمهورية في تعاقده مع الناس قال لنا مصر دولة مدنية وليست دينية فكيف يطالبون بتطبيق الحدود الشرعية، هم لا يزالوا يرون أن الإعلام هو رأس الفساد وينبغي إخصاؤه لو أغلق مرسي كل القنوات الفضائية ما عدا الحافظ و25 يناير والناس وغيرها من القنوات الموالية وامتد للنت بحكم قضائي مثلما فعلوها مع اليوتيوب هل سيتسريح بينما لا أحد يصدقه.
تقول أم كلثوم في قصيدة "ثورة الشك" التي كتبها الأمير عبد الله الفيصل أكاد أشك في نفسي لأني أكاد أشك فيك وأنت مني.. فما بالك أن مرسي لا نشعر أنه منا ولو حذفت أيضاً أكاد لأننا على وجه اليقين نشك فل يتبقى شيء سوي الثورة وليس فقط الشك.