لا يوجد عربي يعول علي القمة العربية. لكنها قمة تحظي بنسبة مشاهدة عالية، ولا مسلسل «نور ومهند»، فالشعوب العربية مكتئبة، وتشمشم علي أي عرض كوميدي يدخل البهجة والسرور علي قلبها. للأسف الشديد فاتني كلمة القائد العقيد «هو حيترقي ويبقي لواء إمتي؟ ده اللي في سنه ممكن يبقي مشير» معمر القذافي. لكنني علمت من بعض شهود العيان أنه سخر من حجم أمير قطر وقال عنه: «هو أقدر مني علي ملء الفراغ.. هيع هيع هيع». كنت أجلس الجلسة المخصصة للقمة العربية، يعرفها جميعكم، الجلسة نفسها التي تجلسها وأنت تتابع مسرحية «العيال كبرت». بدأ عمرو موسي كلمته، بعد جملتين، اعتدلت في جلستي باهتمام، الرجل يقدم اقتراحات عملية، وكويسة ورخيصة وبنت ناس، بعيدا عن الشجب والتنديد والإدانة: طلب من الدول العربية إعداد ملف يشكل موقفا موحدا حيال السلاح النووي الإسرائيلي، وتشكيل قوة حفظ سلام عربية بدلا من احتلال القوي الأجنبية لأراضينا تحت مسمي حفظ السلام لحماية العرب من العرب، وتدشين رابطة إقليمية ملحقة بجامعة الدول العربية لضم كل من تركيا وإيران والدول الأفريقية - يذكر أن الدول الأفريقية في يوم من الأيام كانت حليفة العرب، وهي الآن تزداد في التباعد، بينما تنشط إسرائيل فيها مستغلة فقر الناس -، إطلاق حوار عربي إيراني يكلف به الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولم ينس أن يعبر عن تفهمه لمخاوف بعض الدول العربية من الدور الإيراني، لكنه ذكر أن الخلاف العربي الإيراني يعد ثانويا إذا ما قورن بالقضايا الملحة والآنية، وشدد علي ضرورة الحوار مستشهدا بالغرب الذي يختلف مع إيران جذريا، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الحوار، فما بال العرب يقاطعون دولة يجمعهم بها نقاط اتفاق أكثر مما يفرقهم عنها قضايا خلافية؟، وأكد أن إسرائيل ليس لها مكان في الرابطة الإقليمية العربية، واضطر لتوضيح الأسباب بالرغم من وضوحها لكل ذي عينين، وطالب بدراسة كل الخيارات المتاحة كخطط بديلة إذا ما فشلت عملية السلام - وما رضيش يصدمهم في مشاعرهم ويقول لهم إنها فشلت فعلا - وتحدث عن الفتن الطائفية والمذهبية، وقال إنها لا تقل خطورة عن وجود الاحتلال في الأراضي العربية، أو تهديد السلاح النووي الإسرائيلي، ثم عادت أجواء مسرحية ا«لعيال كبرت» في القاعة وهو يقترح حلولا عملية لمشاكل العراق والصومال والسودان، بالتحديد المشهد الذي كان يتحدث فيه كمال السكري عن كيفية حل مشكلة هرب والدهم، بينما عاطف يلعب مع أخته، وسلطان يرقص. الرجل يقترح حلولا بسيطة وفعالة، بينما يلعب أحد رؤساء الدول العربية في الميكروفون، وينظر آخر في السقف، ويتحدث ثالث مع زميله علي الدكة، ويتمشي رابع في القاعة، ويرتدي القذافي نظارة شمس وينظر إلي المدي. والراجل يا قلبي عمال ينتع في قلبه، وختم كلمته بأن ولايته قد شارفت علي الانتهاء، وأنه سايبها لهم مخضرة، وتظل اقتراحاته مجرد كلمات، لأن أصحاب القرار كانوا يلعبون كيلو بامية وهو يطرحها عليهم. المشكلة ليست في صعوبة الحلول، ولكن فيمن هم منوط بهم اتخاذ القرار لتفعيل الحلول. ناس لها أردوجان وناس لها ترتر.