أطلق علماء الآثار المشاركون فى الندوة العلمية التى نظمها الاتحاد العام للاثريين العرب صرخة تحذير، مؤكدين أن تداعيات ثورة يناير فى ظل غياب أمنى واندساس عناصر مخربة بين المتظاهرين السلميين أدت لضياع كنوز أثرية وتراث عمرانى لم تشهده مصر فى أى فترة من فترات تاريخها المجيد. صرح بذلك الدكتور عبد الرحيم ريحان مقرر إعلام الاتحاد العام للآثاريين العرب المشارك فى الندوة العلمية الذى عقدت بالمجلس الأعلى للثقافة بساحة دار الأوبرا مساء امس الثلاثاء بالتعاون مع الجهاز القومي للتنسيق الحضارى وقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة الأزهر
من جانبه أكد الدكتور محمد الكحلاوى أمين عام الاتحاد العام للآثاريين العرب فى كلمته خلال الندوة أن ما تتعرض له آثار مصر من تدمير من تداعيات ثورة يناير يمثل كارثة بكل المقاييس بعد حرق مجلس الشوري والمجمع العلمي ومبني مصلحة الضرائب ونهب كنوز قصر قازدوغلى (مدرسة على عبد اللطيف) بميدان سيمون بوليفار والسطو على مخازن الآثار بالشرقية والجيزة وتدمير الآثار الإسلامية النادرة ببولاق أبو العلا والتعدى على آثار دهشور ومعظم المواقع الأثرية وعمليات الحفر غير المشروعة والبناء دون ترخيص بجوار المواقع الأثرية.
وأشار إلى أن هذه التعديات وقعت فى ظل وجود وزارة دولة لشئون الآثار بدون موارد بل وتلزمها الدولة بدفع 20\% من إيرادها للدولة فى ظل كساد سياحي مما ينعكس بالسلب على الآثار لعدم وجود موارد لحمايتها وكل هذا يذكر بما حدث بالعراق مع الاختلاف بأن آثار العراق دمرتها جيوش الاحتلال وآثار مصر يدمرها المصريون أنفسهم.
وطالب الكحلاوى بترميم البشر قبل ترميم الحجر وطالب محافظ القاهرة بإيجاد حل عاجل لسور مجرى العيون الذى تحول لمقلب ضخم للقمامة مما يهدد الأثر بالدمار وأشار إلى أن الندوة كشفت عن جريمة سرقة قصر قازدوغلى باشا بميدان سيمون بوليفار فى تظاهرات نوفمبر الماضي وهو القصر الذى أنشأه قازدوغلى باشا عام 1900 وأثثه بأفخم الأثاث الذى نفذته مؤسسة أنطون كريجر بباريس عام 1917 .
وقال سمير غريب رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى " إن الجهاز قدم 37 بلاغا للنيابة العامة عن تدمير مبان أثرية منذ عام 2009 وحتى الآن ولم تبدأ النيابة فى التحقيقات إلا فى بلاغ واحد".
وطالب كل محافظة بتشكيل لجنة لحصر المبانى التراثية بها ليصدر بها قرار رئيس مجلس وزراء ، وأشار إلى أن هناك 11 محافظة لم تقم بهذا الحصر حت الآن كما قام الجهاز بتوقيع بروتوكول تعاون مع اليونسكو أسفر عن وضع أسس ومعايير لحدود القاهرة التاريخية التى سجلت تراثا عالميا دون خارطة حدودية وتم إدخال المقابر الأثرية ضمن حدودها وسيعلن عن اتمام الحدود النهائية من مركز التراث العالمى بمؤتمر صحفى فى مارس المقبل.
فى سياق متصل ، واوضح د. عبد الرحيم ريحان مقرر إعام الاتحاد العام للأثاريين العرب أن توصيات الندوة تضمنت المطالبة بمسح ميدانى لكل المواقع الأثرية المتضررة من تداعيات الثورة وكذلك أعمال التعدى على الآثار قبل الثورة وإصدار مرسوم رئاسى بإزالة كافة التعديات حتى ولو تطلب ذلك تدخل الجيش وإنشاء قطاع أمنى خاص بالإزالة الفورية للتعديات على المواقع الأثرية والمخازن والمتاحف وتحديد الجهة التى تشرف على الآثار لإنهاء وضع الإشراف المزدوج على المساجد الأثرية التابعة للأوقاف والذى تسبب فى سرقات العديد من المساجد الأثرية.
كما أوصت الندوة بمشاركة خبراء ترميم الآثار فى أى مشاريع لترميم الآثار وعدم الاعتماد على شركات مقاولات تفتقر إلى الخبرة فى ترميم الآثار وتنمية وتطوير المواقع الأثرية بمشاركة فعلية للمجتمع المحيط بالأثر وإشراك المجتمع المدنى فى الحفاظ على الاثار وتوفير الإمكانات المادية والبشرية المؤهلة لإدارة التعديات بوزارة الآثار.
وتضمنت التوصيات ، ضرورة إنشاء موقع إلكترونى للتعريف بالآثار المفقودة والمسروقة وتدريس مادة آثار منذ المرحلة الابتدائية والتنسيق بين الجهات المختلفة للحفاظ على الآثار ومطالبة الشباب بتكوين دروع بشرية لحماية الآثار من العناصر الفاسدة المندسة بين المتظاهرين وزيادة برامج التوعية بقيمة الآثار وكيفية حمايتها بالإعلام المصرى ووضع قضايا الآثار وحمايتها ضمن الأولويات الواجب التصدى لها بخطط فعلية وفاعلة.
شارك فى الندوة لفيف من أساتذة الآثار والهندسة وقد مثل الجهاز القومى للتنسيق الحضارى الأستاذ سمير غريب رئيس الجهاز والدكتورة سهير حواس رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث والسياسات بالجهاز ، ومثل كلية الهندسة جامعة الأزهر الدكتور صلاح زكى خبير التراث والأستاذ بالكلية والمهندسة رباب محمد إبراهيم ، ومثل مركز إحياء تراث العمارة الإسلامية المهندس ثروت زهران مدير المشروعات بالمركز ، ومثل مكتبة الإسكندرية الدكتور خالد عزب مدير المشروعات الخاصة بالمكتبة ، ومثل كلية الآثار جامعة القاهرة الدكتور عاطف عبد اللطيف الأستاذ بقسم الترميم بالكلية ، ومن الجامعات الخاصة الدكتورة أميمة الشال ، وشملت الندوة دراسات للدكتورة رحاب عبد المنعم والدكتورة منى زكريا والمهندس محمد حمزة.