حصلت «الدستور الأصلي» على نص الخطاب الذى أرسلته وزارة الداخلية إلى الإدارة العامة للتسويق والمبيعات وخدمة العملاء بهيئة السكك الحديدية، والخاص بطلب نقل مجندى الأمن المركزى من محطة أسيوط إلى القاهرة، وأسفر عن وقوع كارثة قطار البدرشين التى أودت بحياة 19 مجندا وإصابة أكثر من مئة. جاء الخطاب فى نَصّه يقول «رجاءً التكرم بالموافقة على قيام قطار مخصوص حربى أيام 3 و13 و14 /1/ 2013 وذلك لترحيل عدد 3168 (ثلاثة آلاف ومئة وثمانية وستون) شابا للتجنيد من محطة أسيوط إلى محطة القاهرة بواقع 1056 فقط (ألف وستة وخمسون) راكب تجنيد كل يوم من أيام الترحيلات الثلاثة على أن يكون القطار درجة ثالثة متطورة وأن يغادر محطة أسيوط الساعة السادسة مساء فى كل يوم ترحيلات، ومستعدون لدفع القيمة نقدًا، وتفضلوا بقبول فائق الاحترام، مدير إدارة الترحيلات».
من ناحية أخرى، كشفت التحقيقات التى أجراها أسامة حنفى رئيس نيابة حوادث جنوبالجيزة، واستمع فيها إلى شهادة مسعد عبود مدير الإدارة المركزية للتسويق بمحطة رمسيس بالقاهرة، عن مفاجآت مؤلمة، تضمنت الإشارة إلى الفساد الموجود بهيئة السكك الحديدية والذى يمد بجذوره إلى سنة 2004، حيث تم تقسيم قطاعات السكة الحديد إلى قطاع المسافات الطويلة، وقطاع المسافات القصيرة، وقطاع البضائع، وأوضح الشاهد أن القطار الذى تم تخصيصه لنقل المجندين، يقع فى الشريحة الثانية بقطاع المسافات القصيرة، رغم أن تذكرته تصل إلى 42 جنيها.
استوقفت هذه الكلمات رئيس النيابة، لكون المسافة من أسيوط إلى القاهرة مسافة طويلة، فكيف يُخصص لها قطار من الشريحة الثانية، وهنا رد الشاهد قائلا إن ذلك بسبب التقسيمة الشؤم بالسكة الحديد منذ 2004 وحتى الآن، موضحا أن تقسيمة القطارات فى السكة الحديد لا تتبع المسافة وفقا لتسميتها، لكن تتبع طبقتى الغِنى والفقر، أى قطارات معينة للغلابة، وقطارات أخرى للأغنياء ممن يدفعون سعرا عاليا للتذكرة، حيث إن قطاع المسافات الطويلة يضم القطارات السريعة مثل الإسبانى، والتوربينى، والمميز، بينما يضم قطاع المسافات القصيرة قطارات الغلابة المتمثل فى القطارات المطورة وقطارات القشاش، وأضاف الشاهد، مدير الإدارة المركزية للتسويق، أنه بناء على تلك التقسيمة تم تخصيص قطار ركاب قشاش لقطع مسافة طويلة، رغم أنه غير مخصص لذلك.
الشاهد لم يقطع أمام النيابة بشخص المسؤول عن تخصيص ذلك القطار القشاش لنقل الركاب، وعما إذا كان نوع القطار عُرفا متبعا فى تلك التعاقدات مع وزارة الداخلية من عدمه، وكذلك تحديد المسؤول عن تحديد سعر التذكرة التى تم بناء عليها تحديد نوع القطار.
وأمرت النيابة بتكثيف تحريات رجال المباحث حول تلك المسألة، وأمرت باستدعاء مدير إدارة التسويق بمنطقة وسط الصعيد، ومديرى إدارات التشغيل والصيانة لمناقشتهما أيضا.
من جانب آخر، علمت «الدستور الأصلي» أن وزارة الداخلية أرسلت خطابا إلى هيئة السكك الحديدية تطالبها فيه بتخصيص قطارات لنقل آلاف المجندين من أسيوط إلى الجيزة، تمهيدا لنقلهم إلى معسكرات تدريبية لبدء خدمتهم العسكرية، ولم يحمل الخطاب توقيع مدير أمن أسيوط، وإنما جاء موقَّعا من مدير إدارة الترحيلات بالمديرية بصفته المسؤول عن عمليات نقل الأفراد الخاصة بوزارة الداخلية.
جاء فى الخطاب «نرغب فى تخصيص قطارات لنقل 3168 مجندا، من أسيوط إلى القاهرة فى ثلاث رحلات بمعدل 1056 مجندا فى كل رحلة، أيام 3 و13 و14 يناير، بسعر 42 جنيها للتذكرة» وقد كانت الرحلة الأخيرة هى رحلة الموت التى شهدت الحادثة فى محطة قطار البدرشين، والذى أسفر عن مصرع 19 مجندا وإصابة 117 آخرين.