في مكتب صغير للمحاماة بمدينة فيصل بالإسكندرية وجه القطب الإسلامي الشهير «طلال الأنصاري» في حديثه ل «الدستور» نقداً لاذعاً للحركة الإسلامية في مصر التي سطر بنفسه جزءًا من تاريخها في السبعينيات من القرن الماضي في القضية الأشهر وقتها والتي عرفت باسم «الفنية العسكرية». وعلي الرغم من الحكم عليه سابقاً بالإعدام في قضية «الفنية العسكرية»، فإنه امتلك الشجاعة الكافية للاعتراف بفشل الحركة الإسلامية في أهدافها وفي تحركاتها معترفاً بأنها لا تمثل أي قوة حقيقية في الشارع بعد أن تخلت عن آلام الشعب وأزماته... وإلي نص الحوار.. ما قوة الحركة الإسلامية في الشارع السكندري؟ - ليس لها أي قوة حقيقية لأن الشارع يقيس نجاح الحركات بمدي قدرتها علي التفاعل مع همومه وآلامه، والجميع عاجز عن ذلك بما فيهم الحركات الإسلامية لذلك لا نستطيع أن نقول إن للحركات الإسلامية قوة فعلية. هل نجحت الحركات الإسلامية في مصر أن تصبغ المجتمع بصبغة إسلامية؟ - عجزنا تماما وكل ما نجحنا فيه الحجاب المشوه الذي ترتديه الفتايات وتشوه به صورة الحجاب والإسلام في محاولة منها للتكيف مع أمر شرعي وتحاول أن تمسك باليد الأخري أشكال التبرج الموجودة في الغرب، وهذا مثال واحد علي ثمار الحركة الإسلامية في الشارع والتي تدل بشكل عام علي فشل ذريع لها في أسلمة المجتمع كما تهدف كل الحركات الإسلامية. كيف تري الخلافات بين الحركات الإسلامية الموجودة؟ كلها خلافات نظرية ليست لها قيمة أو معني والناس تنظر إليها نظرة سلبية، ولسان حالهم يقول إن كل هؤلاء فاشلون لأن خلافاتهم علي تصورات بعيدة في الأساس عن واقع الناس المرتبط بأزماته الاقتصادية والاجتماعية اليومية، فالقوي الإسلامية الموجودة لم تقدم حلولا إسلامية لأزمات المجتمع تستطيع أن تنقذه من بحور الفساد التي يغرق فيها. ما الخطأ الذي ارتكبته الحركة الإسلامية لتصل إلي ما هي عليه الآن؟ - الخطأ الأول الذاتية وانعدام الإخلاص والتجرد لله، فعندما تدخل الذاتية والبحث عن منافع خاصة تكون النتيجة في النهاية فشل المشروع الإسلامي، وإن كان فشل تحقيقه عند الناس لا يعني فشل النظرية وإنما عجزنا نحن كإسلاميين عن تحقيق المشروع الإسلامي بسبب سلبياتنا وأخطائنا، وفي جميع بلدان المنطقة العربية لا يوجد نموذج إسلامي يحتذي به، فالفشل عام وشامل. كيف تري مستقبل الحركة الإسلامية في ضوء الوضع الراهن؟ - الذي يحدد المستقبل القريب هو رجل الشارع العادي وليس أصحاب النظريات والأفكار والحركات، لأن رجل الشارع هو سيد الموقف في الفترة القريبة القادمة وعليه أن يبحث عن حل لأزماته؛ فإن اختار الحل الإسلامي فسيفتح ذلك أفقًا جديدًا في تاريخ الحركة الإسلامية وإن كان غير ذلك فستشهد الحركة الإسلامية مزيداً من الفشل والتراجع، وعلي الحركة الإسلامية أن تحاول جاهدة استثمار ما تبقي من فرص. كيف تري ترتيب الحركات الإسلامية من حيث الوجود في الشارع المصري والسكندري بشكل خاص؟ - طبعا لا يوجد خلاف أن أقوي فصيل إسلامي هو الإخوان المسلمين ولا توجد قوة حقيقة قادرة علي فعل شيء في الشارع أو تحريك الجماهير كما هو الحال مع جماعة الإخوان التي استطاعت أن تبني لنفسها قاعدة كبيرة من الأعضاء والمؤيدين والأتباع، حتي الحركة السلفية التي تزايد أعضاؤها وأتباعها الفترة الأخيرة حصرت نفسها في منهج معين وفي إطار معين لا يمكناها من الانتشار في الشارع وتحقيق مشروعها في الشارع أو أن تحمل أحلام وطموحات الشعب لأن الإسلام ليس فقط عبادات، ولكن يتمثل في التواصل مع الناس وأن تجد حلولا حقيقية لمشاكلهم وفقاً للرؤية الإسلامية وهذا غير موجود من الجماعة السلفية أو أي فصيل إسلامي موجود في الشارع، وهنا يتساوي ترتيبهم لأنهم لا ينظرون إلي فكرة أسلمة المجتمع بمنظور صحيح مثل التبليغ والدعوة والجمعية الشرعية.. وغيرها، ولكن تبقي الإخوان ذات الصيت الأكبر والانتشار الأوسع بين أخواتها من الحركات الإسلامية في مصر وهذا في الشارع المصري بشكل عام والشارع السكندري كنموذج. كيف تري حراك الطرق الصوفية في الآونة الأخيرة وصعودها علي سطح الأحداث؟ - الطرق الصوفية لها تاريخ كبير في مقاومة أعداء الإسلام من التتار والصليبيين وحتي الاستعمار، لكن السؤال الآن: هل تستطيع أن تعود الطرق الصوفية إلي سابق عهدها وتدافع عن حسام الوكيلالإسلام أم لا؟، ولكن الطرق الصوفية الموجودة الآن مختلفة عن أصولها والفارق كبير، والصوفية حصرت نفسها في أن الإسلام شكل من الأشكال الروحية الذي يمثل الغياب عن الواقع ولكن حقيقة الإسلام ليست كذلك.